- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح184) الجهاز الإداري: المديرون, والموظفون غير المديرين
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"الجِهَازُ الإِدَارِي: المُدِيرُونَ, وَالمُوَظَّفُونَ غَيرُ المُدِيرِينَ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 99- يُعَيَّنُ لِكُلِّ مَصْلَحَةٍ مُدِيرٌ عَامٌّ, وَلِكُلِّ دَائِرَةٍ وَإِدَارَةٍ مُدِيرٌ يَتَوَلَّى إِدَارَتَهَا، وَيَكُونُ مَسئُولاً عَنهَا مُبَاشَرَةً، وَيَكُونُ هَؤُلَاءِ المُدِيرُونَ مَسئُولِينَ أَمَامَ مَنْ يَتَوَلَّى الإِدَارَةَ العُلْيَا لِمَصَالِحِهِمْ، أَوْ دَوَائِرِهِمْ أَوْ إِدَارَاتِهِمْ مِنْ حَيثُ عَمَلُهُمْ, وَمَسئُولِينَ أَمَامَ الوَالِي وَالعَامِلِ مِنْ حَيثُ التَّقَيُّدُ بِالأَحْكَامِ وَالأَنظِمَةِ العَامَّةِ.
المادة 100- المُدِيرُونَ فِي جَمِيعِ المَصَالِحِ وَالدَّوَائِرِ وَالإِدَارَاتِ لَا يُعْزَلُونَ إِلَّا لِسَبَبٍ ضِمْنَ الأَنظِمَةِ الإِدَارِيَّةِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ نَقْلُهُمْ مِنْ عَمَلٍ إِلَى آخَرَ، وَيَجُوزُ تَوقِيفُهُمْ عَنِ العَمَلِ، وَيَكُونُ تَعْيِينُهُمُ وَنَقْلُهُمْ وَتَوقِيفُهُمْ وَتَأدِيبُهُمْ وَعَزْلُهُمْ مِنْ قِبَلِ مَنْ يَتَوَلَّى الإِدَارَةَ العُلْيَا لِمَصَالِحِهِمْ، أَو دَوَائِرِهِمْ، أَوْ إِدَارَاتِهِمْ.
المادة 101- المُوَظَّفُونَ غَيرُ المُدِيرِينَ يَتِمُّ تَعيِينُهُمْ وَنَقْلُهُمْ وَتَوقِيفُهُمْ وَتَأدِيبُهُمْ وَعَزْلُهُمْ مِنْ قِبَلِ مَنْ يَتَوَلَّى الإِدَارَةَ العُلْيَا لِمَصَالِحِهِمْ أَوْ دَوَائِرِهِمْ أَوْ إِدَارَاتِهِمْ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذه هي المَوَادُّ التَّاسِعَةُ والتِّسْعُون, وَالمِائَةُ, وَالوَاحِدَةُ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ المَوادِّ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
أولا: المادة 99: إِنَّهُ لِضَمَانِ سَيرِ المَصَالِحِ وَالدَّوَائِرِ وَالإِدَارَاتِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَسئُولِينَ لَهَا. فيُعيَّنُ لِكُلِّ مَصْلَحَةٍ مُدِيرٌ عَامٌّ يَتَوَلَّى إِدَارَةَ شُؤُونِ المَصْلَحَةِ مُبَاشَرَةً، وَيُشْرِفُ عَلَى جَمِيعِ الدَّوَائِرِ وَالإِدَارَاتِ التَّابِعَةِ لَهَا. ويُعَيَّنُ لِكُلِّ دَائِرَةٍ وَلِكُلِّ إِدَارَةٍ مُدِيرٌ يَكُونُ مَسئُولاً عَـنهَا مُبَاشَرَةً، وَعَمَّا يَتْبَعُهَا مِنْ فُرُوعٍ وَأَقْسَامٍ. هَذَا مِنْ حَيثُ إِنشَاءُ إِدَارَةِ المَصَالِحِ، أَوْ إِنشَاءُ الدِّيوَانِ، أَمَّا مِنْ حَيثُ مَسؤُولِيَّةُ هَؤُلَاءِ المُوَظَّفِينَ، فَإِنَّهُمْ أُجَرَاءُ، وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ رَعَايَا، فَهُمْ مِنْ حَيثُ كَونُهُمْ أُجَرَاءُ، أَيْ مِنْ حَيثُ قِيَامُهُمْ بِعَمَلِهِمْ، مَسئُولُونَ أَمَامَ رَئِيسِهِمْ فِي الدَّائِرَةِ، أَيْ أَمَامَ مُدِيرِ الدَّائِرَةِ. وَمِنْ حَيثُ كَونُهُمْ رَعَايَا مَسئُولُونَ أَمَامَ الحُكَّامِ مِنْ وُلَاةٍ وَمُعَاوِنِينَ، وَمَسئُولُونَ أَمَامَ الخَلِيفَةِ، وَمُقَيَّدُونَ بِأَحْكَامِ الشَّرعِ، وَبِالأَنظِمَةِ الإِدَارِيَّةِ.
ثانيا: المادة 100: وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَحْكَامِ الأَجِيرِ، فَالأَجِيرُ، إِذَا استُؤْجِرَ لِمُدَّةٍ لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ عَمَّا استُؤْجِرَ لَهُ خِلَالَ مُدَّةِ الإِجَارَةِ وَلَكِنْ يُمكِنُ أَنْ يُخْلَى مِنَ العَمَلِ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالتَّوقِيفِ، وَلَكِنَّهُ فِي هَذِهِ الحَالِ يَستَحِقُّ الأُجْرَةَ؛ لِأَنَّ الإِجَارَةَ مِنَ العُقُودِ اللَّازِمَةِ, وَلَيسَتْ مِنَ العُقُودِ الجَائِزَةِ. فَإِذَا تَمَّ عَقْدُ الإِجَارَةِ لِزَمَ العَقْدُ العَاقِدَينِ، وَأَمَّا التِزَامُ الأَنظِمَةِ الإِدَارِيَّةِ فَإِنَّهَا بِمَثَابَةِ شُرُوطِ الإِجَارَةِ، وَهِيَ مِمَّا يَلزَمُ الوَفَاءُ بِهَا، قَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ».(أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ)، وَفِي رِوَايَةِ الحَاكِمِ وَالدَّارقُطْنِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ»، وَأَمَّا نَقْلُهُ مِنْ عَمَلٍ إِلَى عَمَلٍ، فَإِنَّهُ يَتْبَعُ عَقْدَ الإِجَارَةِ، فَمَنِ استُؤْجِرَ لِيَحْفِرَ خَنْدَقاً لَا يُنقَلُ لِيَبنِيَ بَيتاً، وَكَذَلِكَ دَوَائِرُ الحُكُومَةِ، فَإِذَا عُيِّنَ تَعْيِيناً عَامّاً لِعَمَلٍ جَازَ نَقْلُهُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ فِي ذَلِكَ العَمَلِ، وَإِنْ عُيِّنَ تَعْيِيناً عَامّاً جَازَ نَقْلُهُ مُطْلَقاً، أَيْ يُسَارُ فِي نَقْلِهِ حَسَبَ عَقْدِ التَّعْيِينِ.
ثالثا: المادة 101: المُوَظَّفُونَ فِي الدَّولَةِ أُجَرَاءُ وَفْقَ أَحْكَامِ الإِجَارَةِ. وَيَكُونُ تَعيِينُهُمْ وَعَزْلُهُمْ، وَنَقْلُهُمْ وَتَأْدِيبُهُمْ، مِنْ قِبَلِ مَنْ يَتَولَّى الإِدَارَةَ العُلْيَا لِمَصَالِحِهِمْ أَو دَوَائِرِهِمْ أَوْ إِدَارَاتِهِمْ وَفْقَ الأَنظِمَةِ الإِدَارِيَّةِ. وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ أَحْكَامِ الأَجِيرِ، فَالأَجِيرُ يَجِبُ أَنْ يُلتَزَمَ مَعَهُ مَا يَقتَضِيهِ العَقْدُ، كَمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيهِ أَنْ يَلتَزِمَ بِمَا تَمَّ التَّعَاقُدُ عَلَيهِ، لِأَنَّ العَقْدَ مُلْزِمٌ لِلمُتَعَاقِدَينِ بِمَا تَمَّ الاتِّفَاقُ عَلَيهِ، فَإِذَا استُؤْجِرَ الأَجِيرُ لِمُدَّةٍ لَا يَصِحُّ عَزْلُهُ عَمَّا استُؤْجِرَ لَهُ فِي المُدَّةِ المُحَدَّدَةِ. وَأَمَّا التِزَامُ الأَنظِمَةِ الإِدَارِيَّةِ فَإِنَّهَا بِمَثَابَةِ شُرُوطِ الإِجَارَةِ، وَهِيَ مِمَّا يَلْزَمُ الوَفَاءُ بِهِ. قَالَ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ».(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ). وَأَمَّا نَقُلُ المُوَظَّفِينَ مِنْ عَمَلٍ إِلَى آخَرَ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لِعَقْدِ الإِجَارَةِ, فَيُسَارُ مَعَهُمْ حَسَبَ عَقْدِ التَّعْيِينِ. وَالمَسئُولُ عَنْ تَعْيِينِهِمْ وَتَأْدِيبِهِمْ وَعَزْلِهِمْ هُوَ مَنْ يَتَولَّى الإِدَارَةَ العُلْيَا لِمَصَالِحِهِمْ أَوْ دَوَائِرِهِمْ أَوْ إِدَارَاتِهِمْ، لِأَنَّهُ هُوَ المَسئُولُ عَنِ المَصْلَحَةِ الَّتِي يَعْمَلُونَ فِيهَا، وَهُوَ صَاحِبُ الصَّلَاحِيَّةِ بِمُقْتَضَى المَسْئُولِيَّةِ الَّتِي أُنِيطَتْ بِهِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.