الأحد، 05 رجب 1446هـ| 2025/01/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
الاستغلال الشرس للتأمين الصحي والتأمين التكافلي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الاستغلال الشرس للتأمين الصحي والتأمين التكافلي

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

أصدرت جمعية التأمين على الحياة في ماليزيا، وجمعية التأمين التكافلي الماليزية، وجمعية التأمين العام في ماليزيا، برفع أقساط التأمين الصحي والتكافل بنسبة باهظة تتراوح بين 40% و70%.

 

التعليق:

 

إن هذا الإعلان يشكل استعراضاً صارخاً لجشع الرأسمالية. ففي حين تعزو هذه الشركات هذه الزيادة إلى ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وزيادة الطلب عليها، إلا أن الدافع الحقيقي واضح، وهو تعظيم الأرباح على حساب عامة الناس. وهذه الخطوة، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، تكشف عن الطبيعة المفترسة للنظام الرأسمالي، الذي يزدهر على استغلال الاحتياجات البشرية.

 

إن التبرير المزعوم لهذه الزيادة، أي ارتفاع تكاليف الأدوية، والتكنولوجيا الطبية المتقدمة، وارتفاع الأجور في قطاع الرعاية الصحية، إنما يسلط الضوء فقط على مدى ترسخ الربح الرأسمالي في الخدمات الأساسية. إن شركات التأمين، بدعم غريب من السياسات التنظيمية لبنك نيجارا ماليزيا، ترفع أقساط التأمين من جانب واحد، متجاهلة أصوات الناس ومعاناتهم. وإن تعاونها مع المستشفيات الخاصة لزيادة التكاليف من خلال آليات مثل خطابات الضمان ليوضح الفساد النظامي المتأصل في الرأسمالية. وعلى الرغم من جني أرباح مذهلة - زيادة قدرها 8.4 مليار رينجيت ماليزي في عام 2024 فقط - فإن هذه الشركات تطالب بالمزيد من الناس، وتستغل بلا خجل نظاماً متهالكاً.

 

وبالمقابل، يقدم الإسلام رؤية متناقضة تماماً فيما يتعلق بالرعاية الصحية، رؤية متجذرة في التعاطف والمساواة والمسؤولية. فلا يُنظر إلى الرعاية الصحية على أنها امتياز لمن يستطيعون تحمل تكلفتها، بل كحق أساسي لكل فرد، بغض النظر عن الثروة أو الدين أو المكانة المجتمعية. في دولة الخلافة، تتحمل الدولة المسؤولية الكاملة عن ضمان حصول جميع رعاياها على الرعاية الصحية، وتدير أموال بيت المال بشكل عادل لصرف جزء منها على خدمات الرعاية الصحية الشاملة، مع فرض الضرائب على أغنياء المسلمين فقط عند الضرورة لدعم احتياجات المجتمع.

 

هذه ليس مجرد نظرية، بل هو نموذج حكم ثبت تطبيقه. ويشهد التاريخ على النجاح غير المسبوق الذي حققته أنظمة الرعاية الصحية الإسلامية في ظل دولة الخلافة. فعلى سبيل المثال، حرص عمر بن الخطاب شخصياً على حصول رعايا الدولة على الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها، في حين جسد مستشفى قلاوون في القاهرة في القرن الثالث عشر التميز الإسلامي في الرعاية الصحية. فقد كان يقدم العلاج المجاني للجميع، ويستوعب الآلاف من المرضى يومياً، بغض النظر عن العرق أو الدين. وكان المرضى يتلقون الرعاية حتى الشفاء التام، ويحصلون على الطعام والملابس والمساعدات المالية أثناء فترة علاجهم. وهذا يتناقض بشكل صارخ مع الممارسات الاستغلالية والفاسدة لأنظمة الرعاية الصحية الرأسمالية اليوم.

 

إن النظام الرأسمالي، بتركيزه المستمر على الربحية، عاجز عن توفير رعاية صحية شاملة وعادلة. فهو يحول المعاناة الإنسانية إلى سلعة، ويترك الفقراء ليدبروا أمورهم بأنفسهم بينما يعمل على إثراء الشركات وحلفائها من النخبة. وهذا الفساد المنظم، الذي يحركه الجشع ويفتقر إلى الإنسانية، هو السبب الجذري لأزمة الرعاية الصحية التي نواجهها اليوم.

 

إن الإسلام، باعتباره نظاماً متكاملاً للحياة، يوفر الحل الوحيد القابل للتطبيق. فمن خلال وضع رفاهية الناس في المقدمة وإدارة الموارد بنزاهة وعدالة، يقضي النظام الإسلامي على الاستغلال الذي تمارسه الرأسمالية. وتضمن دولة الخلافة أن الرعاية الصحية ليست عبئاً على الرعية، بل حق مضمون، يحرر الأمة من البؤس الذي فرضه الظلم الرأسمالي. لقد حان الوقت لمواجهة إخفاقات الرأسمالية والمطالبة بالعودة إلى تطبيق النظام الإسلامي، وهو النظام الذي أثبت أنه يحقق العدالة والكرامة والرعاية للجميع. فقط في ظل الخلافة يمكننا بناء مجتمع حيث تخدم الرعاية الصحية البشرية، وليس تحقيق الأرباح.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. محمد – ماليزيا

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع