الصائم مع القرآن والسنة الصائم الجواد
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أجودَ الناسِ بالخيرِ، وكانَ أجودَ ما يكونُ في رمضانَ، حينَ يَلقاهُ جبريلُ، وكانَ جبريلُ عليهِ السلامُ يَلقاهُ كُلَّ ليلةٍ في رمضانَ حتى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عليهِ النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ القُرآنَ: فإذا لَقِيَهُ جبريلُ عليهِ السلامُ، كانَ أجْوَدَ بالخيرِ منَ الريحِ الْمُرْسَلَةِ).
نعمْ، إنّه رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ الكريمُ الْمِعطاءُ، الذي كانَ يُعْطِيْ عَطاءَ مَنْ لا يخشَى الفقرَ، واثقاً بربِّهِ سبحانّه، الذي له ميراثُ السمواتِ والأرضِ، وبيدِهِ خزائنُ السمواتِ والأرضَ.
ومدَح اللهُ سبحانَه وتعالَى عبادَهُ الْمُنفِقينَ المتصدّقينَ وأثْنَى عليهم في غير موضعٍ في القرآن الكريم، وعلى لسانِ نبيِّهِ الْجَوادِ المعطاءِ صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك:
ما رُوِيَ عن أبي أُمامةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (صَنائعُ المعروفِ تَقِيْ مَصَارعَ السُّوْءِ وصَدَقَةُ السرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الربِّ وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيْدُ في العُمُرِ).
وقولُهُ تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
والمسلمُ التقيُّ النقيُّ يُوقِنُ أنَّ اللهَ هو الرزّاقُ ذو القوةِ المتينُ، وأنّهُ الْمُعطِيْ بغيرِ حسابٍ، وأنّه هو سبحانه منْ قَسَمَ بينَ الناسِ معيشَتَهم، ورفَعَ بعضَهم فوقَ بعضٍ درجاتٍ ليتخذَ بعضُهم بعضاً سُخْرِيّاً، ويوقنُ أنَّ رحمةَ اللهِ خيرٌ مما يجمعونَ، فلا يبخَلُ، ولا يَضِنُّ بكثيرٍ أو قليلٍ، ويكونُ ممنْ وُقِيَ شُحَّ نفسِه، فيكونُ منَ المفلِحينَ.
ولا يقتصِرُ المسلمُ في صدقتِهِ على حالِ السَّعَةِ، بلْ إنّه في الضيقِ والشدّةِ أجوَدُ منه في الرخاءِ والسَّعَةِ، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وبذلكَ مَدَحَ اللهُ سبحانَه وتعالى الأنصارَ بقوله عزَّ من قائلٍ: (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فمنْ أولى من الصائم أنْ يكونَ كالريحِ الْمُرسَلة مقْتدِياً برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، مُتَقَرِّباً إلى اللهِ عزَّ وجلَ طالباً رضوانَهُ، مبتغياً جَنَّتَهُ، مُجْتَنِباً عذابَه؟