- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يستطيع الغرب إرغام الأمة على التراجع عن إقامة دولتها القوية؟
الخبر:
تعليقاً على خروج أمريكا المفاجئ من أفغانستان، وجّه توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق كلمات قاسية للغرب، قال فيها: "إنّ ضغط الضرورات السياسية قصيرة المدى يعطي كلاً من حلفاء ومعارضي المجتمعات الليبرالية المفتوحة انطباعاً بأن عصرنا قد انتهى". ولم يكن بلير الوحيد الذي انتقد أمريكا والدول الغربية الأخرى التي انسحبت من أفغانستان. وقالت صحيفة الإيكونوميست: إن "حرب أمريكا في أفغانستان تنتهي بهزيمة ساحقة" وأضافت: "يجب على القوى الغربية قبول الهزيمة والتعامل بواقعية مع طالبان" (الجارديان)
التعليق:
على الرغم من أن هذه تقييمات نقدية حول هزيمة الغرب في أفغانستان، إلا أن أمريكا كانت الأكثر معاناة من باقي الدول الغربية، حيث تقدّر تكلفة الحرب الأمريكية التي استمرت عشرين عاماً بنحو 2.26 تريليون دولار، أي ما يعادل 300 مليون دولار يومياً أو 50 ألف دولار لكل فرد من سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليوناً. كما أن التكلفة البشرية أسوأ بكثير، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى أن 2500 أمريكي لقوا حتفهم، بينما بلغ عدد القتلى الأفغان 167.000، والأرقام الحقيقية أعلى بكثير من هذه، وقد لا تُعرف أبداً. والضرر الحقيقي لأمريكا هو ما لحق بسمعتها باعتبارها القوة العظمى المهيمنة في العالم، والهزيمة على أيدي 75.000 من مقاتلي طالبان، قليلي العدة والعتاد، كان أسوأ مما عانى منه البريطانيون والسوفييت في أفغانستان. ولم يعد حلفاء أمريكا يعرفون أين يقفون، بينما تطمح القوى الرجعية مثل روسيا والصين إلى تمني زوال أمريكا.
لقد تراجعت ثقة أوروبا في أمريكا في توفير الأمن لها، وقد أسرع الاتحاد الأوروبي بجهوده الرامية لإنشاء قوة ردع سريعة لمواجهة التحديات الأمنية ضده. ومصدر التهديد الرئيسي له هو في روسيا، التي انزعجت مؤخراً من التدخل الأمريكي المتكرر في علاقاتها مع أوروبا. ولخّص أرمين لاشيت مرشّح ألمانيا المحافظ لخلافة أنجيلا ميركل، لخّص مزاج الأوروبيين بالقول: "يجب علينا تقوية أوروبا حتى لا نضطر أبداً إلى ترك الأمر للأمريكيين".
وبالمثل، فإنه يجب أن يكون لدى حلفاء الولايات المتحدة المجاورين للصين، والذين يعتمدون على القوة الأمريكية، فيجب التنبّه إلى مدى التزام واشنطن بأمنهم. وقد أثار انسحاب بايدن السريع من أفغانستان واستخفاف ترامب بالحلفاء القدامى مثل كوريا الجنوبية واليابان لدفع ثمن الحماية الأمريكي بعض الاشمئزاز والقلق. فقد أعرب المحافظون في كوريا الجنوبية عن مخاوفهم من أن أمريكا قد تنسحب أيضاً من شبه الجزيرة الكورية تاركة إياهم تحت رحمة كوريا الشمالية والصين.
قد تبتهج روسيا والصين، ولكن من المشكوك فيه أن كلا البلدين يمكنهما الاستفادة من خروج أمريكا من أفغانستان. ومن المرجّح أن تتفاقم حالة عدم الاستقرار في أفغانستان، مما يزيد من احتمالية التقلبات في دول آسيا الوسطى، الأمر الذي سيبقي روسيا منشغلة وبعيدة عن أوروبا. وبالمثل، فإنه من المرجح أن تلتهب حدود الصين مع أفغانستان وتعزز من المقاومة والتمرد في تركستان الشرقية، وهذا سيمنع الصين من تركيز جهودها على جبهتها الشرقية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنه من الصعب تخيل قيام كلا البلدين بغزو أفغانستان لإحباط الاضطرابات التي طال أمدها. فالروس ليس لديهم فقط سجل سيئ في الحفاظ على الاحتلال خارج حدودهم، ولكن في المرة الأخيرة أجبروا على مغادرة أفغانستان محطَّمين ومدحورين. وعلى الرغم من تفوق الصين العسكري، إلا أنها لم تحتل أبداً في تاريخها دولاً إلى الغرب من حدودها. وعلاوة على ذلك، فإن جيش التحرير الشعبي الصيني لم يتم اختباره مقارنة بجيوش القوى العظمى الأخرى التي قاتلت وخسرت في أفغانستان.
وإذا كان الغرب في حالة تراجع وكانت القوى الدولية متخوفة من التدخل، فمن هو المرجح أن يكون المستفيد من سيطرة طالبان على أفغانستان؟ وبحسب توني بلير فإن الجهاديين سيستفيدون أكثر من غيرهم، ويؤكد أن "الإسلاموية" هي أكبر تهديد أمني للغرب. ولكن لكي يكون الإسلام قادراً على تهديد الغرب، فإنه يجب أن يتجسد ذلك في دولة قوية تطبق الإسلام بشكل كامل وشامل، وإعلان طالبان عن حكومة مؤقتة ضمن المعايير الغربية وعدم قدرتها على صياغة دستور شامل مستنبط من القرآن والسنة، يجعلها مستبعدة من قائمة المتنافسين.
وإذا اغتنمت البلاد الإسلامية المجاورة لأفغانستان هذه الفرصة الجيوسياسية لتحرر نفسها بشكل دائم من القوى الأجنبية واتحدت مع أفغانستان لتأسيس دولة موحدة، فإن هذا سيقضي على الهيمنة الغربية في المنطقة، كما أنه سيضع حداً لتطلعات القوى التعديلية في التغلب على الغرب، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا إذا وحّد المسلمون في هذه البلاد جهودهم لإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
#أفغانستان Afganistan #Afghanistan#
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي – ولاية باكستان