الأربعاء، 04 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/06م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مقتل خاشقجي... واقعة وعبر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مقتل خاشقجي... واقعة وعبر

 

 

 

الخبر:

 

مقتل الخاشقجي...

 

التعليق:

 

بعيد ساعات من دخول الخاشقجي قنصلية السعودية في إسطنبول في تركيا بتاريخ الثاني من الشهر الجاري، ملأ هذا الخبر الصفحات الأولى لوسائل الإعلام المكتوبة وحاز على المرتبة الأولى في نشرات الأخبار المرئية والمسموعة، وأصبح حديث السياسيين والرأي العام العالمي، وإزاء هذا الاهتمام الكبير، نذكِّر ببعض العبر من تلك الجريمة النكراء التي تنأى عن مثلها وحوش الغاب:

 

العبرة الأولى: نستشفها من قول الله عز وجل: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ﴾، ومن الحديث المرفوع عن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله r أنه قال: «مَنْ أَعَانَ ظَالِماً سَلَّطَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ».

 

لقد قضى جمال خاشقجي معظم حياته متزلما عند حكام بلاد الحجاز، وكان مستشارهم المؤتمن حتى لمخابراتهم، ومدافعا عنهم وعن نظام حكمهم، وربما متسترا عن بعض ما علم من جرائمهم السرية بحكم موقعه، ومبرراً لملوكهم تسلطهم! ثم بعد وصول ابن سلمان لولاية العهد، وانقلابه على كل الأعراف القائمة، بل على عائلته، سافر خاشقجي إلى أمريكا، بعد أن لم يجد له دورا في ظل دكتاتورية ابن سلمان، ثم ما لبث أن انتهى به المطاف بتسلط ابن سلمان عليه، فقتله شر قتلة، تعذيباً وتنكيلاً وتقطيعا.

 

العبرة الثانية: بالرغم من فظاعة الجريمة، لكنها وقعت على شخص واحد، وقد اهتمت بكشفها الدول الكبرى وهددوا وتوعدوا القتلة، وكانت محط اهتمام الرأي العالمي، السياسي والشعبي والإعلامي، في الوقت الذي يُقتل فيه يومياً العشرات، إن لم نقل المئات من المسلمين الأبرياء، في فلسطين على أيدي يهود، وفي الشام على أيدي الطاغية بشار ومن والاه وسانده، وفي العراق على أيدي المليشيات الطائفية، وفي ليبيا واليمن وبورما وكشمير وأفغانستان ومالي، وحتى في الصين، وغيرها، ومن بين الضحايا إعلاميون وعلماء، فضلا عن الأطفال والنساء، وهذه الجرائم اليومية ترتكب بيد حكام طواغيت، هم أدوات بيد الغرب كأمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر قتلت الطائرات الأمريكية ليل 2018/10/20، 62 مسلما من الأطفال والنساء في ريف دير الزور ذكرهم الإعلام على استحياء، وكذلك يفعل الروس يوميا بقتل المسلمين.

 

وهنا نتساءل لماذا الاهتمام بقتل شخص والتغاضي عن قتل المئات؟! وهل دماء خاشقجي أغلى من دماء أطفال ونساء المسلمين؟ أم إن دماء وأرواح بقية المسلمين في العالم متفق على سفكها وقتلها؟ وما قصة الخاشقجي إلا جريمة نكراء في مسلسل جرائم هؤلاء الحكام، كُشفت فاستغلتها بعض الدول لتصفية حساباتها السياسية مع سلمان وابنه وسيدهما في البيت الأبيض!

 

العبرة الثالثة: نجدها في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، قال رسول الله r: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ» فحكامنا في هذا الزمان ليسوا منا ولسنا منهم، ونلعنهم وتلعنهم الأمة صباح مساء، وكل من خالفهم قتلوه قتلة لم يُسبقوا إليها، وكلهم في الإجرام سواء لا يختلف ابن سلمان عن بشار، ولا طاغية المغرب، ولا عن فرعون مصر...

 

العبرة الرابعة: نجدها في قول الله تعالى في يهود بني النضير وأمثالهم ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾.

 

لقد دفع سلمان وابنه 500 مليار دولار لأمريكا ظناً منهما أنهما حصنا حكمهما، كما سعى ابن سلمان لنشر العلمانية والرذيلة في أرض الحجاز ولتغيير مناهج التعليم وأنشأ مكتبا مشتركا مع أمريكا لمحاربة الإسلام، والتقى بقادة كيان يهود واعتقل العلماء... فظن أنه حصن حكمه وإذا بحكمه يهتز من حيث لم يحتسب وانطبق عليه ما انطبق على يهود بني النضير، يُخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين، إذ ارتكب جريمة بشكل غبي ففضحه الله عز وجل، وأظهر حقيقته للناس.

 

حتى إن أمريكا تحاول الدفاع عنه وفي الوقت نفسه يخشى ترامب أن يغرق معه فيخسر في الانتخابات النصفية، فإذا بحصنه يتصدع ويكاد ينقلب عليه فيقضي على حكمه.

 

العبرة الخامسة: نجدها في حديث حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله r: «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ُثمَّ سَكَتَ».

 

صدق رسول الله r وتحقق ما أخبرنا عنه، واليوم فنحن في مرحلة الحكم الجبري الذي يتصدع وعلى وشك أن يرفعه الله دفعة واحدة، وتتحقق بشارة النبي r بقيام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة على أنقاض ذلك الحكم الجبري.

 

فلنحث الخطا، ونزيد العمل، ونخلص لله، ونتضرع له بأن يوفقنا لتحقيق وعده سبحانه وبشرى نبيه r، وما ذلك على الله بعزيز.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الشيخ الدكتور محمد إبراهيم

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية لبنان

آخر تعديل علىالأربعاء, 24 تشرين الأول/أكتوبر 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع