الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
لا يمكنك أن تكون جمهورياً ومؤيداً للشريعة في آن واحد، يا أردوغان!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لا يمكنك أن تكون جمهورياً ومؤيداً للشريعة في آن واحد، يا أردوغان!

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها خلال حفل تخريج المسؤولين الدينيين من قبل أكاديمية رئاسة الشؤون الدينية، ما يلي: "نرى أن حملة ذات مسار مزدوج تجري ضدّ تركيا من قبل بعض الدوائر المعادية لتركيا في الآونة الأخيرة، أول هذه التعريفات هو تعريفات "التركية بدون إسلام" التي حاول الفاشيون طرحها. دعوني أقولها بكل وضوح، إن تعريف ومشروع التركية التي لا تحمل روح الإسلام هو في الواقع محاولات لوضع التركية في مكانها الصحيح. أمة في متحف، لتحويلها إلى عنصر فولكلوري. وفي المسار الثاني من الحملة، هناك عداء للشريعة، يظهر تحت أقنعة مختلفة. العداء للشريعة، التي تمثل كل قواعد الحياة في الإسلام، هو في الواقع عداء للشريعة الإسلامية، الدين نفسه" (إن تي في، 2024/02/01م)

 

التعليق:

 

في تركيا، هناك مقولة شهيرة يعرفها الجميع "قدم الشراب حسب النبض". ومعناها: "التصرف بما يرضي الإنسان، ويستجيب لميوله، ويداعب كبرياءه". هذا المصطلح، الذي يعني العمل بدون مبادئ لتحقيق مكاسب، يكمن في قلب الفهم السياسي الديمقراطي الذي يركّز على المصلحة، فضلاً عن توافقه التام مع الملف السياسي للرئيس أردوغان، الذي يخدم نبض المجتمع لمدة 23 عاماً. حيث إنك تستطيع أن ترى الرئيس أردوغان قومياً في يوم، ومؤيداً للأمة في اليوم التالي، ومعادياً للغرب في يوم، ومؤيداً للغرب في يوم آخر، وعلمانياً في يوم، ومتديناً في يوم، وجمهورياً في يوم، ويدافع عن الشريعة في اليوم التالي! إنّ الخطابات التي يتم إلقاؤها للفوز بالانتخابات تتكيف مع الجو السياسي في المجتمع.

 

وينبغي أيضاً قراءة تصريحات أردوغان الأخيرة بشأن تبنّي الشريعة من خلال مساواة الإسلام بها في هذا السياق. ويمكن أيضاً تفسيرها على أنها "كلمة حق يراد بها باطل". لأن أي قول لم يتمّ التحقق من صحته بالعمل لا يمكن الوثوق به في إطار الصدق. فلو أن الرئيس أردوغان دافع عن الشريعة ليس فقط بكلماته، بل أيضاً بأفعاله، حيث يدعي أنه يمثل الإسلام برمته. لو أنه طبق ليس الشريعة فقط، بل النظام الاقتصادي الإسلامي، والنظام الاجتماعي الإسلامي، ونظام العقوبات الإسلامي، ونظام التعليم الإسلامي، وكل شيء آخر، بدءاً من نظام الحكم الذي يعتبر الحكم بما أنزل الله هو الحكم الشرعي أساس الدولة. ولو أنه تبنى ونفذ سياسة الإسلام الخارجية، بهدف نشر الإسلام نوراً وهدىً للعالم من خلال الدعوة والجهاد... ومن ثم كان من الممكن أن يكون كلامه ضدّ مشروع التتريك الذي لا يحمل روح الإسلام ذا مصداقية. ولو أنه حشد الجيش التركي لمساعدة إخوانهم المسلمين في غزة، لكان من الممكن أن نعتقد أن أردوغان نفسه يميل إلى الطريق الصحيح في تطبيق الشريعة الإسلامية. لكن باستخدامه عبارة "يجب أن نربي جيلاً لا يقع في نفس حال فلسطين"، وفي الخطاب نفسه، أظهر أنه يفصل فلسطين عن تركيا، مبيناً أن إشارته إلى الشريعة مجرد خطاب.

 

ويبقى السؤال: لماذا أصدر أردوغان فجأةً بيانا مؤيدا للشريعة؟ يجب البحث عن إجابة هذا السؤال في المصطلح المذكور في بداية هذا التعليق "قدم الشراب حسب النبض". لأن أردوغان نفسه، قبل أسبوعين فقط، وبعد اجتماع لمجلس الوزراء، أنهى النقاش حول نظام تركيا بشعارات "تحيا الجمهورية" قائلاً: "انتهت الشكوك حول نظام تركيا بشعارات "تحيا الجمهورية" في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1923"، ودافع عن الجمهورية العلمانية ضدّ الشريعة!

 

أولاً: الجمهور الذي خاطبه أردوغان في ذلك الخطاب هو الشؤون الدينية المكون من الأئمة والدعاة. فالأئمة، سواء أكانوا يلقون خطباً في أيام الجمعة أو يقومون بوعظ المسلمين، هم الأشخاص الذين يمكن أن يستفيد منهم أردوغان أكثر من غيرهم خلال فترات الانتخابات. وأي انتقاد يوجهونه له سيؤثر سلباً على الحكومة، أما الإشادة به فسيكون لها تأثير إيجابي.

 

ثانيا: سبب تصريح أردوغان الشرعي، بما في ذلك تجاه غزة، هو ذروة المشاعر الإسلامية لدى المسلمين، خاصةً في تركيا، بسبب المجازر التي تحصل في غزة. إن الغضب تجاه القادة، بما في ذلك الرئيس أردوغان، الذي لا يقود 57 بلدا إسلاميا كخليفة، يتزايد بسرعة. وإذا لم يتم تخفيف هذا الغضب والسيطرة عليه، فمن الممكن أن يتحول طوفان الأقصى إلى طوفان الأمة. ولذلك فإن تصريح أردوغان بشأن الشريعة، بما فيها غزة، يهدف إلى استعادة ثقة الرأي العام الإسلامي في تركيا عشية الانتخابات المحلية في شهر آذار/مارس المقبل.

 

علاوةً على ذلك، فإن توقُّع قيام دولة إسلامية ممن يهملون أثناء حكمهم أحكام الشريعة في العلاقات بين الناس أمر سخيف بعض الشيء. لأن الدولة الإسلامية وطريقة الحياة الإسلامية التي تأتي معها لا يمكن أن تبنى إلاّ على أحكام الشريعة وتستمر بالمحافظة على أهمية الالتزام بالشريعة. ولذلك يجب على من يدّعي الشريعة أن يدرك هذه الحقائق أولاً ويعمل وفقاً لها حتى يستحق نصر الله في الدنيا والآخرة.

 

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد أمين يلدريم

آخر تعديل علىالإثنين, 12 شباط/فبراير 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع