- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الرابعة عشر
ومع المجال الثالث من مجالات الرعاية الصحية العامة في الدولة الإسلامية نكمل إن شاء الله
3- الرقابة الصحية:
تقوم الدولة الإسلامية عن طريق جهاز الحسبة بمراقبة الأمور التي تؤثر على صحة الجماعة بشكل عام، بحيث يمنع المحتسب كل ضرر صحي يقع على الجماعة ويعاقب من يتسبب به عقوبة تزجره عن العودة إليه. وأما باقي القضايا التي لا تتعلق بصحة الجماعة ولكنها تضر بصحة بعض الأفراد أو الفئات في الدولة الإسلامية، فيعين لها جهاز يراقبها ويتابعها، ويقوم بمنعها إذا وجد أنها تلحق الضرر بهؤلاء الأفراد أو الفئات. ومن الأمور التي يجب على المحتسب أن يراقبها في الدولة الإسلامية:
أ- جودة الغذاء في المطاعم والأسواق والمصانع: إن الواجب على من يصنع الطعام ويقدمه في المحلات العامة أن يلتزم بالنظافة الكاملة أثناء إعداده وبجودة الطعام المقدم، حتى لا تنتج الأمراض المختلفة وتنقل العدوى، وعلى المحتسب أن يقوم بإغلاق المطاعم أو محلات الطعام التي يتبين أنها تقدم الطعام الفاسد أو المغشوش، ومعاقبة أصحابها إن كانوا مقصرين أو متعمدين بيع الغذاء الفاسد. ولا يعاد فتحها إلا بعد إعادة فحص جودة ما تقدمه للناس من غذاء. روى مسلم في صحيحه أنَّ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلاً، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟"، قَالَ: "أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ –أيِ المَطَرُ- يَا رَسُولَ اللَّهِ". قَالَ: "أَفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ! مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي".
ب- المواصفات والمعايير للمنتجات والسلع: إن بعض السلع والمنتجات كمواد البناء والمواد الكيماوية كمبيدات الحشرات ومواد التنظيف يمكن أن تسبب ضررا على مستخدمها إذا لم تكن مصنعة وفق مواصفات ومعايير تضمن السلامة عند استخدامها، ولذلك كان لا بد من إنشاء جهاز خاص في الدولة يضم علماء في مختلف المجالات ذات العلاقة لوضع هذه المعايير والمواصفات وإلزام المصانع والمنتجين بها، ويقوم المحتسب بمراقبة تطبيق هذه المعايير والمواصفات ومعاقبة مخالفها ومنع تداول السلعة المخالفة.
ج- فحص المواد المستوردة من الدول الأخرى، سواء أكانت مواد زراعية أم صناعية، لمنع دخول ما قد يضر بالرعية في الدولة الإسلامية أو ينقل الأمراض والآفات من الدول الأخرى، كاستيراد الحيوانات المصابة بمرض معد أو البضاعة الفاسدة، وتقوم الدولة بإنشاء نقاط فحص وتفتيش في ثغور الدولة لهذا الهدف. وقد روى البخاري في صحيحه، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ". والحديث هنا بصيغة النهي، والممرض هو الذي له إبل مرضى، والمصح من له إبل صحاح، فيكون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قد نهى صاحب الإبل المريضة أن يوردها على الإبل الصحيحة.
د- مراقبة صحة القادمين للدولة من مستأمنين ومعاهدين والرسل القادمين إلى الدولة الإسلامية من دول تنتشر فيها أمراض معدية كالطاعون أو السارس أو السل، فتقوم بفحصهم والكشف عن حملهم للمرض قبل دخولهم الدولة، فإن وجد أن أحدهم يحمل المرض وفيه قابلية نقل العدوى منع من دخول الدولة.
وقد سئل أسامة بن زيد (رضي الله عنه): "ماذا سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الطاعون؟"، فقال أسامة (رضي الله عنه): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ -أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ-، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ"، رواه البخاري. وروى مسلم في صحيحه أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ فَارْجِعْ".
هـ- قوانين الأمان في العمل: على صاحب العمل أن يوفر لعماله البيئة الصحية الآمنة للعمل، ولا يعرضهم للخطر، وعلى المحتسب أن يشرف على المصانع والورشات، ويتأكد من خلو مكان العمل من أي خطر على العمال.
جمع وإعداد: راضية عبد الله