- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تدهور قيمة الليرة التركية
الخبر:
خسارة الليرة التركية 45 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام و29 بالمئة هذا الشهر وحده أمام العملة الأمريكية. (2 كانون الأول 2021)
التعليق:
تكشف الأحداث والمصائب التي تهوي على رؤوس المسلمين يوماً بعد يوم كم نحن بحاجة ماسة لدولة محترمة مستقلة فعلاً في قرارها السياسي والاقتصادي والمالي والعسكري.
وقد اخترت في هذه العجالة عدم الدخول في السجال القائم بين الجماهير المؤيدة للرئيس التركي والجماهير المعارضة له أو الشامتة به، ولكن اخترت التحليق فوق الواقع المؤلم والانتقال في الرؤية والتصور إلى هناك؛ إلى الحياة الإسلامية الراشدة في ظل الخلافة على منهاج النبوة.
بداية أقول إن الأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، ومن ضمنها مشكلة التضخم، هي مشاكل متلازمة مع النظام الرأسمالي الاقتصادي؛ في نظامه المصرفي وفي طبيعة شركاته المساهمة ونظامه النقدي الورقي وأسواقه المالية وغير ذلك مما هو مصداق قوله تعالى ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً﴾.
وهكذا أزمات لا يصح ولا يمكن حلها من داخلها، بل لا بد من القضاء عليها بشكل جذري.
وللقضاء جذرياً على الأزمة الناتجة عن النظام النقدي الحالي فإنه لا بد من الرجوع إلى نظام القاعدة الذهبية، سواء بالتعامل المباشر بالذهب أو بأوراق نائبة عنه قابلة للتحويل لذهب بدون قيد أو شرط. فهو نظام يحفظ الاستقرار ويؤدي إلى الازدهار في النشاط الاقتصادي دون هيمنة لدولة على أخرى، ولا تستطيع الدولة في مثل هذا النظام زيادة حجم الكتلة النقدية لأنها ملزمة بالرصيد الذهبي، على النقيض من نظام الأوراق الإلزامية.
ونظام النقد المعدني، قبل كل شيء هو النظام الشرعي للنقد ولا يصح أن يكون إلا كذلك للأدلة الشرعية الواردة في ذلك؛ (للتفصيل يراجع كتاب الأموال في دولة الخلافة لمؤلفه عبد القديم زلوم رحمه الله).
ومما جاء في الكتاب المذكور في موضوع كيفية الرجوع إلى قاعدة الذهب، قول المؤلف "للرجوع إلى قاعدة الذهب... يُعمل ما يلي:
1- إيقاف طبع النقود الورقية.
2- إعادة النقود الذهبية إلى التعامل.
3- إزالة الحواجز الجمركية من أمام الذهب، وإزالة جميع القيود على استيراده وتصديره.
4- إزالة القيود على تملك الذهب، وحيازته، وبيعه، وشرائه، والتعامل به في العقود.
... إن هذه الخطوات إذا قامت بها دولة واحدة قوية، فسيؤدي نجاحها إلى تشجيع الدول الأخرى على اتباعها في ذلك، مما يؤدي إلى تقدم نحو إعادة نظام الذهب إلى العالم مرة أخرى.
وليست دولة أجدر من دولة الخلافة من القيام بذلك؛ لأن العودة إلى قاعدة الذهب والفضة حكم شرعي بالنسبة لها، ولأن دولة الخلافة مسؤولة عن العالم مسؤولية هداية ورعاية".
ومما يجدر ذكره أن الذهب والفضة الموجوديْن في البلدان الإسلامية فيهما كفاية تامة لتمكين دولة الخلافة من العودة إلى قاعدة الذهب والفضة. بالإضافة إلى توافر جميع المواد الخام في البلاد الإسلامية التي تلزم الأمة، ما يجعلها في غنىً عن سلع غيرها احتياجاً أساسياً أو ضرورياً، الأمر الذي سيوفر خروج الذهب لدواعي الاستيراد. كما أن البلاد الإسلامية تملك سلعاً مهمة كالنفط والغاز تحتاجها جميع دول العالم وتستطيع دولة الخلافة أن تبيعها بالذهب أو بسلع تحتاجها، ما يجعل احتياطي الدولة من الذهب في ازدياد.
هذا جزء من الحياة الإسلامية الراشدة التي ستكون بإذن الله في ظل الخلافة على منهاح النبوة، وهكذا يكون الاستقلال وهكذا تكون رعاية ثروات الناس؛ وفق شرع الله ولنوال رضوان الله.
وعلى كل مخلص يحب الخير لأهلنا في تركيا ولسائر شعوب المسلمين، أن يجدّ في معرفة الأنظمة الشرعية في الاقتصاد والحكم، وأن يسعى إلى تطبيقها، وأن لا يراهن أو يحلم بالتحرر من أغلال النظام الرأسمالي عبر النظام القائم في تركيا، والأنظمة في البلاد الإسلامية، التي تنتهج العلمانية والوطنية وتسير وفق قواعد الشرعة الدولية والمجتمع الدولي.
الأمر جلل ولا يصح التعامل معه بخفة أوعلى طريقة مشجعي الملاعب!
ويزداد الأمر سوءاً حينما تبتعد عن أذهان المسلمين صورة الحاكم المخلص الذي يعمل بجدية للاستقلال... فاتقوا الله في أمة الإسلام.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. أسامة الثويني – دائرة الإعلام/ الكويت