الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
نعمت شفيق… نموذج نراه كل يوم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نعمت شفيق… نموذج نراه كل يوم

الخبر:

عرض برنامج "المخبر الاقتصادي" الذي يقدمه أشرف إبراهيم على يوتيوب حلقة عن نعمت طلعت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا التي أشعلت المظاهرات ضد كيان يهود.

وسرد أشرف إبراهيم كمّاً كبيرا من المعلومات عن نعمت شفيق المصرية الأصل التي انتقلت مع عائلتها في سن الرابعة إلى أمريكا هربا من تأميم عبد الناصر لممتلكات والدها الثري، لتحصل على الدكتوراه في 1999 من جامعة أكسفورد ثم لتتدرج في مناصب مهمة في مؤسسات دولية مهمة منها نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي حتى وصلت إلى رئاسة جامعة كولومبيا.

 

يحاول مقدم البرنامج - بحسن نية - إلقاء الضوء على سبب انحيازها ضد الطلاب المتظاهرين والمطالبين بإيقاف مجازر دولة الكيان في غزة.

 

التعليق:

 

من العمل في البنك الدولي، ثم نائبة لرئيس البنك الدولي وهي في عمر 36 عاما فقط إلى العمل مع الحكومة البريطانية في 2004 كمديرة تنفيذية داخل وزارة التنمية الدولية لتصبح بعد أربع سنوات السكرتير الدائم للوزارة كأعلى منصب مدني في الوزارة.

 

في 11 نيسان/أبريل 2011 عينت نعمت شفيق نائبا للمدير العام لصندوق النقد الدولي، أي قبل بضعة أسابيع من إلقاء القبض على رئيسها دومينيك ستراوس الذي كان اتهم بمحاولة اغتصاب امرأة في الفندق، والذي كان مرشحا محتملا لرئاسة فرنسا، وكان يعد نفسه لرئاسة وفد الصندوق في اجتماع مع وزراء مالية منطقة اليورو الذي كان سيحسم فيه خطة إنقاذ البرتغال من الأزمة المالية حينها. فإذا بنعمت شفيق هي من تتولى رئاسة الوفد وتتم الموافقة بالإجماع على خطة إنقاذ للبرتغال قيمتها 78 مليار يورو، فإذا بنعمت شفيق "صدفة" تحت الأضواء قادتها لمركز الأحداث كما يقول أشرف إبراهيم في وقت حساس جدا لأوروبا.

 

بعد ثلاث سنوات تنتقل نعمت شفيق للعمل كنائبة لمحافظ بنك إنجلترا في منصب استحدث لأجلها، وإذا بها بعد عامين ونصف تنتقل لرئاسة كلية لندن للاقتصاد والتي تعتبر واحدة من أعرق المؤسسات الجامعية في العالم، لتكون أول شخص من أصل عربي يرأس كلية لندن للاقتصاد.

 

وصفتها الفايننشال تايمز في 2011 كشخص براغماتي وغير منحازة سياسيا، أي أنها بحسب تفسير أشرف إبراهيم لا تنحاز لأي رأي أيديولوجي أو سياسي بغض النظر عن مدى عدالة القضية ذات العلاقة. فهي شخص "تكنوقراط يؤدي وظيفته بالشكل الذي يضمن له أولا وقبل أي شيء بقاءه في منصبه"، فهي لا تبدي رأيا "سياسيا" وإن حوصرت بالسؤال يكون جوابها "دبلوماسيا ما يزعلش حد" كما يقول أشرف إبراهيم. والذي ساعدها على بناء سيرة ذاتية قوية ليس لها مثيل مكنها من التنقل بين تلك المناصب العالمية المهمة وتخرج منها من الباب الكبير، فهي التي تحمل جنسيات ثلاث بحسب الصحافة العالمية "مواطن عالمي" لا تغضب لأجل أحد ولا لدولة معينة، وهذا ما جعلها برأيهم المرشح المثالي لرئاسة جامعة كولومبيا الأمريكية في الرابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أي قبل ثلاثة أيام من طوفان الأقصى وما جرى بعده ولا يزال من قتل وذبح لأهل غزة. ولتنطلق تظاهرات في جامعة كولومبيا لمناصرة أهل غزة فوجدت نعمت شفيق نفسها "لا تستطيع الإمساك بالعصي من الوسط" بحسب إبراهيم و"مضطرة لتنحاز لطرف على حساب الطرف الآخر"، فإما أن تكون مع حرية الطلاب وتوفي حقهم في التظاهر السلمي وتندد بجرائم دولة الاحتلال في غزة فتنسجم مع قولها قبل ذلك بعامين ونصف بحسب صحفية ليزيكو الفرنسية "الشيء الأكثر استثنائية في إدارة أي جامعة، هو أنه يمكن التعبير عن جميع القضايا العالمية، داخل الحرم الجامعي"، أو أن تحاصر المتظاهرين وتلوم أهل غزة وأهل فلسطين كي ترضي أناسا مهمين جدا في أمريكا والعالم.

 

فهي تفهم بحسب تبرير أشرف إبراهيم "خريطة القوة داخل أمريكا في أي موضوع يتعلق بـ(إسرائيل) بالذات" وتدرك ثمن الانحياز لكل طرف من الاثنين، وعلى هذا الأساس اتخذت قرارها فاختارت لمن تنحاز إليهم بدءا من وصفها طوفان الأقصى في تشرين الأول/أكتوبر بأنها "هجوم مروع على (إسرائيل)" دون أن تدين كيان يهود أو تنتقده بشيء وقد ولغ في دماء المسلمين في غزة. ثم أقفلت حرم الجامعة أمام الجمهور لمحاصرة المظاهرات المنددة بالعدوان ما أشعل الغضب أكثر وأكثر. حتى وصل بها الحال أن تشهد أمام لجنة استجواب مجلس النواب الأمريكي في 2024/04/17 وتهاجم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المتظاهرين وتهددهم، لتضحي بحرية الطلاب التي تشدقت بها قبل ذلك وتطرد أساتذة من هيئة التدريس، كل ذلك لتنقذ نفسها من مصير رئيستي جامعتي بنسلفانيا وهارفارد اللتين اضطرتا لتقديم الاستقالة تحت ضغط الأثرياء ومؤيدي كيان يهود. كانت نعمت شفيق مستسلمة تماماً للجمهوريين وكانت تقريبا توافقهم في كل ما قالوه لدرجة أن نيويورك تايمز الأمريكية وصفت مقدار ما كانت تصالحية في جلسة الاستماع شك القاعدون بها أنها توافقهم ما يقولون ضحكا عليهم، إلا أنها بعد جلسة الاستماع بيوم استدعت شرطة نيويورك لداخل الجامعة لتطرد المؤيدين للفلسطينيين وتعتقل المئات وتفض اعتصامهم لتصدق قولها بفعلها. فإذا بها وبالرغم من انحيازها الواضح ضد قضية أقل ما يقال عنها إنها عادلة من وجهة نظر الكثيرين في الغرب فإن إقالتها أو استقالتها في نهاية المطاف أصبحت أمرا مفروغا منه.

 

سرد هذه الأحداث هنا ليس لمجرد نقل المعلومات المجردة وإنما الغرض منه السؤال عن عدد من يشبهون نعمت شفيق في بلاد المسلمين ويتبعون نهجها "البراغماتي" الذي يقدم نفسه ومصالحه الشخصية والمناصب والمزايا على اتخاذ الحد الأدنى من المواقف المشرفة والانحياز ولو جزئيا لقضايا الأمة؟

 

أشرف إبراهيم يبرر قائلا: "لا نستطيع اتهام نعمت شفيق أنها منحازة ضد الفلسطينيين… ولكنها في الغالب مجرد شخص يحاول أن يحافظ على منصبه بأي ثمن". وحتى لو أقيلت أو استقالت فقد نفت عن نفسها تهمة العصر "معاداة السامية" لتضمن لنفسها "مسيرتها المهنية الاستثنائية".

 

الطريف في كل ذلك هو تعليقات الناس على الفيديو والتي وصفت في بعضها نعمت شفيق بالطفيلية والمتسلقة والأنانية والانتهازية…

 

ويبقى السؤال مطروحا كم من مسلم جعل مقياسه في الحياة المصلحة والمنفعة الشخصية فقدمها على الانحياز للمبدأ ولشرع الله ولقضايا المسلمين المصيرية.

 

إن نموذج نعمت شفيق يتكرر كل يوم أمامنا، حكام عملاء مجرمون تلتف حولهم حاشية من أصحاب المناصب والأقلام الإعلامية والقامات والألقاب والعمائم أيضا تناصرهم وتجلد ظهر الأمة معهم وتنحاز للظالم من أجل عرض من الدنيا زائل.

 

فاختاروا يا هؤلاء وأضرابهم أي فسطاط تنحازون إليه فقد أوشك طوفان الأمة أن يجرف كل الزبد في الأرض!

 

قال تعالى: ﴿ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

م. حسام الدين مصطفى

 

آخر تعديل علىالأربعاء, 15 أيار/مايو 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع