- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مختصر السيرة النبوية العطرة
ح12
الفيل الضخم يرفض التقدم نحو الكعبة، والطير الأبابيل تتصدى لجيش أبرهة
هذا الفيل الكبير الضخم كان إذا تقدم، تقدمت خلفه كل الفيلة، وإذا برك تبرك كل الفيلة، كانت الفيلة مدربة على اتباعه، فلما وصل هذا الفيل، ورأى الكعبة، برك، وبرك خلفه كل الفيلة؛ فأداروا وجهه إلى جهة اليمن، فقام يجري، وقامت كل الفيلة خلفه تتبعه، فوجهوه للكعبة؛ فبرك للأرض، ولم يتحرك، فأمرهم أبرهة بضربه بالحديد؛ فضربوه، فأبى الحركة، فوجهوه راجعاً إلى اليمن فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك!! قال أبرهة: اسقوه الخمر كي يفقد عقله، لعله استجاب فأسقوه الخمر، ولكن من غير فائدة، فاستشاط أبرهة غضباً من الفيل، وسلّ سيفه، وطعنه بين عينه، فأرداه قتيلاً، وفجأة شعروا، بأشعة الشمس تنحجب، نظروا فوقهم، وإذ هي طيور كالغمام الممطر قد حجبت ضوء الشمس من كثرتها، جاء أمر الله العلي القدير.
جاء أمر مالك الملك (أيحسب أن لن يقدر عليه أحد) (طيور أبابيل). أبابيل: أي أسراب ضخمة من الطيور يلحق بعضها بعضا. يقول أهل مكة عن هذه الطيور: "لم نرَ مثلها من قبل، ولا من بعد، رؤوسها تشبه رؤوس السباع". وكان كل طير يحمل ثلاثة حجارة: في منقاره حجر، وفي رجليه حجرين، بحجم حبة العدس؛ فجاءت حتى وقفت على رؤوسهم، ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فوقعت الحجارة عليهم، فكانت تنزل على رأس الرجل تخرج من دبره، وبعث الله ريحاً شديدة، فزادتها شدة حتى جعلهم ربنا كما قال: (كعصفٍ مأكول) أي كالقمح عندما تستخرج الحبة من البذرة، وتتناثر القشرة هنا وهناك، فكل رجل كان يسقط عليه حجر يتناثر لحمه عن عظمه، والدماء تسيل منه حتى يهلك. حتى من هرب من الجند، وقد أصابه الحجر كانت أعضاؤه تتساقط على الطريق عضواً عضواً، حتى أصبحوا كالفراخ. والفرخ هو الطير الصغير ليس له ريش. هكذا حمى الله بيته، أجل: إن للبيت ربّاً يحميه، وكان بين حادثة الفيل، ومولد الحبيب المصطفى ﷺ خمسون يوماً، حمى الله البيت استعداداً لهذا المولود المبارك، ورجعت قريش، وعرفت عظمة الله، وعظمة هذا البيت، وهنا أخذ الكون كله يستعد، ويتحضر لاستقبال هذا النور النبوي المحمَّـدي ﷺ. يتبع مولده ﷺ، وماذا رأت أمه آمنة يوم ولادته؟ في الحلقة القادمة إن شاء الله.
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد النادي