- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
أفغانستان ووجوب الوعي السياسي
الخبر:
قال نعيم خلال اللقاء الذي بث على صفحة "عربي21" بالفيسبوك، "إن المباحثات التي تجري في الدوحة منذ نحو 10 أشهر مع وفد الحكومة الأفغانية، تتواصل على قدم وساق، بما يضمن حل مشاكلنا في أفغانستان، وإقامة دولة إسلامية، بعد انسحاب كافة القوات الأجنبية". (لندن- عربي)
التعليق:
إن الوعي السياسي واجب شرعي حتى لا تكون التضحيات وأرواح الأبرياء وصيحات الثكالى صرخة في واد، وحتى لا تراق الدماء لإقامة حكم لا يقيم وزناً لحكم الله؛ بل بسلطان الولايات المتحدة وقوتها وأدواتها، وللأسف لم تتعلم طالبان من خيانة حكام باكستان لها، وكيف شاركوا بمحاربتها بعد انقلاب أمريكا عليها في ما سمي الحرب على الإرهاب، ولم تتعلم من خيانة ودور حكام إيران في الحرب عليها وقوات الشمال، ولم تتعلم من تسليح أمريكا لها لإجلاء الاتحاد السوفيتي من أفغانستان ثم الانقلاب عليها، فهل يعقل أن تخسر طالبان بقلم وورقة ما حققته في الحرب الطويلة، فالله وعد الصابرين والثابتين بالنصر حتى وإن كانوا أقل من العدو قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين﴾.
والوعي السياسي ليس الوعي على الأوضاع السياسية أو الموقف الدولي أو الحوادث السياسية أو تتبع الحوادث السياسية، بل هذا التحليل السياسي وفهم الواقع وإن كان هذا مطلوباً ومهماً وضرورياً ولازماً وحتميا فهم ما يجري لإنزال وتحديد الموقف منه لكن الوعي السياسي هو النظر إلى العالم من زاوية خاصة هي وجهة النظر، أي من زاوية العقيدة التي تنبثق عنها كافة المعالجات وتحدد لكل شيء وفعل حكما وهي عندنا بصفتنا مسلمين العقيدة الإسلامية التي تنبثق عنها كافة الأحكام التي تعالج أفعال الإنسان، فنحن ننظر إلى العالم من زاوية الإسلام؛ زاوية لا إله إلا الله محمد رسول الله، زاوية «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ». (متفق عليه).
إن الوعي على مخططات الغرب تجاه الإسلام والأمة ومصالحها لهو فرض عظيم، وقد علمنا القرآن الكريم الوعي السياسي، وكذلك الكشف السياسي في أكثر من موقف، حيث قال تعالى: ﴿وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أو يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ ويمكر الله وَاللّهُ خيرُ الْمَاكِرِينَ﴾، وأخبر الوحي عن محاولات قريش لقتل محمد ﷺ، وكشف مخططات الكفار في محاولة تمييع الإسلام وجعله يقبل بمفاهيم وحضارات وأحكام الكفر، فقال جل شأنه: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾، وكشف تواطؤ الكفار على دولة الإسلام في غزوة الخندق، والكثير مما ورد في كتاب الله، ولم يكتف القرآن بهذا بل أمرنا بمعرفة سبيل المجرمين حيث قال تعالى: ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾، فالأصل في المسلمين كما قال ابن القيم رحمه الله: "فالعالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريق الموصل إلى مقصوده، والطريق الموصل إلى الهلكة، فهؤلاء أعلم الخلق، وأنفعهم للناس، وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة". (كتاب الفوائد لابن القيم الجوزية).
وخطاب الرسول هو خطاب لأمته، وتستبين معناها تتبين، أي من البيان والتفصيل، وسبيل جاءت نكرة مضافة، وهي تفيد العموم؛ فعلى العاملين للإسلام أن يستبينوا كل سبيل للغرب الكافر وأساليبه وأدواته، وليكونوا على دراية بها حتى لا يقعوا في مكائده، فهذا عمر رضي الله عنه فيما روي عنه يقول: "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني". فالأصل في المسلمين أن يتمثلوا هذه المقولة الرائعة "لستُ بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يَخدعُني" والمعنى: لستُ بالماكر المُخادع، ولكنَّه لا يُمكن أن يخدعه الماكِر المراوغ؛ فليس المُؤمن مُخادعاً غادراً، كما لا يَسمح لغيره أن يغدر به.
فمتى ندرك أهمية ووجوب الوعي السياسي كي لا نقاتل لمصلحة العدو والمحتل، ولكي لا تذهب التضحيات سدى؟!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان
#أفغانستان
Afghanistan#
Afganistan#