- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
تحالف الأمة التركي يَعِدُ بالرأسمالية كحل للمشاكل تماماً مثل الحكومة!
الخبر:
تم الإعلان في أنقرة عن (نص اتفاق جماعي حول السياسات المشتركة) لجدول الستة الذي يمثل كتلة المعارضة الرئيسية في تركيا بمشاركة 6 من قادة الأحزاب السياسية. يتكون النص في مجمله، وهو البيان الانتخابي لتحالف الأمة، من 240 صفحة تحت 9 عناوين رئيسية و75 عنواناً فرعياً. ويحتوي النص المنشور على وعود حول العديد من القضايا التي تتراوح بين الإصلاح القضائي إلى نظام التعليم، ومن الاقتصاد إلى مشكلة البطالة، ومن مكافحة الفساد إلى التنمية، ومن السياسة الداخلية والخارجية إلى الإدارة العامة. (وكالات، 2023/02/03م)
التعليق:
إن الوعود التي أعلن عنها جدول الستة، التي لم تتوصل بعد إلى اتفاق حول من سيكون مرشحهم الرئاسي، تشبه من الناحية النظرية وعود حزب العدالة والتنمية قبل وصوله إلى السلطة. حيث إن كل الأحزاب التي تدخل في الانتخابات وتريد أن تصل إلى السلطة تقدم وعوداً انتخابية كهذه، فينشر السياسيون الديمقراطيون في تركيا الوعود لإثارة مشاعر الناس. ولو كانت الأحزاب قد وفت بوعودها الانتخابية، لما كنا نتحدث عن المشاكل نفسها مراراً وتكراراً اليوم.
على الرغم من أن نص الاتفاق الجماعي الذي أعلنه جدول الستة يستند إلى الأخطاء والسلبيات التي ارتكبتها حكومة حزب العدالة والتنمية حتى الآن، إلا أننا عندما ننظر إلى هذا النص، نرى ما يلي: أنه نص يتوق إلى الوضع الراهن حيث يتم القضاء على المنتخبين. فهو، من جهة، يرسم صورة خاطئة بالقول إنه سيحرر القضاء من الوصاية السياسية، ومن جهة أخرى يوصي بإحياء الوصاية العسكرية! بشكل ملموس أكثر، هذا النص هو نص يريد تحويل تركيا من المحور الأمريكي إلى المحور البريطاني والأوروبي مع التأكيد على نظام برلماني معزز.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من القضايا التي تدعي الأطراف أنها توصلت إلى اتفاق بشأنها في النص المكتوب وهي في الحقيقة لم توافق عليها جميع الأطراف. ومن الأمثلة على ذلك اتفاقية إسطنبول التي نوقشت كثيراً، حيث يقول الحزب الجيد، وحزب الشعب الجمهوري، وديفا، وحزب المستقبل إنهم سيعودون إلى جميع الاتفاقيات الدولية التآمرية، ولكنها مع ذلك لم تذكر في نص الاتفاق. من ناحية أخرى، يعارض ما يسمى بحزب السعادة الإسلامي اتفاقية إسطنبول. لكنها تضفي الشرعية على كيان يهود من خلال دعم حل الدولتين الأمريكي للقضية الفلسطينية، وهو ما ورد في النص. إنه لأمر نموذجي حقاً أن حزب الرؤية الوطنية، الذي مارس السياسة لسنوات على أساس معاداة الصهيونية، وصل إلى النقطة التي وصل إليها اليوم!
من ناحية أخرى، من الجدير بالذكر أن الوعود الواردة في هذا النص لا تختلف عن الوعود الفارغة السابقة التي قُطعت لخداع الناس قبل الانتخابات. فقبل انتخابات عام 2002، أصدر حزب العدالة والتنمية بياناً انتخابياً بوعود مماثلة. وما لا يثير الدهشة أن العناوين كانت هي نفسها: الحقوق، القانون، العدالة، التنمية الاقتصادية، محاربة الفساد، إلغاء الحظر، إصلاح التعليم، منع الهدر في الدولة، ...إلخ؛ لكنه لم يف بأي من هذه الوعود، ولم يصلح أي شيء. فلدينا اليوم نظام تعليمي منخفض للغاية، واقتصاد منهار بسبب الفساد وسياسات الربا والإيجارات، ومجتمع يجري إفساده في دوامة الحياة العلمانية غير الأخلاقية، حيث يتم ارتكاب ما يقرب من 5 ملايين جريمة سنويا في تركيا.
باختصار، فإن الحقيقة واضحة وضوح الشمس؛ وهي أن الديمقراطية، لم ولن تتمكن من حل أي مشكلة من مشاكل المسلمين. وإذا لم نمتلك مشروعا بديلا صحيحا يحل محل الرأسمالية التي عفا عليها الزمن ويزيلها من جذورها، فلن نتحرر أبدا من مشاكلنا ولن نتمكن من حلها بتاتاً. ففي واقع الأمر، وتماماً مثل حزب العدالة والتنمية الحاكم، من الممكن رؤية الرأسمالية العالمية في العديد من وعود جدول الستة لأحزاب المعارضة، مثل هدف الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والولاء لحلف الناتو، والمساواة بين الجنسين، واستغلال التغير المناخي، والنظرة إلى قضية فلسطين ...إلخ! علاوة على ذلك، فإن فكرة المصلحة الذاتية، وهي المقياس السياسي للجمهورية العلمانية، تؤدي حتما إلى الخروج على القانون وإلى المحسوبية والفساد والانحطاط في الداخل. إن الحكومات الـ66 الماضية، التي لم تتمكن من حل أي من مشاكل تركيا بشكل صحيح، هي دليل على ذلك.
لذلك، لا يمكن أن يتحقق التغيير الحقيقي إلا من خلال أحكام الإسلام وحلوله. ولا يمكن للنظام الرئاسي الأمريكي ولا النظام البرلماني البريطاني إحداث هذا التغيير. وحدها دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، هي التي يمكنها أن تحدث تغييراً وعدالة وتطوراً حقيقيين. ﴿لِمِثْلِ هذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد أمين يلدريم