- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حكاية القروض والإفلاس
(مترجم)
الخبر:
إن أسوأ ما تمّ إخفاؤه عن الأزمة الاقتصادية الحالية هو أنها نتجت عن إثقال حكامنا كاهل الناس بديون ضخمة بينما جنوا هم عائداتها لشراء العقارات وإنشاء الشركات وللحصول على الجنسيات في الخارج.
التعليق:
لقد كان أهل باكستان منذ إنشائها ضحية تدهور مستمر وسريع في كل جوانب الحياة. ويبدو أن التضحيات التي قدّمها أجدادهم في سبيل العيش في دولة مستقلة تُدار وفقاً لأحكام الله سبحانه وتعالى قد ضاعت هباء، فقد كانت باكستان وقت إنشائها متأخّرة جدا من الناحية الاقتصادية وقد ورثت القليل من الموارد وكانت تعتمد بشكل أساسي على الزراعة. ها وقد أصابت الأمة من عدم اليقين حيث لم يكن لها دستور، تماماً مثل طفل يولد بدون الأعضاء الحيوية. وقد شهدت البلاد تغيراً سريعاً لرؤساء الدولة. وكان قانون الهند البريطانية معمولا به وتم وضعه في مرتبة الإله. ووضعت عملية التقسيم الناس في وضع الناجين، كالرجل الذي تُرك بمفرده للقتال وعليه البقاء على قيد الحياة.
لقد نزع هذا الوضع الثقة والشجاعة من الناس. وتزايد الضرر بسبب القيادة دون تحديد اتجاه، مما أدى إلى فرقة الناس وانتشار السلبية واليأس بينهم. ونتيجة لاعتماد الاقتصاد على الزراعة ازدهر الإقطاع، وظهر احتكار الأراضي الظالم.
ينقسم البلد إلى فئتين رئيسيتين: الطبقة الحاكمة والطبقة المحكومة، ويعتبر عقد الخمسينات من القرن الماضي عقد النمو الصناعي، وبالرغم من هذا التغيير الوحيد كانت النتيجة إضافة الصناعيين إلى الطبقة الحاكمة. وذهبت الموارد والسلطة إلى أيدٍ فاسدة، وأدى الصراع الداخلي إلى تغييرات سريعة في الطبقة الحاكمة. هذا النمط ازداد سوءاً وأصبح أهل البلد الزاخر بالموارد والعقول والإيمان أسرى لصندوق النقد الدولي. فقد ارتفع الدّين على باكستان من صندوق النقد الدولي من 70 مليار روبية إلى 811 مليار روبية. وفقاً للخبراء، تحتاج باكستان إلى 28 مليار دولار لتلبية احتياجاتها التمويلية، وهذا أيضاً الحلّ المؤقت يجعل باكستان خاضعة لظروف مهينة، ليس هذا فحسب بل يجبرها على أن تقع في مزيد من الديون، حيث أن عدم الاقتراض سيؤدي إلى الإفلاس. في حين أن أخذه ستكون له عواقب وخيمة. إن السياسات المخزية التي نصح بها صندوق النقد الدولي وتبنتها حكومتنا تضع على عاتق الناس عبئاً إضافياً. فمن خلال الضرائب، أصبحت الاحتياجات الأساسية مثل الطعام والتعليم والصحة والملابس من الكماليات، والتي لم تكن متاحة إلاّ لعدد قليل من المتميزين.
إن باكستان دولة تقع في أحد أفضل المواقع الجغرافية الاستراتيجية في العالم، ولديها ثاني أكبر مناجم الملح، وثاني أكبر احتياطي للفحم، واحتياطيات من الذهب والنحاس وثروة هائلة من الشباب. ومع ذلك طورت باكستان ثقافة قروض شريرة، وهو أمر مشابه لاقتراض الوقود لتشغيل سيارتك، وهو شيء غير مقبول؛ حيث يصبح الخزان على بُعد بضعة كيلومترات فارغاً، فتضطر إلى العودة إلى محطة البنزين، وهذا هو حال باكستان مع صندوق النقد الدولي.
اليوم، يوجد في باكستان ثاني أسرع معدل تضخم في آسيا والبنك المركزي يكافح لترويضه. وفي المشهد المقابل ستحتفظ الدولة الإسلامية بعائدات كافية في خزينة الدولة حتى تتمكن من إدارة شؤون رعاياها. ولن تتعامل دولة الخلافة مع هذه المؤسسات المقرضة، هذا ومن المعلوم أن القرض الأصلي قد تمّ سداده مراراً وتكراراً.
ستدر الملكية العامة للنفط والغاز والكهرباء عائدات جيدة. وستنتهي الضرائب المعيقة والخانقة على الزراعة والصناعة، وسيؤدي ذلك إلى تنشيط الإنتاج وزيادة الربح. أما قضية الخصخصة فسيتمّ التعامل معها وفق أحكام الشريعة الإسلامية. حيث تنص المادة 138 من مسودة الدستور على أن "المصنع من حيث هو من الأملاك الفردية إلا أنّ المصنع يأخذ حكم المادة التي يصنعها". وفيما يتعلق بالزراعة في شبه القارة الهندية، يجب أن نتذكر أنها كانت قوة في ظل الإسلام، وتنتج 25٪ من الناتج الإجمالي العالمي. قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا۟ نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا۟ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾.
ليس الخسارة الدنيوية فقط ما يجب علينا نحن المسلمين أن نحسب حسابه ولكنه في الدرجة الأولى نوال رضوان الله. إن كرامة الفرد وعزة الأمة تكمن في تطبيق أحكام القوي الجبار الذي كرمهم وأعزهم. ولا يكون ذلك إلا تحت قيادة الخليفة الراشد، حينها ستزدهر الأمة الإسلامية إن شاء الله وستصبح نموذجاً يُحتذى به.
أيها الإخوة والأخوات هذا نداء لنقوم بواجبنا تجاه ديننا وربنا.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إخلاق جيهان