- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح185) الجهاز الإداري: خازن بيت المال, وصاحب بيت المال
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"الجِهَازُ الإِدَارِي: خَازِنُ بَيتِ المَالِ, وَصَاحِبُ بَيتِ المَالِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 102: بَيْتُ المَالِ دَائِرَةٌ تَتَوَلَّى الوَارِدَاتِ وَالنَّفَقَاتِ وَفْقَ الأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ مِنْ حَيثُ جَمْعُهَا وَحِفْظُهَا وَإِنفَاقُهَا. وَيُسَمَّى رَئِيسُ دَائِرَةِ بَيْتِ المَالِ (خَازِنُ بَيْتِ الـمَالِ)، وَيَتْبَعُ هَذِهِ الدَّائِرَةَ إِدَارَاتٌ فِي الوِلَايَاتِ, وَيُسَمَّى رَئِيسُ كُلِّ إِدَارَةٍ (صَاحِبُ بَيْتِ الـمَالِ).
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذِهِ هِيَ المَادَّةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ المَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ: (بَيْتُ الـمَالِ) عَلَمٌ مُركَّبٌ تَركِيباً إِضَافِياً, أَيْ أَنَّهُ تركِيبٌ مُركَّبٌ مِنْ كَلِمَتَينِ: الأُولَى (بَيْتُ) وَهِيَ المُضَافُ, وَالثَّانِيَةُ (الـمَالِ) وَهِيَ المُضَافُ إِلَيهِ. يُطْلَقُ, وَيُرَادُ بِهِ المَكَانُ الَّذِي تُحفَظُ فِيهِ وَارِدَاتُ الدَّولَةِ رَيثَمَا يَتِمُّ إِنفَاقُهَا. وَيُطْلَقُ, وَيُرَادُ بِهِ الجِهَةُ الَّتِي تَخْتَصُّ بِقَبْضِ وَإِنفَاقِ مَا يَستَحِقُهُ الـمُسلِمُونَ مِنْ مَالٍ. وَحَيْثُ إِنَّنَا نَتَبَنَّى - كَمَا بَيَّنَّا سَابِقًا - أَنْ يُوَلَّى الوَالِي وِلَايَةً خَاصَّةً دُونَ الجَيشِ وَالقَضَاءِ وَالمَالِ؛ فَعَلَيهِ كَانَ لِلجَيْشِ كُلِّهِ دَائِرَةٌ مَركَزِيَّةٌ (أَمِيرُ الجِهَادِ)، وَلِلقَضَاءِ كُلِّهِ دَائِرَةٌ مَركَزِيَّةٌ (القَضَاءُ)، وَيَكُونُ كَذَلِكَ لِلمَالِ كُلِّهِ دَائِرَةٌ مَركَزِيَّةٌ (بَيتُ المَالِ)؛ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ (بَيتَ المَالِ) جِهَازٌ مُسْـتَقِلٌّ عَنْ أَيِّ جِهَازٍ آخَرَ مِنْ أَجْهِزَةِ الدَّولَةِ، يَتْبَعُ الخَلِيفَةَ كَمَا يَتْبَعُهُ أَيُّ جِهَازٍ آخَرَ مِنْ أَجْهِزَةِ الدَّولَةِ.هَذَا بِالإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ الأَدِلَّةَ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى أَنَّ بَيتَ المَالِ كَانَ تَابِعاً لِلرَّسُولِ r مُبَاشَرَةً، أَوِ الخَلِيفَةِ، أَوْ مَنْ يَوَلَّى عَلَيهِ بِإِذْنِهِ، فَقْدَ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ أَحْيَاناً خَزْنَ المَالِ، وَكَانَتْ لَهُ خِزَانَةٌ. وَكَانَ يُبَاشِرُ قَبْضَ المَالِ، وَتَوزِيعَهُ، وَوَضْعَهُ مَوَاضِعَهُ. وَأَحْيَاناً كَانَ يُوَلِّي غَيرَهُ هَذِهِ الأُمُورَ. وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعْدِهِ، حَيثُ كَانُوا يَتَوَلَّونَ بِأَنْفُسِهِمْ أُمُورَ بَيتِ المَالِ أَوْ يُنِيبُونَ عَنْهُمْ غَيرَهُمْ. فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَضَعُ المَالَ إِمَّا فِي المَسْجِدِ، كَمَا رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ r بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ». وَإِمَّا فِي حُجْرَةٍ مِنْ حُجَرِ زَوجَاتِهِ، كَمَا رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ: «صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ r بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعاً، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ، فَقَالَ: ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِـبْرٍ عِنْدَنَا، فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ». وَإِمَّا فِي خِزَانَتِهِ كَمَا رَوَى مُسْلِمُ عَنْ عُمَرَ وَفِيهِ: «... فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ r؟ قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَةِ ... فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ r فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاعِ، وَمِثْلِهَا قَرَظاً فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَةِ وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ. قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ قَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، وَمَا لِي لاَ أَبْكِي وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ لا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى؟...». والقَرَظُ كَمَا فِي القَامُوسِ المُحِيطِ: وَرَقُ شَجَرِ السَّلَمِ أَوْ ثَمَرُ شَجَرِ السَّنْطِ يُعتَصَرُ مِنهُ. وَالأَفِيقُ: الجِلْدُ لَمْ يَتِمَّ دِبَاغُهُ. وَفِي عَهْدِ الرَّاشِدِينَ صَارَ المَكَانُ الَّذِي يُحْفَظُ فِيهِ المَالُ يُسَمَّى بَيتَ المَالِ، ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَغَيرِهِ: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ لَهُ بَيْتُ مَالٍ بِالسَّنْحِ لَيسَ يَحرُسُهُ أَحَدٌ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَجْعَلْ عَلَيهِ مَنْ يَحْرُسُهُ؟ قَالَ: عَلَيهِ قُفْلٌ. فَكَانَ يُعْطِي مَا فِيهِ حَتَّى يَفْرُغَ. فَلَمَّا انتَقَلَ إِلَى المَدِينَةِ، حَوَّلَهُ فَجَعَلَهُ فِي دَارِهِ». وَرَوَى هَنَادُ فِي الزُّهْدِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَن أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، احْمِلْنِي فَإِنِّي أُرِيدُ الجِهَادَ، فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ: خُذْ بِيَدِهِ فَأَدْخِلْهُ بَيْتَ المَالِ يَأْخُذُ مَا يَشَاءُ ...». وَفِي السُّنَنِ الكُبْرَى لِلبَيهَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَجَرْ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ وَدِيعَةَ قَالَ: «كَانَ سَالِمُ مَولَى أَبِي حُذَيفَةَ مَولَىً لِامرَأَةٍ مِنَّا يُقَالُ لَهَا سَلْمَى بِنْتُ يَعَار، أَعْتَقَتْهُ سَائِبَةُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا أُصِيبَ بِاليَمَامَةِ، أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بِمِيرَاثِهِ، فَدَعَا وَدِيعَةَ بْنَ خُذَامٍ فَقَالَ: هَذَا مِيرَاثُ مَولَاكُمْ, وَأَنتُمْ أَحَقُّ بِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ قَدْ أَغْنَانَا اللهُ عَنهُ، قَدْ أَعْتَقَتْهُ صَاحِبَتُنَا سَائِبَةُ، فَلَا نُرِيدُ أَنْ نَنْدَى مِنْ أَمْرِهِ شَيئاً، أَوْ قَالَ نَرْزَأُ، فَجَعَلَهُ عُمَرُ فِي بَيتِ المَالِ».
وَرَوَى البَيْهَقِيُّ وَالدَّارِمِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَزْمٍ «أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبِيعَةَ الثَّقَفِيِّ وَجَدَ عَيبَةً، والعَيْبَةُ -كَمَا فِي مُعْجَمِ المَعَانِي الجَامِعِ- وِعَاءٌ مِنْ خُوصٍ وَنَحوِهِ يُنْقَلُ فِيهِ الزَّرعُ المَحْصُودُ إِلَى الجَرِينِ. فَأَتَى بِهَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَقَالَ: عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ عُرِفَتْ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ، فَلَمْ تُعْرَفْ. فَلَقِيَهُ بِهَا القَابِلَ فِي المَوسِمِ فَذَكَرَهَا لَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: هِيَ لَكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ r أَمَرَنَا بِذَلِكَ. قَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا، فَقَبَضَهَا عُمَرُ فَجَعَلَهَا فِي بَيتِ المَالِ». وَرَوَى الدَّارِمِيُّ وَابنُ أَبِي شَيبَةَ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: «مَاتَ مَولَى عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ لَيسَ لَهُ وَالٍ، فَأَمَرَ بِمَالِهِ فَأُدْخِلَ بَيتَ المَالِ». وَرَوَى ابْنُ عَبدِ البَرِّ فِي الاستِذْكَارِ عَنْ أَنَسٍ بنِ سِيرِينَ «أَنَّ عَلِيّاً كَانَ يُقَسِّمُ الأَمْوَالَ حَتَّى يَفْرُغَ بَيتُ المَالِ، فَيُرَشُّ لَهُ، فَيَجْلِسُ فِيهِ».
هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلإِطْلَاقِ الأَوَّلِ أَيِ المَكَانِ. أَمَّا الإِطلَاقُ الثَّانِي أَيِ الجِهَةُ، فَالَّذِي يَدعُو إِلَيهِ هُوَ أَنَّ المَالَ أَحْيَاناً لَا يُؤْوَى فِي بَيتٍ، كَالأَرَاضِي، وَآبَارِ النِّفْطِ، وَالغَازِ، وَجِبَالِ المَعَادِنِ، وَأَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الأَغْنِيَاءِ فَتُصْرَفُ لِلمُستَحِقِّينَ دُونَ أَنْ تُؤْوَى بَيتاً. وَقَدْ كَانُوا يَستَعْمِلُونَ «بَيْتَ المَالِ» بِمَعْنَى (الجِهَةِ) أَحْيَاناً، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ المَكَانُ، وَذَلِكَ كَمَا رَوَى البَيهَقِيُّ فِي السُّنَنِ، وَأَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ، وَعَبدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حَمِيدٍ «وَبَعَثَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَلَى القَضَاءِ وَعَلَى بَيتِ المَالِ». وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ بَعَثَهُ بَوَّاباً عَلَى بَيتِ المَالِ، وَإِنَّمَا عَلَى (الجِهَةِ) بِحَيثُ يَقْبِضُ وَيُنفِقُ. وَبِهَذَا المَعْنَى مَا رَوَاهُ ابْنُ المُبَارَكِ فِي الزُّهْدِ عَنِ الحَسَنِ، عِندَمَا جَاءَ أُمَرَاءُ البَصْرَةِ مَعَ أَبِي مُوسَـى الأَشْعَرِيِّ، وَطَلَبُوا مِنْ عُمَرَ أَنْ يَفْرِضَ لَهُمْ طَعَامًا، فَقَالَ لَهُمْ فِي خِتَامِ كَلَامِهِ: «يَا مَعْشَرَ الأُمَرَاءِ قَدْ فَرَضْتُ لَكُمْ مِنْ بَيتِ المَالِ شَاتَينِ وَجَرِيبَينِ». وَالمَقْصُودُ (الجِهِةُ).
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.