الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام  (ح150) الأمور التي يتغير بها حال الخليفة فيخرج بها عن الخلافة (1)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

(ح150) الأمور التي يتغير بها حال الخليفة فيخرج بها عن الخلافة (1)

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَمْسِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"الأُمُـورُ الَّتِي يَتَـغَـيَّرُ بِهَا حَالُ الخَلِيفَةِ فَيَخرُجَ بِهَا عَنِ الخِـلَافَةِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ الوَاحِدَةِ وَالثَّانِيَةِ بَعدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 40-الأُمُـورُ الَّتِي يَتَـغَـيَّرُ بِهَا حَالُ الخَلِيفَةِ فَيَخرُجَ بـِهَا عَنِ الخـِلَافَةِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ هِيَ:

 

أ -إِذَا اخْتَلَّ شَرطٌ مِنْ شُرُوطِ انعِقَادِ الخِلَافَةِ، كَأَنِ ارتَدَّ، أَو فَسَقَ فِسْقًا ظَاهِرًا، أَو جُنَّ، أَو مَا شَاكَلَ ذَلِكَ. لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطُ شُرُوطَ انعِقَادٍ، وَشُرُوطَ استِمْرَارٍ.

 

ب -العَجْزُ عَنِ القِيَامِ بِأَعْبَاءِ الخِلَافَةِ لِأَيَّ سَبَبٍ مِنَ الأَسْبَابِ.

 

جـ -القَهْرُ الَّذِي يَجعَلُهُ عَاجِزًا عَنِ التَّصَرُّفِ بِـمَصَالِـحِ الـمُسلِمِينَ بِرَأيِهِ وَفْقَ الشَّرعِ. فَإِذَا قَهَرَهُ قَاهِرٌ إِلَى حَدٍّ أَصْبَحَ فِيهِ عَاجِزًا عَنْ رِعَايَةِ مَصَالـِحِ الرَّعِيَّةِ بِرَأيِهِ وَحْدَهُ حَسَبَ أَحْكَامِ الشَّرعِ يُعتَبَرُ عَاجِزًا حُكْمًا عَنِ القِيَامِ بِأَعْبَاءِ الدَّولَةِ, فَيَخْـرُجَ بِذَلِكَ عَـْن كَـونِـِه خَلِيفَةً. وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي حَالَتَينِ:

 

الحالة الأولى - أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيهِ فَرَدَّ وَاحِدٌ أَو أَفرَادٌ عِدَّةٌ مِنْ حَاشِيَتِهِ فَيَستَبِدُّونَ بِتَنفِيذِ الأُمُورِ. فَإِنْ كَانَ مَأْمُولَ الخَلَاصِ مِنْ تَسَلُّطِهِمْ يُنذَرْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً, ثُمَّ إِنْ لَـمْ يَرْفَـعْ تَسَـلُّطَـهُمْ يُخْلَعْ. وَإِنْ لَـمْ يَكُنْ مَأْمُولَ الخَلَاصِ يُخْلَعْ فِي الحَالِ.

 

الحالة الثانية أَنْ يَصِيرَ مَأْسُورًا فِي يَدِ عَدُوٍّ قَاهِرٍ، إِمَّا بِأَسْرِهِ بِالفِعْلِ أَوْ بِوُقُوعِهِ تَحْتَ تَسَلُّطِ عَدُوِّهِ, وَفِي هَذِهِ الحَالِ يُنظَرْ: فَإِنْ كَانَ مَأْمُولَ الخَلَاصِ يـُمهَلْ حَتَّى يَقَعَ اليَأْسُ مِنْ خَلَاصِهِ, فَإِنْ يُئِسَ مِنْ خَلَاصِهِ يُخْلَعْ, وَإِنْ لَـمْ يَكُنْ مَأْمُولَ الخَلَاصِ يُخْلَعْ فِي الحَالِ.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أَيُّهَا الصَّائِمُونْ, يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ.

 

أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا,وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ الأَربَعُونَ.وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِمِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ, وهِيَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:

 

الدَّلِيلُ عَلَيهَا هُوَ النُّصُوصُ الَّتِي وَرَدَتْ فِي شُرُوطِ الخَلِيفَةِ، فَإِنَّ هَذِه النُّصُوصَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ شُرُوطَ استِمْرَارٍ, وَلَيسَتْ شُرُوطَ تَولِيَةٍ فَحَسْبُ. فَإِنَّ الرَّسُولَ e حِينَ قَالَ: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» أَخرَجَهُ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرَةَ كَانَ كَلَامُهُ شَامِلًا الوِلَايَةَ، فَمَا دَامَ وَالِيًا لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ امْرأَةً، فَإِذَا صَارَ الرَّجُلُ وَهُوَ حَاكِمٌ امرَأَةً بِسَبَبً مِنَ الأَسبَابِ, فَقَدْ فَقَدَ هَذَا الشَّرْطَ وَصَارَ وَاجِبَ العَزْلِ.

 

وَكَذَلِكَ فَإِنَّ اللهَ حِينَ قَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ). (النساء 59) كَانَ قَولُهُ: (مِنكُمْ) إِلَى جَانِبِ (أُولِي الأَمْرَ)كَلامًا وَاضِحًا فِي لُزُومِ الإِسلَامِ لِوَلِيِّ الأَمْرِ مَا دَامَ وَلِيًّا لِلأَمْرِ، فَإِذَا أَصْبَحَ وَلِيُّ الأَمْرِ لَيسَ مِنَّا، أَيْ أَصْبَحَ كَافِرًا فَقَدْ ذَهَبَتِ الصِّفَةُ الَّتِي اشتَرَطَهَا القُرآنُ لِوَلِيِّ الأَمْرِ, فَفَقَدَ شَرْطَ الإِسلَامِ فَصَارَ مَعزُولًا عَنْ وِلَايَةِ الأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ أَمْرٍ وَهُوَ لَيسَ مِنَّا أَيْ لَيسَ مُسلِمًا.

 

وَهَكَذَا جَمِيعُ النُّصُوصِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي شُرُوطِ الخَلِيفَةِ هِيَ نُصُـوصٌ شَـامِلَةٌ تَشـتَمِلُ عَلَى صِفَاتٍ دَائِمَةٍ لَازِمَةٍ لِلمَوصُوفِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شُـرُوطُ استِمْرَارٍ, وَلَيسَتْ شُرُوطَ وِلَايَةٍ فَحَسْبُ، وَعَلَى ذَلِكَ تَكُونُ أَدِلَّةُ شُرُوطِ الخَلِيفَةِ أَدِلَّةً كَذَلِكَ لِعَزْلِهِ، فَإِنَّ وُجُودَهَا شَرطٌ لِانعِقَادِالخِلَافَةِ, وَشَرطٌ لِاستِمرَارِهَا لِإِطلَاقِ النُّصُوصِ، وَفُقدَانُهَا يَفقِدُ استِمرَارَهَا فَيَمنَعُ بَقَاءَ مَنْ وَلِيَ بِحَسَبِهَا فِي وِلَايَتِهِ. وَهَذَا هُوَ دَلِيلُ الفَقرَةِ (أ) مِنْ هَذِهِ الـمَادَّةِ.

 

وَأَمَّا الفَقْرَةُ (ب) فَدَلِيلُهَا هُوَ أَنَّ عَقْدَ الخِلَافَةِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى القِيَامِ بِأَعبَائِهَا, فَإِذَا عَجزَ عَنِ القِيَامِ بِـمَا جَرَى العَقْدُ عَلَيهِ وَجَبَ عَزلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالـمَعدُومِ، وَأَيضًا فَإِنَّهُ بِعَجْزِهِ عَنِ القِيَامِ بِالعَمَلِ الَّذِي نُصِّبَ لَهُ خَلِيفَةً تَتَعَطَّلُ أُمُورُ الدِّينِ وَمَصَالِـحُ الـمُسلِمِينَ، وَهَذَا مُنكَرٌ تَجِبُ إِزَالَتُهُ، وَلَا يَزُولُ إِلَّا بِعَزلِهِ حَتَّى يَتَأَتَّى إِقَامَةُ غَيرِهِ، فَصَارَ عَزلُهُ فِي هَذِهِ الحَالِ وَاجِبًا. إِلَّا أَنَّهُ يَنبَغِي أَنْ يُعلَمَ أَنَّ هَذَا غَيرُ مُرتَبِطٍ بِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ، بَلْ كُلُّ مَا يُصَابُ بِهِ مِنْ شَيءٍ يَجعَلُهُ عَاجِزًا عَنِ القِيَامِ بِعَمَلِهِ يَستَوجِبُ عَزلَهُ، فَإِذَا لَـمْ يـَجعَلْهُ عَاجِزًا لَا يُعزَلُ، وَلِهَذَا لَا يُقَالُ:"إِنْ فَقَدَ أَعضَاءَ الجِسْمِ يَستَوجبُ العَزْلَ أَو لَا يَستَوجِبُ العَزلَ".

 

كَمَا لَا يُقَالُ: "إِنَّ الإِصَابَةَ بِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ يَستَوجبُ العَزلَ أَو لَا يَستَوجبُ العَزلَ". فَإِنَّهُ لَـمْ يَرِدْ نَصٌّ بِشَيءٍ مِنهَا مُطلَقًا، وَإِنَّـمَا الحُكْمُ الشَّرعِيُّ أَنَّ العَجْزَ عَنِ القِيَامِ بِالعَمَلِ الَّذِي نُصِّـبَ لَهُ هُـوَ الَّذِي يَسـتَوجبُ عَزلَهُ أَيًّا كَانَ سَبَبُ هَذَا العَجْزِ، وَهَذَا لَيسَ خَاصًّا بِالخَلِيفَةِ، بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ نُصِّبَ عَلَى عَمَلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ نُصِّبَ حَاكِمًا كَالوَالِي أَو نُصِّبَ أَجِيرًا كَمُدِيرِ الدَّائِرَةِ. فَإِنَّ العَجْزَ يَستَوجبُ العَزْلَ.

 

150

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع