خبر وتعليق الكنيسة الكاثوليكية تحاول إسكات ضحاياها بتعويضات شحيحة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
أعلنت لجنة التحقيق التي أنشأتها الكنيسة الكاثوليكية في النمسا للنظر في دعاوى الإغتصاب والإعتداءات الجنسية التي مارسها قساوسة ضد الأطفال على مدى عقود ... أعلنت تحديد سقف التعويضات بمبلغ أقصاه 25.000 يورو للضحية الواحدة، وينخفض هذا المبلغ نزولاً إلى 5.000 يورو حسب الحالة والفترة الزمنية التي تمت فيها الإعتداءات. وأثار هذا الإعلان ضجة في وسائل الإعلام النمساوية وعند الرأي العام، واحتج محاميو الضحايا على هذا المبلغ الزهيد، وقالوا إن هذا الإعلان هو مداعة للدهشة والسخرية وإنه بمثابة صفعة في وجه كل ضحية من قبل مؤسسة لا تملك "الآلاف المؤلفة" فحسب بل "البلايين المُبَلْيَنَة".
التعليق:
يعتبر هذا الإعلان فصلاً جديداً من المراوغة الكنسية ومحاولتها التستر والإنفلات من التوابع في قضية الفضائح الجنسية التي هزت الكنيسة في كثير من بلدان العالم والغربية منها بالذات. فالمبلغ هو شحيح بالفعل مقارنة بالأذى البليغ الذي أصاب بعض الضحايا من لواط واغتصاب وغيره، علماً بأن التعويضات التي تدفع في كثير من البلدان الغربية للضحايا في مثل هذه الجرائم بقرار من المحكمة هي أكثر من ذلك بكثير. والأمر الذي زاد من غضب وكلاء الضحايا أن الفاتيكان وكذلك مجلس الأساقفة النمساوي لم يلزم نفسه باتخاذ إجراءات صارمة ضد الجُناة في صفوف الكنيسة، فبناءً على مبدأ "فصل الدين عن الحياة" الذي تعتنقه الدول الغربية قاطبة فإن الكنيسة تعتبر مؤسسة مفصولة عن الدولة ولها سيادتها الخاصة في مجالها، لذلك فإن تسليم القس الجاني في مثل هذه الحالات إلى القضاء ومحاسبته ليلقى جزاءه لا يتم بشكل تلقائي بل يحتاج إلى قرار من قيادة الدائرة الكنسية التي يخضع لها.
ولقد أكد المجمع الكنسي أنه لن يسلم هؤلاء الجناة إلى العدالة تلقائياً، بل وإن القس الذي يثبت عليه ارتكاب مثل هذه الأفاعيل لن يُعفى تلقائياً من مناصبه ومن إدارته للطقوس الدينية، بل سيُنظر في كل حالة على حدىً.
إن هذه التصريحات وفضائح الإعتداءات الجنسية التي انكشف أمرها في الأشهر الماضية قد أدت إلى ضجر وتذمر واسع في الرأي العام الغربي من الكنيسة ورجالاتها، حتى أن عدد الذين أداروا ظهورهم للكنيسة وخرجوا منها وصل إلى مستويات قياسية، ففي عام 2009 خرج أكثر من 54.000 كاثوليكي من الكنيسة، ويخشى المجمع الكنسي أن يبلغ عدد الخارجين هذا العام جراء الأحداث 80.000 شخص.
إن كل ما تقوم به الكنيسة من محاولات لتحجيم تداعيات الفضائح والتستر عليها لن يحل المشكلة، وما هي إلا ترقيعات لأزمة عميقة الجذور، والتي في أساسها هي مشكلة التَبَتُّل والعُزبة الإلزامية كما يصرح بذلك شخصيات كبيرة من الكنيسة نفسها، فقد أدت العُزبة هذه إلى كبت مظاهر غريزة النوع وإشباعها بهذا الشكل الشاذ. والأرجح أن يبقى البابا وقيادات الكنيسة على إصرارهم في رفض الزواج للقساوسة وإلزامهم بالتبتل، فإن هذا الفكر من الأفكار الأساسية التي قامت عليها الكنيسة منذ ما يقارب الألفي عام، فلن تستطيع التخلص منها بسهولة خصوصاً وأن هناك منافع مادية مرتبطة بقضية الرهبنة هذه كما بينا في تعليقات سابقة، فلن تستطيع أوروبا التخلص من هذه الفكرة وغيرها من الأفكار التي تخالف فطرة الإنسان إلا إذا أضيئت بنور الإسلام.
{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
المهندس شاكر عاصم
الممثل الإعلامي لحزب التحرير
في البلاد الناطقة بالألمانية