- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الليبرالية تسرق براءة الأطفال
(مترجم)
الخبر:
أفاد تقرير صادر عن لجنة الأطفال في إنجلترا، نُشر في 31 كانون الثاني/يناير، أن طفلاً واحداً من كل 10 أطفال في البلاد قد تعرض لمواد إباحية على الإنترنت بحلول الوقت الذي يبلغ فيه من العمر 9 سنوات، وبحلول سن 13 عاماً، يكون 50٪ من الأطفال قد تعرضوا لمشاهدة المواد الإباحية. وذكر التقرير أيضاً أن ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و21 عاماً شاهدوا مواد إباحية لأول مرة على الإنترنت بينما كانوا لا يزالون في المدرسة الابتدائية، بينما يعتقد ما يقرب من 50٪ من الشباب في الفئة العمرية نفسها أن الفتيات "يتوقعن عدواناً جسدياً" في ممارسة الجنس، ويرجع ذلك أساساً إلى طبيعة العنف الجنسي المصور في المواد الإباحية. وشاهد ما يقرب من 80٪ من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً مواد إباحية تتضمن عنفاً جنسياً وهم أطفال. وعلقت مفوضة الأطفال في إنجلترا، السيدة راشيل دي سوزا أن استهلاك المواد الإباحية "منتشر" بين الأطفال وسلطت الضوء على الآثار الضارة المترتبة على الشباب.
التعليق:
الحلول السطحية المطلوبة للحجم المروع لهذه المشكلة المقززة هي تنظيم أفضل لوصول الأطفال إلى هذه المواقع الضارة، مثل إجراءات التحقق من العمر على مختلف منصات التواصل عبر الإنترنت، أو تحسين تدريس التربية الجنسية في المدارس! ومع ذلك، فإن ما تفشل المجتمعات الليبرالية في التشكيك فيه أو قبوله هو التأثير المدمر للحرية الجنسية نفسها التي تعاقب على الإنتاج المفتوح ونشر المواد الإباحية والصور والأفكار الجنسية الأخرى في مجال الإعلان وصناعة الترفيه. هذا على الرغم من معرفة الضرر الذي يسببه فيما يتعلق بتقليل قيمة المرأة، والتحريض على التحرش الجنسي والعنف ضد المرأة، وترخيص العلاقة بين الجنسين، والإضرار بالزواج وسلامة وحدة الأسرة. هذا لأنه في ظل النظام الليبرالي الرأسمالي، تسود المتعة والربح دائماً على سلامة المرأة ورفاهية الأطفال والمجتمع ككل.
كما عملت الحريات الجنسية الليبرالية على تطبيع الاختلاط داخل المجتمعات والاحتفاء به، وإضفاء الطابع الرومانسي على الزنا والذي أثر حتماً على الشباب. حوالي 54٪ من الصبية في أمريكا الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 عاماً لديهم نوع من التجارب الجنسية. من بين طلاب المدارس الثانوية، أفاد 10٪ من الذكور و7٪ من الفتيات بوجود 4 شركاء جنسيين أو أكثر في حياتهم. ومن بين 26 مليون إصابة جديدة تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي يتم الإبلاغ عنها في البلاد كل عام، يوجد ما يقرب من نصفها بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً. (ACT لمركز الشباب للعمل المجتمعي). مثل هذه الآراء أثرت للأسف على بلاد المسلمين. ففي الدراسة الاستقصائية للصحة والديموغرافيا الإندونيسية (SDKI) لعام 2012 حول الصحة الإنجابية بين الشباب، قال 77٪ فقط من المستجيبين الإناث و66٪ من المستجيبين الذكور أنه من المهم الحفاظ على عذريتهم قبل الزواج، بانخفاض عن مسح عام 2007، حيث قالت 99٪ من الإناث و98٪ من الذكور الذين تمت مقابلتهم إنهم يقدّرون العذرية. (جاكرتا بوست)
إن إدخال التثقيف الجنسي في المدارس هو في حد ذاته نتاج المشاكل التي تسببها القيم الليبرالية، وتستخدمه الحكومات كمحاولة يائسة لـ"تصحيح" المشاكل مثل ارتفاع معدلات الحمل بين الفتيات، ومشاهدة الأطفال للمواد الإباحية، وانتشار الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي بين الشباب والنطاق المروع من التحرش الجنسي والعنف الذي يمارسه الأولاد ضد الفتيات في المدارس والكليات ومؤسسات التعليم العالي، فضلاً عن المستويات الوبائية للاغتصاب والجرائم الأخرى ضد النساء في المجتمع بشكل عام. وفقاً لأوفستيد، وهي الهيئة المسؤولة عن تفتيش المؤسسات التعليمية في إنجلترا، فإن 59٪ من الفتيات والشابات بين 13 و21 عاماً قلن إنهن تعرضن للتحرش الجنسي في المدرسة أو الكلية، لكن الضحايا "لا يرون غالباً الجدوى من التحدي أو الإبلاغ عن هذا السلوك الضار لأنه يُنظر إليه على أنه تجربة طبيعية"! في الواقع، وصف العديد من أطفال المدارس التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي عبر الإنترنت على أنه جزء روتيني من الحياة. في 32 مدرسة وكلية زارها مفتشو أوفستيد كجزء من مراجعتهم للمشكلة، قالت 9 من أصل 10 فتيات إن إرسال صور أو مقاطع فيديو صريحة حدث "كثيراً" أو "أحياناً" لهن أو لزميلاتهن، في حين إن 3 أرباع الفتيات أفادت أن الضغط لتقديم صور جنسية لأنفسهن يحدث كثيراً أو أحياناً في المدارس والكليات.
تزيد دروس التربية الجنسية من تآكل براءة الأطفال من خلال عرض صور ومقاطع فيديو صريحة والمشاركة في مناقشات صريحة، وتعزيز حرية الاختيار، الأمر الذي يؤدي حتماً إلى تفاقم المشكلة. يركز الموضوع على ضمان الموافقة في العلاقات ومنع الحمل والإصابة بالأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي، بدلاً من معالجة المفاهيم الأساسية التي تؤدي إلى العلاقات غير الشرعية والعلاقات خارج نطاق الزواج وكذلك الهجمات على النساء، وهي الحريات الليبرالية التي تسمح للرجال والنساء بالحصول على أية علاقة يرغبون فيها وتشجع الرجال على النظر للمرأة ومعاملتها وفقاً لأهوائهم ورغباتهم الفردية.
هذه هي الحالة المروعة التي تؤثر على الأطفال والشباب داخل الدول الليبرالية في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، فإننا نرى الأنظمة في بلاد المسلمين حريصة على أن تسير في أعقاب الدول الغربية الليبرالية من خلال تعزيز انتشار القيم الليبرالية داخل مجتمعاتها من خلال الترفيه والصناعات الأخرى، وكذلك إدخال أشكال التربية الجنسية الخاصة بها في مناهجها الدراسية. السؤال الذي يجب أن يُطرح بالتأكيد بوصفنا مسلمين هو: ما هو نوع المستقبل الذي نريده لشبابنا؟ ما هو نوع جيل المستقبل الذي نقوم بتشكيله؟ ما نوع المجتمع الذي نريد إنتاجه في بلادنا؟ هل هي مشكلة تعكس كثرة المشاكل التي تؤثر على الشباب والنساء والأسر والعلاقة بين الجنسين؟ أم أنها مشكلة علاجها أن يتغذى شبابنا على قيم سامية وفاضلة وأخلاقية وصالحة تجعلهم رعايا بارزين في الدولة؟ في مجتمع تصان فيه كرامة المرأة وسلامتها وتحمي قدسية الزواج ووحدة الأسرة؛ ومجتمع تقوم فيه العلاقة بين الرجل والمرأة على أساس الاحترام والتعاون؟
إن نظام الإسلام وأحكامه الاجتماعية فقط هو الذي ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة بفاعلية ويمكن أن يخلق مثل هذا المجتمع والدولة. وهذا النظام وحده الذي طبقته الخلافة على منهاج النبوة هو الذي يحمي براءة الأبناء، ويبني شخصيات تحتضن وتحتفي بمفاهيم مثل الحياء والعفة، وتتجنب كل أشكال الأفكار وأنماط الحياة والسلوكيات الفاسدة.
﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير