- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية
الحلقة الثامنة
وصلنا في الحلقة السابقة إلى أن الدولة الإسلامية يجب عليها منع الدول المجاورة من تلويث البيئة ومنعها من إلقاء مخلفاتها الصناعية في أراضيها، وسنبين في هذه الحلقة كيفية ذلك.
يجوز للدولة الإسلامية أن تعقد مع غيرها من الدول معاهدات واتفاقيات منع التلوث البيئي شرط أن يكون موضوع التعاقد قد أجازه الشرع، والدليل على جواز عقد المعاهدات البيئية مع الدول، هو دليل جواز عقد المعاهدات العام، كقوله سبحانه وتعالى: (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) [النساء92]، والميثاق هو المعاهدة. كما أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عقد معاهدة مع يحنة بن رؤبة، صاحب أيلة، وعقد معاهدة مع بني ضمرة.
وتطبق في هذه المعاهدات الشروط التي تضمنتها، ويجب أن يتقيد المسلمون بهذه الشروط لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "المسلمونَ عِنْدَ شُروطِهِم"، صححه الألباني، على أن لا يكون هذا الشرط مناقضا للإسلام، فإن كان مناقضا للإسلام رفض لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ"، رواه ابن ماجه وصححه الألباني، فيقوم المسلمون بتنفيذ هذه الشروط حسب ما وردت في نصوص المعاهدات على أن لا تخالف الإسلام.
وتحدد المعاهدات بما لا ضرر منه وتمنع من كل ما فيه ضرر عملا بالقاعدة الشرعية "كل فرد من أفراد المباح إذا كان يؤدي إلى ضرر يمنع ذلك الفرد ويبقى الأمر مباحا". فوجود الضرر المعين لا يحرم ما أباحه الشرع، وإنما وجود الضرر في فرد من أفراده يحرم ذلك الفرد ولكن يظل الأمر مباحا.
ويجب أن تكون تلك المعاهدات والاتفاقيات خارج مظلة المنظمات الدولية، فلا تؤثر على كيان الدولة، ولا تنقص من سلطانها الداخلي والخارجي، ولا تجعل للكافر سلطانا عليها، حتى لا تخرج المواد الخام من البلاد، أو تسبب إقفال مصانع البلاد أو ما شاكل ذلك.
أما فيما يخص الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية بخصوص التلويث الصناعي، كبروتوكول كيوتو الخاص بالاحتباس الحراري والملحق باتفاقية تغير المناخ 2003م، واتفاقية استوكهولم للملوثات العضوية الثابتة سنة 2004م وغيرها من الاتفاقيات، فينظر، فما كان من هذه الاتفاقيات والمعاهدات تحت مظلة المنظمات التي تقوم على غير أساس الإسلام أو تطبق أحكاما غير أحكام الإسلام، كهيئة الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وكالمنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية وغيرها، فإنه لا يجوز للدولة أن تشترك فيها إن اشترط عليها أن تكون عضوا في هذه المنظمات. وحتى لو لم يشترط على الدولة الإسلامية أن تنضم إلى هذه المنظمات، فإن عقد اتفاقيات ومعاهدات مع هذه المنظمات يساهم في تقويتها معنويا. والأصل يعمل على هدم هذه المنظمات واستبدالها بمنظمة عالمية جديدة، لا يكون للدول العظمى عليها هيمنة ولا سلطان، ولا تكون بمثابة دولة عالمية.
وذلك لأن الموضوع الذي قامت عليه مثل هذه المنظمات الدولية والمنظمات المحلية يحرمه الشرع، فهيئة الأمم تقوم على أساس النظام الرأسمالي وهو نظام كفر، علاوة على أنها أداة في يد الدول الكبرى ولا سيما أمريكا، تسخرها من أجل فرض سيطرتها على الدول الصغرى، ومنها الدول القائمة في العالم الإسلامي. لذلك نرى أن الدول الكبرى توقع على الاتفاقيات التي تضمن مصالحها على حساب باقي الدول فقط، وعلى سبيل المثال فإن أمريكا رفضت التوقيع على بروتوكول كيوتو الذي يتضمن تخفيض انبعاثات الغازات السامة من قبل الدول الصناعية بنسبة 5.2 بالمائة، خوفا من أن تتأثر صناعاتها، علما أن أمريكا مسؤولة عن ربع كميات الغازات الصناعية المنبعثة في الجو.
جمع وإعداد: راضية عبد الله