الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح31) فساد الرابطتين: المصلحية, والروحية بلا نظام ينبثق عنها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح31) فساد الرابطتين: المصلحية, والروحية بلا نظام ينبثق عنها

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الحَادِيَةِ وَالثَّلاثِينَ, وَعُنوَانُهَا: "فَسَادُ الرَّابِطَتَينِ: المَصلَحِيَّةِ, وَالرُّوحِيَّة بِلا نِظَامٍ يَنبَثِقُ عَنهَا". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الحَادِيَةِ وَالعِشرِينَ مِنْ كِتَابِ "نظَامِ الإِسلامِ" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "وَمِنَ الرَّوَابِطِ الفَاسِدَةِ الَّتِي قَدْ يُتَوَهَّمُ وُجُودُهَا رَابِطَةً بَينَ النََّاسِ الرَّابِطَةُ المَصْلَحِيَّةُ، وَالرَّابِطَةُ الرُّوحِيَّةُ الَّتِي لَيسَ لَهَا نِظَامٌ يَنبثِقُ عَنْهَا. أمَّا الرَّابِطَةُ المَصلَحِيَّةُ فَهِيَ رَابِطَةٌ مُؤَقَّتَةٌ وَلا تَصلُحُ لأنْ تَربِطَ بَنِي الإِنسَانِ، لأنَّهَا عُرْضَةٌ لِلمُساوَمَةِ عَلَى مَصَالِحَ أكْبَرَ مِنْهَا، فَتَفْقِدُ وُجُودَهَا فِي حَالَةِ تَرْجِيحِ المَصْلَحَةِ. وَلأنَّهَا إِذَا تَبَايَنَتِ الْمَصلَحَةُ تَنتَهِي، وَتَفْصِلُ النَّاسَ عَنْ بَعضِهِمْ، وَلأنَّهَا تَنتَهِي حِينَ تَتِمُّ هَذِهِ الْمَصَالِحُ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ رَابِطَةً خَطِرَةً عَلَى أهلِهَا. وَأمَّا الرَّابِطَةُ الرًّوحِيَّةُ بِلا نِظَامٍ يَنبَثِقُ عَنْهَا، فَإِنَّهَا تَظْهَرُ فِي حَالَةِ التَدَيُّنِ، وَلا تَظْهَرُ فِي مُعْتَرَكِ الْحَيَاةِ. وَلِذَلِكَ كانتْ رَابِطَةً جُزْئِيَّةً غَيرَ عَمَلِيَّةٍ، وَلا تَصْلُحُ لأنْ تَكُونَ رَابِطَةً بَينَ النَّاسِ فِي شُؤُونِ الْحَيَاةِ، وَمِنْ هُنَا لَمْ تَصْلُحِ العَقِيدَةُ النَّصْرانِيَّةُ لأنْ تَكُونَ رَابِطةً بَينَ الشُعُوبِ الأُورُوبِّيَّةِ مَعَ أنَّهَا كُلَّهَا تَعْتَنِقُهَا، لأنَّها رَابِطَةٌ رُوحِيَّةٌ لا نِظَامَ لَهَا".

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَقُولُ ابنُ خَلدُونَ فِي مُقَدِّمَتِهِ: "إِنَّ الإِنسَانَ كَائِنٌ اجتِمَاعِيٌّ بِطَبعِهِ". وَهَذَا يَعنِي أنَّ الإِنسَانَ فُطِرَ عَلَى العَيشِ مَعَ الجَمَاعَةِ, وَالتَّعَامُلِ مَعَ الآخَرِينَ, فَهُوَ لا يَقْدِرُ عَلَى العَيشِ وَحِيداً بِمَعزِلٍ عَنهُمْ مَهْمَا تَوَافَرَتْ لَهُ سُبُلُ الرَّاحَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ, وَحَتَّى كَلِمَةُ إِنسَانٍ جَاءَتْ مِنَ الأُنسِ, فَهُوَ يَستَأنِسُ بِمَنْ حَولَهُ, يَعِيشُ وَيَتَعَايَشُ مَعَهُمْ, فَيَنتُجُ عَنْ هَذَا التَّعَايُشِ تَبَادُلٌ فِي الأفكَارِ وَالثَّقَافَاتِ, فَيَكتَسِبُ مِنهُمْ, وَيَكتَسِبُونَ مِنهُ. وَمِنْ هُنَا تَنشَأُ بَينَهُمْ رَوَابِطُ إنسَانِيَّةٌ عَلَى أشكَالٍ مُختَلفةٍ, وَلا بُدَّ لِهَذِهِ الرَّوَابِطُ من أنْ تَستَنِدَ إِلَى مَبدَأ أو عَقِيدَةٍ صَحِيحَةٍ يَنبَثِقُ عَنهَا نِظَامٌ يُعَالِجُ جَمِيعَ شُؤُونِ الحَيَاةِ, وَلا بُدَّ مِنْ أنْ يُضَافَ لِهَذِهِ الرَّوَابِطِ الإِنسَانِيَّةِ البِرُّ وَالتَّقوَى, وَالمَحَبَّةُ وَالرَّحْمَةُ, وَإلاَّ كَانَتْ رَوَابِطَ وَهْمِيَّةً فَاسِدَةً. هَذَا وَإِنَّ هُنَاكَ رَابِطَتَينِ مِنَ الرَّوَابِطِ الفَاسِدَةِ الَّتِي قَدْ يُتَوَهَّمُ وُجُودُهُمَا رَابِطَةً بَينَ النَّاسِ وَهُمَا:

 

أولاً: الرَّابِطَةُ المَصْلَحِيَّةُ:

 

ثانيًا: الرَّابِطَةُ الرُّوحِيَّةُ الَّتِي لَيسَ لَهَا نِظَامٌ يَنبثِقُ عَنْهَا.

 

أمَّا الرَّابِطَةُ المَصلَحِيَّةُ فَهِيَ رَابِطَةٌ مُؤَقَّتَةٌ, وَهِيَ رَابِطَةٌ خَطِرَةً عَلَى أهلِهَا. وَلا تَصلُحُ لأنْ تَربِطَ بَنِي الإِنسَانِ لِثَلاثَةِ أسْبَابٍ:

  1. لأنَّهَا عُرْضَةٌ لِلمُساوَمَةِ عَلَى مَصَالِحَ أكْبَرَ مِنْهَا، فَتَفْقِدُ وُجُودَهَا فِي حَالَةِ تَرْجِيحِ المَصْلَحَةِ.
  2. لأنَّهَا إِذَا تَبَايَنَتِ الْمَصلَحَةُ تَنتَهِي، وَتَفْصِلُ النَّاسَ عَنْ بَعضِهِمْ.
  3. لأنَّهَا تَنتَهِي حِينَ تَتِمُّ هَذِهِ الْمَصَالِحُ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ رَابِطَةً خَطِرَةً عَلَى أهلِهَا.

Boloogh 31 07 2024

 

وَأمَّا الرَّابِطَةُ الرًّوحِيَّةُ بِلا نِظَامٍ يَنبَثِقُ عَنْهَا، كَالرَّابِطَةِ الَّتِي تَربِطُ بَينَ أبنَاءِ الدِّيَانَةِ النَّصرَانِيَّةِ, فَهِيَ لا تَصْلُحُ كَذَلِكَ لأنْ تَكُونَ رَابِطَةً بَينَ النَّاسِ فِي شُؤُونِ الْحَيَاةِ لِثَلاثَةِ أسْبَابٍ:

 

  1. لأنَّهَا تَظْهَرُ فِي حَالَةِ التَدَيُّنِ فَقَط.
  2. لأنَّهَا لا تَظْهَرُ فِي مُعْتَرَكِ الْحَيَاةِ.
  3. لأنَّهَا رَابِطَةٌ جُزْئِيَّةٌ غَيرُ عَمَلِيَّةٍ.

وَمِنْ هُنَا لَمْ تَصْلُحِ العَقِيدَةُ النَّصْرانِيَّةُ لأنْ تَكُونَ رَابِطةً بَينَ الشُعُوبِ الأُورُوبِّيَّةِ مَعَ أنَّهَا كُلَّهَا تَعْتَنِقُهَا، لأنَّها رَابِطَةٌ رُوحِيَّةٌ لا نِظَامَ لَهَا". مِنْ أجْلِ ذَلِكَ رَأينَا وَنَحْنُ نَعِيشُ فِي الأُردُنِّ وَفِلَسطِينَ مِنْ أرْضِ الشَّامَ المُبَارَكَةَ, رَأينَا أبنَاءَ الدِّيَانَةِ النَّصرَانِيَّةِ حِينَ يَمُوتُ أحَدُهُمْ, وَيترُكُ وَرَاءَهُ عَقَاراً أو مَالاً وثَروَةً لِوَرَثَتِهِ, فَإِنَّهُم لا يَجِدُونَ فِي دِيَانَتِهِمُ النَّصرَانِيَّةِ نِظَاماً يُبَيِّنُ وَيُحَدِّدُ لَهُمْ كَيفَ يُوَزِّعُونَ هَذه التَّرِكَةَ عَلَى الوَرَثَةِ, فَيَضطَرُّونَ إِلَى اللُّجُوءِ الأحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بِتَوزِيعِ الإِرثِ عَلَى الوَرَثَةِ, وَالمأخُوذَةِ مِنْ نِظَامِ الإِسلامِ العَظِيمِ, ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ الكَامِلُ الشَّامِلُ, الَّذِي جَاءَنَا مِنْ عِندِ اللهِ تَعَالَى المُتَّصِفِ بِصِفَاتِ الجَلالِ وَالكَمَالِ, القَائِلِ فِي مُحكَمِ كِتَابِهِ: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا). (المائدة 3)

 

لَقَدْ عَاشَ النَّصَارَى فِي ظِلِّ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ أعِزَّةً أحْرَاراً مُكَرَّمِينَ مَصُونَةً دِمَاؤُهُمْ وَأعرَاضُهُمْ وَأموَالُهُمْ وَحُرُمَاتُهُم وَمُقَدَّسَاتُهُمْ وَكَنَائِسُهُمْ وَفْقَ العُهدَةِ العُمَرِيَّةِ, وَقَد سُمُّوا وَأطلَقَ عَلَيهِمْ أهْلُ الإِسلامِ أنَّهُمْ أهْلُ الذِّمَّةِ أيْ أنَّ حِمَايَتَهُمْ وَصِيَانَةِ حُقُوقِهِمْ أمَانَةٌ فِي ذِمَّةِ وَأعنَاقِ المُسلِمِينَ, فَتَسمِيَتُهُمْ بِأهْلِ الذِّمَّةِ لَيسَ إِهَانَةً لَهُمْ, بَلْ هُوَ تَكرِيمٌ لَهُمْ, وَيَكفِي عَلَى ذَلِكَ دَلِيلاً قَولُ نَبِيِّنَا الكَرِيمِ r: «مَنْ آذَى ذِمِّياً فَقَد آذَانِي». والنَّصَارَى - بَعضُهُمْ وَلَيسُوا كُلُّهُم - نَجِدُهُمْ أقْرَبَ النَّاسِ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا كَمَا أخْبَرَنَا بِذَلِكَ رَبُّ العِزَّةِ جَلَّ وَعَلا فَقَالَ وَهُوَ خَيرُ وَأصْدَقُ القَائِلِينَ: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ). وَإِنَّ قِصَّةَ النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الحَبَشَةِ مَعُرُوفَةٌ, عِندَمَا رَأى رَسُولُ اللهِ r اضطِهَادَ أصْحَابِهِ, وَاشتِدَادَ أذَىَ المُشرِكِينَ بِهِمْ، وَلَمْ يَستَطِعْ أنْ يُوَفِّرَ الحِمَايَةَ لَهُمْ، سَمَحَ لَهُمْ بِالهِجْرَةِ إِلَى الحَبَشَةِ؛ لأنَّ فِيهَا حَاكِمًا نَصرَانِيًا هُوَ النَّجَاشِيُّ، لا يُظْلَمُ عِندَهُ أحَدٌ، حَيثُ قَالَ رَسُولُ اللهِ r لأصْحَابِهِ: «لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى الْحَبَشَةِ؛ فَإِنَّ بِهَا مَلِكاً لاَ يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ».

 

وَتَحضُرُنِي فِي هَذَا المَقَامِ قِصَّةٌ حَدَثَتْ مَعَ أحَدِ شَبَابِنَا المُدَرِّسِينَ فِي مَدَارِسِ وَكَالَةِ الغَوثِ الدَّولِيَّةِ, أثنَاءَ قِيَامِهِ بِأعْمَالِ حَمْلِ الدَّعوَةِ, فَحِينَ اشتَدَّ أذَى اليُهُودِ بِأهْلِ غَزَّةَ في أرض فِلَسطِينَ مِنْ أرضِ الشَّامَ المُبَارَكَةَ, دَعَا الحِزْبُ إِلَى تَسيِيرِ الجُيُوشِ لأجْلِ نُصرَتِهِمْ وَإِنقَاذِهِمْ, وَطَلَبَ الحِزْبُ إِلَى شَبَابِهِ أنْ يَجْمَعُوا تَوَاقِيعَ النَّاسِ عَلَى قَوَائِمَ وَجَدَاوِلَ مُعَدَّةٍ لِهَذَا الشَّأنِ مِنْ أجْلِ تَقدِيمِهَا لِلحُكُومَةِ لِتَعلَمَ أنَّ هَذَا المَطلَبَ هُوَ مَطْلَبُ الأُمَّةِ, وَلا بُدَّ مِنْ تَنفِيذِهِ بِتَسيِيرِ تِلْكَ الجُيُوشِ لِرَفْعِ القَتْلِ وَالقَصْفِ وَالتَّدمِيرِ عَنْ أهْلِنَا فِي غَزَّةَ, وَكَعَادَةِ الحِزْبِ فَإِنَّهُ يُذَكِّرُ فِي نِهَايَةِ كُلِّ نَشْرَةٍ أنَّهُ لَو كَانَ لِلْمُسلِمِينَ دَولَةٌ وَخَلِيفَةٌ يَحكُمُهَا بِشَرعِ اللهِ لَمَا تجرَّأ يَهُودُ وَلا غَيرُهُمْ بِمُجَرَّدِ التَّفكِيرِ عَلَى الاعتِدَاءِ عَلَى مُسلِمٍ أينَمَا كَانَ. يَقُولُ الأُستَاذُ: دَخَلْتُ إِحدَى المَدَارِسِ لأجْمَعَ تَوقِيعَاتِ المُدَرِّسِينَ أثنَاءَ اجتِمَاعِهِمْ فِي غُرفَةِ المُعلِّمِينَ فِي فَترَةِ الاستِرَاحَةِ بَينَ الدُّرُوسِ, فَبَيَّنتُ لَهُمْ مَا هُوَ مَطلُوبٌ مِنهُمْ, وَقُلتُ لَهُمْ: إِنَّ هَذَا المَطلَبُ يَطلُبُهُ مِنكُمْ حِزْبُ التَّحرِيرِ الَّذِي يَسعَى لإِقَامَةِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنهَاجِ النُّبُوَّةِ, فَأوجَسَ المُدَرِّسُونَ فِي أنفُسِهِمْ خِيفَةً, وَأحْجَمُوا وَأعرَضُوا عَنِ التَّوقِيعِ عَلَى هَذِهِ القَوَائِمِ, وَكَانَ بَينَ هَؤُلاءِ المُدَرِّسِينَ مُدَرِّسٌ نَصرَانِيٌّ, فَقَالَ مُخَاطِباً بَقِيَّةَ المُدَرِّسِينَ: "لِمَ أنْتُمْ مُحْجِمُونَ وَمُمتَنِعُونَ عَنِ التَّوقِيعِ؟ وَعَلامَ أنتُمْ خَائِفُونَ؟ إِنَّهُ لا يَقطَعُ الرَّأسَ إِلاَّ مَنْ رَكَّبَهُ, وَهُوَ اللهُ تَعَالَى. وَوَاللهِ وَتَاللهِ وَبِاللهِ, إِنَّ العَيشَ فِي ظِلِّ دَولَةِ الخِلافَةِ لَهُوَ أشرَفُ وَأعَزُّ وَأفْضَلُ مِنَ العَيشِ فِي دُوَيلاتِ الضِّرَارِ هَذِهِ الَّتِي أذَاقَتنَا الذُّلَّ أشكَالاً وَألوَاناً!! تَعَالَ أيُّهَا الأُستَاذُ أنَا أوَّلُ المُوَقِّعِينَ عَلَى هَذِهِ القَائِمَةِ!!". يَقُولُ الأُستَاذُ: وَلَمَّا رَأى المُدَرِّسُونَ المُسلِمُونَ هَذَا المَوقِفَ مِنْ هَذَا المُدَرِّسِ النَّصرَانِيِّ خَجِلُوا مِنْ أنفُسِهِمْ, وَأقبَلُوا عَلَى التَّوقِيعِ. فَالحَمْدُ للهِ عَلَى نِعْمَةِ دِينِ الإِسلامِ, وَكَفَى بِهَا مِنْ نِعْمَةٍ.

   

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم , وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالخميس, 01 آب/أغسطس 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع