- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الميزان
ميزان الفكر والنفس والسلوك
الحلقة الحادية عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
وثانيهما بناء الفكرة على العقيدة، أو انبثاقها عنها، أما بناؤه على العقيدة، فقد دلّت الآيات على تلك الأركان وتلك الآلية، وبيان ذلك:
أمرت الآيات القرآنية الكثيرة الناس بالنظر فيما حولهم والتفكر فيه، فقال تعالى: (قل انظروا ماذا في السموات والأرض)، وقال سبحانه (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا...)، (أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء. ..) وغيرها من عشرات الآيات التي ربطت الإنسان وتفكيره بما حوله وما يقع عليه حسه، وأمرته بالنظر، إحدى الحواس التي ينقل بها الإنسان الواقع المحيط به إلى الدماغ.
وذكرت الآيات القرآنية الحواس الخمس التي تنقل الواقع إلى الدماغ، وآيات السمع والبصر كثيرة جداً في القرآن، أما اللمس ففي قوله تعالى في سورة الأنعام: (ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين)/7، وحاسة الذوق في قوله تعالى: (ألم نجعل له عينين، ولساناً وشفتين) سورة البلد، وحاسة الشم في قوله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام: (إني لأجد ريح يوسف).
وعبّرَ القرآن الكريم عن العقول بالقلوب في غير موضع، فقال سبحانه ذاكرا القلوب والسمع والبصر: (ألهم قلوب يفقهون بها. ..)، (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)، وكذلك خاطبت الآيات القرآنية العقول، (أفلا يعقلون؟)، (أفلا تعقلون)، وغيرها الكثير.
أما المعلومات السابقة فقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنه خلق الإنسان صفرا من المعلومات السابقة، ومنَّ عليه بأدوات التعلم، ليكتسب المعلومات، فقال سبحانه: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) /النحل.
وذكر الله سبحانه وتعالى أنه أعطى آدم المعلومات السابقة ليستخدمها في التفكير، ذلك أنه الإنسان الذي خُلق أولاً، من غير أب ولا أم يعلمونه، فعلّمه سبحانه، فقال: ( وعلم آدم الأسماء كلها)
وأخبر الله سبحانه وتعالى عن قاتل أخيه من ابني آدم أنه لم يكن لديه معلومات سابقة عما يتصرفه الإنسان مع الميت بعد ما قتل أخاه، فأخبر الله سبحانه أنه أرسل إليه غراباً ليتعلم منه دفن الميت، قال سبحانه: (فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه، قال: يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواريَ سوأة أخي فأصبح من النادمين) /سورة المائدة.
أما اشتراط الواقع في عملية التفكير وبناؤه على العقيدة فإنه سبحانه قد عاب على الكفار أحكاماً أصدروها لمخالفتها شروط التفكير، فمن ذلك عاب عليهم لمّا قالوا عن الملائكة إنهم بنات، فقال سبحانه: (أشهدوا خلقهم؟ ستكتب شهادتهم ويسألون). فقد حكموا على واقع لم يشهدوه فعاب عليهم ذلك.
وربط سبحانه وتعالى بين الحواس والعقل، فقد نقل عن الكفار في جهنم قولهم: (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).
ونعى على الكفار اتباعهم الظن في القضايا التي تحتاج إلى العلم والقطع، وهي قضايا العقيدة، فقال سبحانه: (إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى، وما لهم به من علم إن يتبعون الظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا).
وقال سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون)/43، وفي موقع آخر: (إن في ذلك لآيات للعالمين)، والعالمون هم الذين عندهم المعلومات السابقة، فهم القادرون على العقل.
كتبها للإذاعة وأعدها: خليفة محمد - الأردن