- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
الحلْقةُ السادسةُ والعشرونَ بعدَ الْمِئةِ (ح126) مشروع الدستور
الأصلُ في الأشياءِ الإباحةُ ما لم يَرِدْ دليلُ التحريم
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ وَالعِشْرِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "الأَصْلُ فِي الأَشيَاءِ الإِبَاحَةُ مَا لَـمْ يَرِدْ دَلِيلُ التَّحرِيمِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الخَامِسَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 14- الأَصْلُ فِي الأَفْعَالِ التَّقَيُّدُ بِالحُكْمِ الشَّرعِيِّ, فَلَا يُقَامُ بِفِعْلٍ إِلَّا بَعدَ مَعرِفَةِ حُكْمِهِ، وَالأَصْلُ فِي الأَشيَاءِ الإِبَاحَةُ مَا لَم يَرِدْ دَلِيلُ التَّحرِيمِ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ حَتَّى يَدرُسَهُ الـمُسلِمُونَ وَهُمْ يَعْمَلُونَ لإِقَامَتِهَا, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيهِمْ, وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ, وَهَذِهِ تَتِمَّةُ الـمَادَّةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ:
تَبَيَّنَ بِاستِقرَاءِ الأَدِلَّةِ التَّفصِيلِيَّةِ لِلأَحكَامِ الشَّرعِيَّةِ أَنَّ النُّصُوصَ الَّتِي جَـاءَتْ أَدِلَّةً عَلَى الأَحكَامِ يَخـتَلِفُ فِيهَا وَضْعُ النَّصِّ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الفِعْلِ عَنْ وَضْعِ النَّصِّ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الشَّيءِ مِنْ حَيثُ تَوجِيهُ الخِطَابِ. فَالنَّصُّ الـمُتَعَلِّقُ بِالفِعْلِ مُوَجَّهٌ فِيهِ الخِطَابُ إِلَى الفِعْلِ وَحْدَهُ سَوَاءٌ ذُكِرَ مَعَهُ الشَّيءُ أَمْ لَـمْ يُذكَرْ.
فَمَثَلاً قَولُهُ تَعَالَى: (وَأَحَلَّ اللهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا).(البقرة 275)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الكُفَّارِ). (التوبة 123)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ). (الطلاق 7)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (فَليُؤَدِّ الَّذِي اؤتُـمِنَ أَمَانَتَهُ). (البقرة 283)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (كُلُوا وَاشْرَبُوا). (البقرة 60)
وَقَولُ الرَّسُولِ r: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنْ طَرِيقِ ابنِ عُمَرَ وَغَيرِهِ، وَقَولُهُ صلى الله عليه وسلم: «أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ» رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابنِ عُمَرَ وَالبَيهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ بِإِسنَادٍ حَسَّنَهُ البَغَوِيُّ. كُلُّ هَذِه النُّصُوصِ قَدْ وُجِّهَ فِيهَا الخِطَابُ لِلفِعْلِ, وَلَـمْ يُذْكَرْ فِيهَا الشَّيءُ.
وَمَثَلاً قَولُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ كُلٍّ تَأكُلُونَ لَـحْمًا طَرِيًّا). (فاطر 12)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (لِتَأكُلُوا مِنهُ لَـحْمًا طَرِيًّا). (النحل 14)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَأَخْرَجْنَا مِنهَا حَبًّا فَمِنهُ يَأكُلُونَ).(يس33)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّ الذِينَ يَأكُلُونَ أَموَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا). (النساء 10)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (لِيَأكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ). (يس 35) كُلُّهَا قَد وُجِّهَ فِيهَا الخِطَابُ لِلفِعْلِ, وَإِنْ كَانَ قَدْ ذُكِرَ فِيهِ الشَّيءُ.
وَمِثلُ هَذَا الخِطَابِ الـمُتَعَلِّقِ بِفِعْلِ العَبدِ مُبَاشَرَةً. وَهَذَا الوَضْعُ يَختَلِفُ عَنِ النَّصِّ الـمُتَعَلِّقِ بِالشَّيءِ، فَإِنَّ الخِطَابَ فِيهِ مُوَجَّهٌ إِلَى الشَّيءِ وَحْدَهُ، سَوَاءٌ ذُكِرَ مَعَهُ الفِعْلُ أَمْ لَـمْ يُذكَرْ. فَمَثَلاً قَولُهُ تَعَالَى: (حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الـمَيتَةُ). (المائدة 3)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّـمَا حَرَّمَ عَلَيكُمُ الـمَيتَةَ وَالدَّمَ وَلَـحْمَ الخِنْزِيرِ). (النَّحْل 115)،
وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً). (المؤمِنُونَ 18)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الـمَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ). (الأنبياء 30) وَقَولُهُ rفِي مَاءِ البَحْرِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» صَحِيحٌ أَخرَجَهُ مَالِكٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ، كُلُّهَا قَدْ وُجِّهَ الخِطَابُ فِيهَا إِلَى الشَّيءِ, وَلَـمْ يُذكَـرْ مَعَهُ الفِعْلُ.
وَمَثَلاً قَولُهُ تَعَالَى: (إِنَّـمَا الخَمْرُ وَالـمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ). (المائدة 90)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (أَفَرَأَيتُمُ الـمَاءَ الَّذِي تَشرَبُونَ). (الواقعة 68)، وَقَولُهُ تَعَالَى:(أَفَرَأَيتُمُ النَّارَ الَّتِي تُوْرُوْنَ). (الواقعة 71)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (وَمِنْ ثَـمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَرًا). (النحل 67)، وَقَولُهُ تَعَالَى: (نُسقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَينِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ). (النحل 66) كُلُّهَا قَدْ وُجِّهَ فِيهَا الخِطَابُ لِلشَّيءِ, وَإِنْ كَانَ قَدْ ذُكِرَ فِيهِ الفِعْلُ.
وَمِثْلُ هَذَا الخِطَابِ مُتَعَلِّقٌ بِالشَّيءِ, فَهُوَ بَيَانٌ لِحُكْمِ الشَّيءِ، وَلَكِنَّ تَعَلُّقَهُ بِالشَّيءِ إِنَّما هُوَ مِنْ حَيثُ بَيَانُ حُكْمِهِ بِالنِّسبَةِ لِفِعْلِ العَبدِ, لَا بِالنِّسبَةِ لِلشَّيءِ مُنفَصِلاً عَنْ فِعْلِ العَبدِ، إِذْ لَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمٌ إِلَّا بِالنِّسبَةِ لِفِعْلِ العَبدِ. وَبِهَذَا كُلُّهُ يَظْهَرُ الاختِلَافُ فِي وَضْعِ النَّصِّ مِنْ حَيثُ تَوجِيهُ الخِطَابِ.
وَهَذَا الاختِلَافُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الحُكْمُ الشَّرعِيُّ هُوَ خِطَابَ الشَّارِعِ الـمُتَعَلِّقَ بِأَفْعَالِ العِبَادِ، وَلَكِنَّهُ جَاءَتْ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِالأَشيَاءِ مُبَيِّنَةٌ لِحُكْمِهَا مُطْلَقاً، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا بِالنِّسبَةِ لِفِعْلِ العَبدِ لَا بِالنِّسبَةِ لَـهَا مُنفَصِلَةٌ عَنْ فِعْلِ العَبدِ، وَهَذِهِ الدَّلَالَةُ تُبَيِّنُ لَنَا بِالاستِقْرَاءِ أَنَّ أَحْكَامَ الأَشيَاءِ جَاءَتْ بِالدَّلِيلِ العَامِّ الَّذِي جَاءَ مُبَيِّناً حُكْمَ الأَفعَالِ، وَأَنَّ مَا جَاءَ خَاصّاً بِالأَشيَاءِ إِنَّما هُوَ استِثنَاءٌ مِنَ الحُكْمِ العَامِّ الَّذِي جَاءَ لَهَا بِدَلِيلِ الأَفْعَالِ؛ لِأَنَّ الاستِقْرَاءَ قَدْ تَبَيَّنَ مِنهُ أَنَّ النَّصَّ الشَّرعِيَّ الـمُوَجَّهَ فِيهِ الخِطَابُ إِلَى الفِعْلِ مُبَاشَرَةً قَد جَاءَ عَامّاً، فَتَكُونُ جَمِيعُ الأَشيَاءِ الـمُتَعَلِّقَةِ بِهِ مُبَاحَةً؛ لِأَنَّ طَلَبَ الفِعْلِ أَوِ التَّخيِيرَ كَانَ عَامّاً يَشمَلُ كُلَّ شَيءٍ، فَيَكُونُ كُلُّ شَيءٍ مُبَاحاً بِالنِّسبَةِ إِلَى هَذَا الطَّلَبِ، وَتَحرِيمُ شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ يَحتَاجُ إِلَى نَصٍّ.
فَمَثَلاً يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنهُ). (الجَاثِيَةُ 13) وَهَذَا يَعنِي أَنَّ الأَشيَاءَ الَّتِي فِي السَّمَوَاتِ وَالَّتِي فِي الأَرضِ خَلَقَهَا لَنَا فَهِيَ مُبَاحَةٌ، وَيَقُولُ: (وَأَحَلَّ اللهُ البَيعَ). (البقرة 275) وَهَذَا يَعنِي أَنَّ جَمِيعَ الأَشيَاءِ قَدْ أَحَلَّ اللهُ بَيعَهَا وَأَحَلَّ شِرَاءَهَا، فَلَا يَحتَاجُ حِلُّ بَيعِ شَيءٍ مِنهَا إِلَى دَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ العَامَّ يَشمَلُ كُلَّ شَيءٍ، فَتَحرِيمُ بَيعِ شَيءٍ مِنهَا كَالخَمْرِ مَثلاً يَحتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.
وَقَالَ تَعَالَى: (كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا). (البقرة 168) وَهَذَا يَعنِي أَنَّ أَكْلَ كُلِّ شَيءٍ حَلَالٌ، فَلَا يَحتَاجُ أَكْلُ شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ إِلَى دَلِيلٍ يَجعَلُهُ مُبَاحاً؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ العَامَّ أَبَاحَهُ، وَإِنَّما تَحرِيمُ أَكْلِ شَيءٍ كَالـمَيتَةِ مَثَلاً يَحتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ.
وَقَالَ تَعَالَى: (وَكُلُوا وَاشرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا). (الأعراف 31) وَهَذَا يَعنِي أَنَّ شُرْبَ كُلِّ شَيءٍ مُبَاحٌ، فَلَا يَحتَاجُ شُرْبُ شَيءٍ مِنَ الأَشيَاءِ إِلَى دَلِيلٍ يَجعَلُهُ مُبَاحاً؛ لِأَنَّ الدَّلِيلَ العَامَّ أَبَاحَهُ، وَإِنَّما تَحرِيمُ شُرْبِ شَيءٍ كَالـمُسكِرِ مَثَلاً يَحتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ. وَهَكَذَا التَّكَلُّمُ وَالـمَشْيُ وَاللَّعِبُ وَالشَّمُّ وَالاستِنشَاقُ وَالنَّظَرُ وَغَيرُ ذَلِكَ مِنْ أَفعَالِ الإِنسَانِ قَدْ وَرَدَ الدَّلِيلُ العَامُّ مُبِيحاً كُلَّ شَيءٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ هَذِهِ الأَفعَالُ، فَإِبَاحَةُ أَيِّ شَيءٍ لَا يَحتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ، وَإِنَّما تَحرِيمُ أَيِّ شَيءٍ يَتَعَلَّقُ بِهَا هُوَ الَّذِي يَحتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ يُحَرِّمُهُ.
فَتَكُونُ الأَدِلَّةُ الَّتِي جَاءَتِ النُّصُوصُ فِيهَا مُوَجَّهَةً إِلَى الفِعْلِ قَدْ بَيَّنَتْ حُكْمَ الأَشيَاءِ بَيَاناً عَامّاً وَمُطلَقاً, فَلَا تَحتَاجُ إِلَى نُصُوصٍ تُبَيِّنُ أَحْكَامَهَا، فَمَجيءُ نُصُوصٍ خَاصَّةٍ بِالأَشيَاءِ بَعدَ بَيَانِ حُكْمِهَا العَامِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَحكَامَ الخَاصَّةَ بِهَا جَاءَتْ تَستَثنِي حُكْمَهَا مِنْ ذَلِكَ الحُكْمِ العَامِّ.
وَبِهَذَا تَكُونُ نُصُوصُ الشَّرعِ جَاءَتْ مُبَيِّنَةً الحُكْمَ الشَّرعِيَّ فِي الأَشيَاءِ بِأَنَّهَا مُبَاحَةٌ, فَهِيَ مُبَاحَةُ، إِلَّا أَنَّهُ جَاءَتْ نُصُوصٌ تَستَثنِيْ مِنهَا بَعْضَ الأَحْكَامِ, فَتَكُونُ الأَشيَاءُ مُبَاحَةً إِلَّا إِذَا جَاءَ نَصٌّ يُحَرِّمُهَا، وَمِنْ هُنَا كَانَتِ القَاعِدَةُ الشَّرعِيَّةُ (الأَصْلُ فِي الأَشيَاءِ الإِبَاحَةُ) وَهَذِهِ هِيَ أَدِلَّةُ هَذِهِ الـمَادَّةِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.