- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
محاولة روسيا الفاشلة إلقاء اللوم على أوكرانيا في امتلاكها برنامج أسلحة بيولوجية تموله أمريكا
(مترجم)
الخبر:
ذكرت وكالة الأنباء الروسية تاس في 9 آذار/مارس 2022 أن السفير الروسي لدى واشنطن كان يدعي أنه "خلال العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا اكتشفت القوات المسلحة الروسية حقائق متعددة عن تنظيف عاجل لآثار البرنامج البيولوجي العسكري الذي نفذه نظام كييف... ويمتلك الجانب الروسي معلومات عن القضاء على بعض مسببات الأمراض الأكثر ضراوة من الطاعون والأنثراكس والتولاريميا والكوليرا وغيرها من الأمراض المميتة".
بعد ظهر اليوم، في 11 آذار/مارس، تحدث السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، مطولا عن هذا البحث المزعوم للأسلحة البيولوجية في أوكرانيا خلال اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي طلبته روسيا.
التعليق:
جذبت مزاعم روسيا مصداقية في نظر عدد قليل من المعلقين الإخباريين الأمريكيين، مثل تاكر كارلسون، بعد الإبلاغ عن تعليقات وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في 8 آذار/مارس. سألها السيناتور ماركو روبيو: "هل تمتلك أوكرانيا أسلحة كيميائية أو بيولوجية؟" وأجابت بأن "أوكرانيا لديها مرافق أبحاث بيولوجية، في الواقع، نحن الآن قلقون جدا من القوات الروسية، ربما تسعى القوات الروسية إلى السيطرة عليها، لذلك نحن نعمل مع الأوكرانيين حول كيفية منع أي من هذه المواد البحثية من الوقوع في أيدي القوات الروسية إذا اقتربت منها". افترض كارلسون، وهو ليس خبيرا في البحوث البيولوجية، خطأ أن وجود مرافق البحوث البيولوجية في أوكرانيا كان بندقية تدخين - دليل في حد ذاته. ومع ذلك، يثير بيان نولاند سؤالا حول سبب "قلق" الولايات المتحدة الأمريكية بشأن هذه المواد البيولوجية "التي تقع في أيدي القوات الروسية". وتتهم أمريكا روسيا باستمرار أبحاث الأسلحة البيولوجية وتخزينها، فما هي البكتيريا أو الفيروسات المخيفة التي قد يجدها الروس في مختبر أوكراني أليسوا مالكيها هم أنفسهم بالفعل؟ من المؤكد أن لا شيء، ما لم تكن أمريكا تستعين بمصادر خارجية للبحث في تطوير مسببات الأمراض البيولوجية الجديدة كما تدعي روسيا.
راقب العالم بحماس لمعرفة الأدلة التي ستقدمها روسيا في جلسة مجلس الأمن في 11 آذار/مارس. وبعد خطاب طويل ألقاه السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، ألقت أمريكا نفيا مسبقا للتورط في أبحاث الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا، وأكدت أنها دعمت الأوكرانيين في تطوير مختبراتهم للصحة العامة التي اضطلعت بأنشطة بحثية مماثلة لتلك التي تقوم بها أي مختبرات وطنية للصحة العامة. كانت الادعاءات الروسية مجرد محاولة "لإضفاء الشرعية على المعلومات المضللة وخداع الناس"، وفقا للسفير الأمريكي: "سأقول هذا مرة واحدة، أوكرانيا ليس لديها برنامج أسلحة بيولوجية". مثل هذه الادعاءات والنفي بشكل قوي يمكنها ترك الناس غير متأكدين من الذي يجب أن يصدقوه، لولا التجاوزات الصارخة في الملاحظات الافتتاحية المطولة جدا التي أدلى بها فاسيلي نيبينزيا دعما لادعاء روسيا.
وتحدث نيبينزيا عن كيفية قيام المختبرات الأوكرانية "بدراسة انتشار الأمراض الخطيرة"، والتي ذكرها بإسهاب كبير. لسوء حظه، فإن دراسة انتشار الأمراض الخطيرة هي الوظيفة الطبيعية لعدد لا يحصى من المختبرات في كل من البلدان الغنية والفقيرة في جميع أنحاء العالم التي تهتم بمكافحة انتشار هذه الأمراض في كل من البشر والحيوانات. ويطلق عليه علم الأوبئة. ربما كانت ادعاءات نيبينزيا أقل سخافة لو أنه اقتصر على الأمراض البشرية، ولكن من بين قائمته ذكر موجزاً لمرض نيوكاسل، الذي يسببه فيروس شديد العدوى للطيور ومميت في الدجاج ولكنه نادر جدا في البشر وخفيف عندما يحدث ولم يقتل أحدا قط. كما أشار إلى حمى الخنازير الأفريقية، التي تفشل أيضا في أن تكون خطرا على الصحة العامة للبشر. لقد تحدث عن إنفلونزا الخنازير، وهي قاتلة في البشر، وتسببت ذات مرة في تفشٍّ حاد بين الجنود الأوكرانيين، لكنها تسببت أيضا في تفشي المرض في العديد من البلدان، وبالتالي فهي مثال غير مقنع على إطلاق الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا. وارتبطت معظم الادعاءات بدراسة الطيور المهاجرة التي تنشر المرض، وهو مصدر قلق سنوي لجميع البلدان التي تسعى إلى حماية صناعاتها من الدواجن من مجموعة متنوعة من الفيروسات التي تحدث بشكل طبيعي مثل فيروس مرض نيوكاسل، وكذلك الإنفلونزا H5N1 التي يمكن أن تصيب البشر وتحصل بانتظام بأعداد صغيرة في جميع أنحاء العالم. وتشكل متغيرات الإنفلونزا مثل H5N1 مصدر قلق كبير بين علماء الفيروسات بسبب الخوف من أن تتكرر في يوم من الأيام جائحة عالمية مماثلة للإنفلونزا الإسبانية عام 1918. كما كرر ادعاء المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف بأن "المختبرات الحيوية التي أنشئت ومولت في أوكرانيا كانت تجرب عينات من فيروس كورونا" دون تقديم أدلة ودون أن تكون محددة بشأن التجارب.
وادعى الروس أنهم "يمتلكون معلومات عن القضاء على بعض مسببات الأمراض الأكثر ضراوة من الطاعون والأنثراكس والتولاريميا والكوليرا وغيرها من الأمراض الفتاكة". التولاريميا مثيرة للاهتمام لسببين: لأنها مع غيرها هي في الواقع بكتيريا مع إمكانية استخدامها كسلاح بيولوجي محتمل قوي، وأيضا لأنه شائع في مختلف الحيوانات البرية ويمكن أن ينتشر إلى البشر عن طريق أنواع الحشرات القارضة مثل القراد التي ذكرها نيبينزيا بشكل متكرر في السياق العام لنشر الأمراض عن طريق الطيور البرية. ومع ذلك، فإن هذه الوسيلة لنشر التولاريميا ستكون مثيرة للاهتمام للغاية في سياق حماية الصحة العامة من البكتيريا التي تحدث بشكل طبيعي، ولكنها عديمة الفائدة لتوصيل سلاح بيولوجي. من غير المعقول استخدام الحشرات لتوصيل جرعة فعالة إلى منطقة أو تشكيل قوات ولا تنتشر من البشر إلى البشر الآخرين. ولذلك، كسلاح، سيلزم صياغته في نظام إيصال محمول جوا شديد التركيز ليتم تفجيره كقنبلة فوق مدينة أو تشكيل من القوات. وهكذا سوف تتطور الأعراض بعد 3 إلى 5 أيام.
في حين إن أوكرانيا لديها مسببات الأمراض لأبحاث التشخيص والصحة العامة وربما حتى بعض البقايا الخطيرة من أبحاث الحقبة السوفيتية والتي من المحتمل أن تكون قد دمرتها قبل أن تبدأ القوات الروسية في قصفها، وفي حين إنه من المغري الاعتقاد بأن أمريكا ربما تكون قد استعانت بمصادر خارجية لأبحاث الأسلحة البيولوجية في أوكرانيا؛ إما للقيام فيما لا يمكن القيام به في المختبرات الأمريكية عالية التنظيم أو لإثارة الرد الروسي الكارثي، فشل خطاب اليوم فشلا ذريعا في تقديم أدلة مقنعة على ذلك.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور عبد الله روبين