- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
جريدة الشرق الأوسط تصوب سهامها نحو الخلافة
الخبر:
كتب توفيق السيف مقالة في جريدة الشرق الأوسط بعنوان "هل انتهى نموذج الحكم الديني؟" حيث تلخصت وجهة نظره بالنقاط التالية:
أولا: أن الخلافة "لم تعد احتمالاً جدياً أو جديراً بالعناء عند أحد من المسلمين. الاستثناء الوحيد هو حزب التحرير الذي بقي مخلصاً لفكرة الخلافة حتى اليوم".
ثانيا: حزب التحرير "أخفق تماماً في إقناع الجمهور، كما أخفق في الحصول على مكان في الحياة السياسية".
ثالثا: "أن الخلافة قد خرجت من التاريخ، وباتت جزءاً من المكتبة".
رابعا: إن عنصر الشباب يملك المستقبل ويتحدى كلاً من الدولة في إيران وأفغانستان في سياساتهما القسرية في فرض تدين قسري على الشعب، سواء في ما قصد من إلزام لبس الحجاب على النساء من دولة إيران أو منع التعليم الثانوي والجامعي للبنات من حكومة طالبان في أفغانستان. كما ادعى أنه "واثق بنسبة عالية جداً، بأن كلتا الحكومتين سوف تتراجعان وتخضعان لمطالب الجمهور".
التعليق:
بالنسبة للادعاء في النقطة الأولى، فلا ينبغي الخلط بين تعريف ما هو من الشرع وما هو من الواقع الذي نعيشه. فقولنا مثلا إن الناس لا تريد الصلاة لا يجعل الصلاة خارج التاريخ، بل يجعل الناس خارج الشرع ومقتضياته. وعلاج ذلك ليس ترك الصلاة بل اللجوء إلى أحكام تارك الصلاة ونصح من ترك الصلاة بأن يتوب ويعود على وجه السرعة دون تأخير. وكذا قول الكاتب لم تحظ الخلافة بواسع اهتمام المسلمين إلا عند حزب التحرير. فهذا يعتبر كيل مديح لحزب التحرير وأمر معيب في حق مجموع الأمة. ولا ينبغي لمثل الكاتب جهل الحكم الشرعي المتعلق بالخلافة. وهذا ما يجعلنا شبه واثقين أنه أهمل ذكر الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي عمدا، خاصة أنهم ليسوا بأنبياء، ولا يجد الكاتب أي فائدة مرجوة من التعرض إليهم، لا من ناحية فردية، ولا من ناحية الأساس الذي انطلق كل منهم في حكمه، أي الدستور الذي انطلقوا منه كأساس للحكم. فإنه مخالف كل المخالفة للنظام الملكي الذي استحدثته بريطانيا في البلاد الإسلامية بهدف تقسيمها إلى مزارع تابعة لها عن طريق نواطير مخلصين لها. حيث سلحت بريطانيا نظام آل سعود، كما سلحت جزءاً ممن يسمى بالهاشميين، وغيرهم من الأسر في منطقة الخليج، بهدف تحقيق أهدافها في جعل البلاد الإسلامية مستعمرة إنجليزية تابعة عبر أسر مخلصة لهم. عدا عن مناقضة النظام الملكي لنظام الخلافة كل المناقضة، من حيث الأسس. فالنظام الملكي يجعل السيادة للملك ويجعله فوق القانون العام بل يجعله القانون العام ويجعله الإله بينما نظام الخلافة نظام بشري يجعل السيادة للشرع وحده، ويكون الخليفة تحت المحاسبة وليس فوقها، ويكون واجبه تطبيق أحكام الشرع بوصفه البشري وليس بوصفه نائبا عن الخالق وليس بوصفه نبيا.
والآن وقد تم تعريف الخلافة بأنها رئاسة عامة للمسلمين تطبق أحكام الشرع وتحمله إلى العالم بالدعوة والجهاد وحكم وجودها بأنه واجب، ويتفرع عنه وجوب نصب خليفة واحد للمسلمين جميعا في الدنيا، نرى أنه واجب على كل مسلم، ومنهم الكاتب بأن يعمل لإيجادها من جديد، وإزاحتها من كتب التاريخ إلى واقع الحياة مجددا.
أما ادعاء الكاتب بأن حزب التحرير أخفق تماماً في إقناع الجمهور، كما أخفق في الحصول على مكان في الحياة السياسية. فإننا نجد أن التعرض لحزب التحرير في جريدة موالية للنظام السعودي كجريدة الشرق الأوسط يعتبر دخولا في الحياة السياسية؛ لأن السياسة ليست محصورة بالحكام ومن يقوم برعاية الشؤون بل أيضا لمن يتعرض لهم بالنقد والمحاسبة. وتعتبر الجرائد سواء أكانت من جنس النظام الحاكم أم لا، ممرا لدخول الحياة السياسية. ولذلك نشكر الكاتب لذكر دور حزب التحرير في إحياء مفهوم الخلافة ونؤكد له استعدادنا لتزويده بأي مادة يحتاجها لتوضيح نظام الخلافة مقابل أنظمة الحكم الأخرى ومنها الملكية والجمهورية والاتحادية. ولئن فشل حزب التحرير في إقناع كل الجماهير وكل الشباب في طروحاته، فلربما يساعدنا الكاتب في الوصول إلى جمهور وشباب ربما قصرنا في مخاطبته.
أما ادعاء الكاتب أن الخلافة قد خرجت من التاريخ، وباتت جزءاً من المكتبة. فهذا ليس صحيحا، بل إن الخلافة اليوم هي رأي عام بين المسلمين، وهذا هو السبب الأساس بأن الصحافة العلمانية تركز على محاولات هدمها كفكرة للحكم عند المسلمين.
أما الادعاء في النقطة الرابعة، فإنه لا خلاف أن الإسلام أجاز تحصيل العلم على كل من المرأة والرجل. بخلاف ما تقوم به حركة طالبان مشكورة من الحد من نشاطات ما يسمى المنظمات غير الحكومية التي هي بالحقيقة مؤسسات تابعة لدول غربية وتقوم بنشر مفاهيم غربية لسلخ المجتمع عن المفاهيم الإسلامية. أما موضوع الحجاب، فإننا ننأى بالحديث عن تعليق الكاتب لأننا لم نفهم موقفه من الخمار والجلباب أو ما يسمى بحجاب المرأة، مع علمنا بأنه من واجبات المرأة. وبالتالي لم نفهم ما يتوجب على الدولة القيام به تجاه لباس المرأة بنظره وإلى أي أسس يستند في ذلك؟!
قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [سورة النور: 54]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نزار جمال