- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
التضليل ودغدغة المشاعر لصرف الناس عن الحقائق
الخبر:
تخرج علينا بعض الفضائيات بمحللين وخبراء استراتيجيين يقولون: كتائب المقاومة في غزة قادرة على الصمود.. قادرة على تسديد الضربات للعدو.. تقوم بعمليات شجاعة من مسافة صفر.. تصدت لقوات العدو وأجبرتها على التراجع.. تصدت لقوات العدو على المحور الفلاني أو في الشارع الفلاني وأوقعت في صفوفه خسائر فادحة... قادرة على تجنيد المزيد من المقاومين... طورت صواريخ لها... وغير ذلك.
التعليق:
هكذا تخرج علينا بعض الفضائيات بمحللين وخبراء استراتيجيين يشيدون بعمليات المقاومة البطولية في قطاع غزة، وتنشر أخبارها وكأن الأمور تسير على ما يرام، وكأنها كافية لقهر العدو ووقف تقدمه والتغلب عليه وهي غير محتاجة لشيء آخر، فتعطي صورة وكأن المقاومة بألف خير تؤدي فرض الكفاية بالتمام!
ولكن لم يرد على لسان المحللين أو على لسان المراسلين أثناء سرد الأخبار حاجة المقاومين والمجاهدين إلى السلاح والعتاد ومزيد من المقاتلين والجنود المدربين. فيكتفى بعرض هذه الأخبار وعرض التحليلات التي تشيد بالمقاومة من دون التطرق إلى أهم ما تحتاجه المقاومة وهو الإمدادات من السلاح وإرسال قوات لنصرتها. وكأن الحديث عن ذلك خط أحمر لا يجوز التطرق إليه، فيجب صرف الأنظار عنه بمدح البطولات التي تقوم بها المقاومة فقط، ولا يجوز المطالبة بمد المجاهدين بالسلاح ولا بالقوات ولا بتحريك الجيوش.
هذا نوع من التضليل والتخدير، يضللون به الناس ويدغدغون مشاعرهم فيخدرونهم بها. حتى إن المسؤولين في تنظيمات وكتائب المقاومة لا يطالبون بمدهم بالسلاح ولا بالقوات ولا بالجيوش! فكأنهم ممنوعون من الحديث عن ذلك، ومهددون بأن تلك الفضائيات لن تذيع أخبارهم وأن دول الفضائيات لن تسمح لقادتهم بالوجود فيها، أو المرور منها إذا تحدثوا عن ذلك!
بينما يقوم رئيس وزراء العدو نتنياهو بتعزيز قواته ويزيد من هجماته الوحشية وأعمال التدمير والقتل، ويطالب أمريكا بإرسال المزيد من السلاح النوعي لقتل المزيد من الأطفال والنساء والرجال العزل، وأمريكا تلبي طلبه، وآخر صفقة وافقت على إرسالها للعدو كانت يوم 2024/8/13 بنحو 20 مليار دولار. وكذلك هناك دول أوروبية تمد كيان يهود بالسلاح وبالمرتزقة.
أمريكا وبعض دول أوروبا تمد كيان يهود بكافة أنواع الأسلحة، وفي الوقت نفسه تمنع دول المنطقة من مد المدافعين عن أرواحهم وأعراضهم وديارهم بأية قطعة سلاح وتعتبر ذلك جريمة وتوسيع لنطاق الصراع، بينما هي منخرطة فعليا في الصراع بجانب العدو. حتى إن كيان يهود اتهم جهات بتهريب السلاح والذخائر عبر الحدود من مصر إلى قطاع غزة عن طريق الأنفاق، فقام النظام المصري على لسان رئيس هيئته العامة للاستعلامات ضياء رشوان ورفض ذلك وأثبت أن مصر أقامت 3 جدران فوق الأرض بارتفاع 6 أمتار وتحت الأرض بعمق 6 أمتار على مدى 14 كلم وعززتها بجدار خرساني ودمرت أكثر من 1500 نفق! وحذر النظام المصري من قيام كيان يهود باحتلال منطقة الحدود أي ما يسمى محور فيلادلفيا.
ومع ذلك لم يثق كيان يهود بما يقوله النظام المصري فقام واحتل محور فيلاديلفيا (صلاح الدين) وطوله 14 كلم وهو الحدود بين قطاع غزة ومصر، ولم يعر قيمة لتحذيرات هذا النظام الجبان؛ لأنه يعرف أنه لو كان لدى النظام المصري أدنى شجاعة لما قام ببناء هذه الجدر، ولما دمر تلك الأنفاق استجابة لكيان يهود وخدمة لأمن هذا الكيان. ولو كانت لديه أدنى شجاعة لما ترك إخوانه من أهل غزة يتضورون جوعا ولا يجدون شربة ماء. ولو كانت لديه أدنى شجاعة لما تركهم بدون حماية يمعن العدو فيهم قتلا، ولحرك الجيش من أول يوم. ولهذا السبب قام العدو وتحدى النظام المصري واختبر جبنه ونذالته واحتل المحور والممرات وسيطر على الحدود مع مصر.
وفي بداية عدوان يهود على غزة، تناقلت وكالات الأنباء ومنها رويترز يوم 2023/11/16 عن مسؤولين اثنين من إيران وآخر من حماس أن المرشد العام لجمهورية إيران علي خامنئي طلب من رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية أثناء زيارته لطهران يوم 2023/11/5 أن يعمل على "إسكات تلك الأصوات في الحركة الفلسطينية التي تدعو علنا إيران وحليفتها اللبنانية القوية جماعة حزب الله إلى الانضمام إلى المعركة ضد (إسرائيل) بكامل قواتهما". وأكثر ما ستفعله إيران وأشياعها هو إطلاق صواريخ من هنا وهناك لإيهام الناس بأنهم نصروا المقاومة!
وأردوغان دغدغ المشاعر ليومين بأن هناك احتمالا أن يرسل قوات كما أرسل إلى قرا باغ وليبيا ولكنه بعد يومين من تصريحه تراجع وخادع الناس بقوله إنه يجب أن يقام تحالف خيالي باسم تحالف الإنسانية لوقف الإبادة الجماعية في غزة!
وهذا يؤكد أن هناك سياسة مخططاً لها أن لا يرد في أي خبر ولا في أي تحليل ولا على لسان أي مسؤول وقيادي ولا في أية وسيلة إعلامية المطالبة بمد المقاتلين بالسلاح والعتاد وبالمقاتلين ولا بتحريك الجيوش، وإنما يكتفى بمدح عمليات المقاومة البطولية، في تواطؤ واضح مع العدو وتنفيذا لسياسة أمريكا بعدم تدخلهم تحت مسمى عدم توسيع نطاق الحرب، بأسلوب خبيث يبدو للعامة أنه جيد ويتفاعلون معه وينشدّون لسماع هذه الأخبار والتحليلات بدون أن ينتبهوا إلى الحقيقة المُرّة القائمة على الأرض وهي أن المعركة غير متكافئة؛ عدو مجهز بكافة الأسلحة من دبابات وطائرات وذخائر ضخمة تزن 2000 رطل وتمده أمريكا وبعض دول أوروبا بكافة الأسلحة وبالمرتزقة، بينما هناك مقاتلون مقاومون بأسلحة متواضعة يقاومون العدو فتدمر بلدهم ويجوع أهلهم ويحرمون من شربة الماء ويهجرون مرات ومرات وتدمر بيوتهم ومدارسهم ومستشفياتهم فوق رؤوسهم حتى بلغ عدد الشهداء أكثر من 40 ألفا وعدد المصابين أكثر من 90 ألفا وعدد المفقودين أكثر من 10 آلاف وهم في عداد الشهداء بينما العدو لم يفقد إلا المئات من جنوده ولم تدمر بيوته ومستشفياته ومدارسه، والمياه النظيفة والطعام والفواكه وكافة إمدادات الطاقة تأتيهم من كل جهة حتى إنها تأتيهم من الأردن والإمارات والبحرين والمغرب وتركيا وأذربيجان!
وها هو العدو قد اتجه نحو الضفة الغربية وبدأ يفعل فيها كما يفعل في غزة بكل أريحية، وسرد الأخبار ونشر التحليلات وتصريحات المسؤولين على نمطها تجاه غزة!
فكفى تضليلا وخداعا، فيجب على كل مخلص في هذه الأمة أن يتحرك ويطالب بتحريك الجيوش لنصرة أهل فلسطين الذين يتعرضون للإبادة الجماعية، بل لتحريرها والقضاء على الجرثومة التي زرعها الغرب الكافر في قلب أمتهم، ويجب أن يزيدوا من ضغطهم حتى تسقط الأنظمة العميلة والقائمون عليها والإتيان بالقيادة السياسية الواعية المخلصة لتقيم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور