- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح90) السُّـنَّةُ
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ التِّسعِينَ, وَعُنوَانُهَا: "السُّـنَّة". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّمَانِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "السُنَّةُ في اللُّغَةِ: الطَرِيقَةُ. وأَمَّا في الشَرْعِ فقدْ تُطْلَقُ عَلَى ما كَانَ نافِلَةً مَنْقُولَةً عَنِ النَبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَرَكَعَاتِ السُنَنِ، فَإِنَّهَا تُسَمَّى سُنَّةً، أَيْ مُقَابِلَ الفَرْضِ، ولَيْسَ مَعْنَى تَسْمِيَتِهَا سُنَّةً أَنَّهَا مِنَ النَبيِّ ﷺ، والفَرْضَ مِنَ اللهِ، بَلْ السُنَّةُ والفَرْضُ مِنَ اللهِ، والرَسُولُ ﷺ إِنَّمَا هُوَ مُبَلِّغٌ عَنِ اللهِ، لأَنَّهُ لا يَنْطِقُ عَنِ الهُوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى. فَهِيَ وإِنْ كَانَتْ سُنَّةً مَنْقُولَةً عَنِ النَبيِّ ﷺ ولَكِنَّهَا مَنْقُولَةٌ نَافِلَةً، فَسُمِّيَتْ سُنَّةً، كَمَا أَنَّ الفَرْضَ مَنْقُولٌ فَرْضَاً فَسُمِّيَ فَرْضَاً، فَرَكْعَتَا فَرْضِ الفَجْرِ مَنْقُولَةٌ عَنِ النَبيِّ ﷺ بطَرِيقِ التَوَاتُرِ فَرْضَاً، ورَكْعَتَا سُنَّةِ الفَجْرِ كذَلِكَ مَنْقُولَةٌ عَنِ النَبيِّ ﷺ بطَرِيقِ التَوَاتُرِ نَفْلاً، وكِلْتَاهُمَا مِنَ اللهِ تَعَالى ولَيْسَتَا مِنْ شَخْصِ الرَسُولِ ﷺ. فالأَمْرُ فَرْضٌ ونَافِلَةٌ في العِبَاداتِ، وفَرْضٌ ومَنْدُوبٌ ومباحٌ في غَيْرِهَا. فالنَافِلَةُ هِيَ المَنْدُوبُ نَفْسُهُ سُمِّيَتْ نافِلَةً وأُطْلِقَ عَلَيْهَا سُنَّةٌ. وكذَلِكَ تُطْلَقُ السُنَّةُ عَلَى مَا صَدَرَ عنِ الرَسُولِ ﷺ مِنَ الأَدِلَّةِ الشَرْعِيَّةِ مِمَّا لَيْسَ قُرْآناً. ويَدْخُلُ في ذَلِكَ أَقْوالُ النَبيِّ ﷺ وأَفْعَالُهُ وتَقَارِيرُهُ - سُكُوتُهُ –".
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: بَعدَ أنْ بَيَّنَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ - رَحِمَهُ اللهُ - أنوَاعَ الأحكَامِ الشَّرعِيَّةِ, وَعَرَّفَ كُلَّ نَوعٍ مِنهَا تَعرِيفًا صَحِيحًا كَمَا عَرَّفَهُ عُلَمَاءُ أُصُولِ الفِقْهِ, انتَقَلَ إِلَى الحَدِيثِ عَنِ السُّنةِ؛ لِيُوَضِّحَ مَعَنَاهَا اللُّغَوِيَّ وَالشَّرعِيَّ, وَلِيُبطِلَ مَفهُومًا شَاعَ وَذَاعَ بَينَ النَّاسِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَوضُوعِ تَشرِيعِ السُّنةِ وَالفَرضِ, وَهُوَ أنَّ السُّنةَ مِنْ عِندِ النَّبِيِّ ﷺ, وَالفَرضَ مِنْ عِندِ اللهِ جَلَّ فِي عُلاهُ. وَيُمكِنُ إِجْمَالُ الأفكَارِ الوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الفَقْرَةِ بِالنُّقَاطِ الآتِيَةِ:
- السُنَّةُ في اللُّغَةِ: الطَرِيقَةُ.
- السُنَّةُ في الشَرْعِ فقدْ تُطْلَقُ عَلَى ما كَانَ نافِلَةً مَنْقُولَةً عَنِ النَبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وسَلَّمَ كَرَكَعَاتِ السُنَنِ، فَإِنَّهَا تُسَمَّى سُنَّةً، أَيْ مُقَابِلَ الفَرْضِ.
- لَيْسَ مَعْنَى تَسْمِيَتِهَا سُنَّةً أَنَّهَا مِنَ النَبيِّ ﷺ، والفَرْضَ مِنَ اللهِ.
- السُنَّةُ والفَرْضُ مِنَ اللهِ، والرَسُولُ ﷺ إِنَّمَا هُوَ مُبَلِّغٌ عَنِ اللهِ، لأَنَّهُ لا يَنْطِقُ عَنِ الهُوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى. وَبَيَانُ ذَلِكَ كَالآتِي:
- السُنَّةُ وإِنْ كَانَتْ سُنَّةً مَنْقُولَةً عَنِ النَبيِّ ﷺ ولَكِنَّهَا مَنْقُولَةٌ نَافِلَةً، فَسُمِّيَتْ سُنَّةً.
- الفَرْضَ مَنْقُولٌ فَرْضًا فَسُمِّيَ فَرْضًا.
- رَكْعَتَا فَرْضِ الفَجْرِ مَنْقُولَةٌ عَنِ النَبيِّ ﷺ بطَرِيقِ التَوَاتُرِ فَرْضًا.
- رَكْعَتَا سُنَّةِ الفَجْرِ كذَلِكَ مَنْقُولَةٌ عَنِ النَبيِّ ﷺ بطَرِيقِ التَوَاتُرِ نَفْلاً.
- كِلْتَا الرَّكعَتَينِ: فَرضُ الفَجْرِ, وَسُنَّةُ الفَجْرِ مِنَ اللهِ تَعَالى ولَيْسَتَا مِنْ شَخْصِ الرَسُولِ ﷺ.
- الأَمْرُ فَرْضٌ ونَافِلَةٌ في العِبَاداتِ.
- الأَمْرُ فَرْضٌ ومَنْدُوبٌ ومباحٌ في غَيْرِ العِبَادَاتِ.
- النَافِلَةُ هِيَ المَنْدُوبُ نَفْسُهُ, سُمِّيَتْ نافِلَةً وأُطْلِقَ عَلَيْهَا سُنَّةٌ.
- تُطْلَقُ السُنَّةُ عَلَى مَا صَدَرَ عنِ الرَسُولِ ﷺ مِنَ الأَدِلَّةِ الشَرْعِيَّةِ مِمَّا لَيْسَ قُرْآنًا.
- يَدْخُلُ في ذَلِكَ أَقْوالُ النَبيِّ ﷺ وأَفْعَالُهُ وتَقَارِيرُهُ أي سُكُوتُهُ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.