السبت، 19 صَفر 1446هـ| 2024/08/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

على المسلمين في مصر أن يعيدوا مصر للإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد استغرق مثول الطاغية المخلوع حسني مبارك للمحاكمة ستة أشهر ليواجه "العدالة" أمام الأمة، والطغمة الحاكمة في مصر وعبر وسائل الإعلام استهلت بمظهر محكمة مبارك الاستثنائية بعناوين من مثل "مبارك في قفص... وقد نجحت الثورة الآن"، وعنونت جريدة الأهرام افتتاحيتها "مبارك ونظامه في قبضة العدالة"، ولكن بالنسبة لأهل مصر الذين عاشوا سنوات عديدة في ظل طغيان مبارك ونظامه كانوا مذهولين لرؤيته في المحكمة، فمعظم أهل مصر يرون أنّه يستحق حكم الإعدام لارتكاب مبارك الجرائم البشعة، فوفقا للاستطلاع الذي أجري على الانترنت حديثا من قبل شركة يوجوف فإنّ 60٪ من أهل مصر يريدون إعدامه، وهذا أمر متوقع ، كما أنّ لأهل مصر العاديين قائمة طويلة من الشكاوى من التعذيب والاستبداد والسجن والقتل للمعارضين السياسيين، فالأمة لا يمكنها أن تخفي اشمئزازها عندما اتضح لها بعد الإطاحة بمبارك الديكتاتور البائس أنّه كان قد جمع ثروة هائلة تشير التقديرات إلى أنها وصلت إلى 70 مليار دولار على حساب شعبه الذي عاش في بؤس وفقر مدقع لعقود طويلة.


إخراج المحاكمة واستمرارها بهذا الشكل ليس من قبيل الصدفة، بل هو محاولة يائسة من أصدقائه السابقين لإنقاذ أنفسهم وإنقاذ الهيمنة الأمريكية على مصر، ففي البداية تظاهر العسكر بأنّهم "حراس الثورة"، ولكن في الأشهر التي تلت ذلك، أدرك أهل مصر أنّ الجيش قد حل محل مبارك من خلال انقلاب ابيض للاستمرار في تنفيذ السياسات الصارمة نفسها، والمؤيدة للسياسات الأمريكية التي كانت السمة المميزة لحقبة مبارك.


إنّ الولايات المتحدة كانت نشطة للغاية في الوقوف على التغييرات على أرض الواقع، لتحويل زخم الثورة واستيعاب التطلعات الإسلامية للملايين من المصريين، فهو القلق الحقيقي لأمريكا، ففي نيسان 2011 أظهر استطلاع للرأي أنّ 60٪ من السكان يريدون الشريعة الإسلامية، وفي الواقع فإنّ الرغبة في الإسلام مغروسة في قلوب المصريين، فقد ورد في صحيفة الأهرام واسعة الانتشار في مصر في 8 أغسطس/ آب 2011 "من شأن الشريعة المحافظة على الحياة والعدالة" وهذا يبشر بالخير بالنسبة لانتهاء سيطرة أمريكا على الشئون المصرية.


فزيادة على ما يقوم به المسئولون الأمريكيون من التدخل بالإصلاحات الدستورية الجارية، والاستعدادات للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة، وتقديم المساعدات لجماعات مدنية معينة، ونشر الجيش المصري في سيناء الشمالية مؤخرا لمنع التعدي على إمدادات الغاز إلى دولة يهود. فبالإضافة إلى ذلك فإن أمريكا ومن خلال وكالة المعونة الأمريكية أنفقت هذا العام 105 مليون دولار من أجل رعاية مؤسسات المجتمع المدني والمجموعات المدنية صاحبة الإصلاحات المؤيدة للولايات المتحدة.


إنّ أهل مصر الذين كسروا أغلال الخوف وتصدوا بصدورهم العارية لقوات الأمن وأدركوا العلاقات المشبوهة للطغمة العسكرية الحاكمة مع أمريكا سرعان ما أصبحوا التهديد الأقوى لإستراتيجية واشنطن، وغضب الجماهير المصرية من التدخل السافر الأمريكي في تشكيل المشهد السياسي الجديد، أجبر الجيش على اتخاذ موقف قوي ضدهم، وقد اتهم الجيش المستفيدين من هذه الأموال الأمريكية ووصف الناشطين بأنّهم ممولون من الأجانب، ومع ذلك فإنّ وضع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يرأس مصر في ورطة، فقد منحت الولايات المتحدة مصر ما معدله 2 مليار دولار سنويا منذ عام 1979 وكان كثير منها مساعدات عسكرية، وفقا لبيانات الكونغرس، وجعلت من مصر ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية بعد دولة يهود، وفي عام 2010 ذهبت 1.3 مليار دولار لتعزيز القوات المصرية مقابل 250 مليون دولار كمساعدات اقتصادية، ومصر تستقبل أيضا مئات الملايين من الدولارات من المعدات العسكرية الفائضة سنويا من وزارة الدفاع الأمريكية.


وبعبارة أخرى فإنّ أهل مصر العاديين ليسوا قادرين على معرفة سر نفاق المجلس العسكري، وهو ما يزيد من عدائهم لأمريكا وتنفيس غضبهم على المجلس العسكري من خلال المظاهرات اليومية، وعلاوة على ذلك، فإنّ الجيش قد فقد مصداقيته كوسيط نزيه قبل الانتخابات المقبلة بسبب تملقه لواشنطن، والزيارة الأخيرة التي قام بها اللواء محمد الاسار إلى واشنطن أكدت لأهل مصر بأّنّ نوع وحجم العلاقات العسكرية مع أمريكا ليست في مصلحة الأمة، فرائحة هذه العلاقة لم تعد تُطاق بالنسبة للكثيرين، ولكن في المدى القريب من المتوقع أن تتعزز العلاقة بين أمريكا والمجلس العسكري.


وما يسمح للولايات المتحدة وحلفائها من العسكر المصري بمواصلة بقاء اليد العليا على أهل مصر هو تقسيم المعارضة وإلى حد ما الشخصيات "القيادية"، ولكن في الواقع بدأت هذه المعارضة تفقد بريقها وشعبيتها على نحو متزايد عند الجماهير المصرية كجماعة الإخوان المسلمين ومحمد البرادعي وعمرو موسى وغيرهم بسبب ارتباطها الوثيق مع القوى الأجنبية وآرائهم المتعلقة بدور الإسلام في المجتمع. وهنا لابد للجماهير المصرية من الالتفاف حول جدول أعمال مشترك تساعدها على التمييز بين أولئك القادة، وللأخذ بيد مصر لأن تتحرر حقا من براثن الاستعمار، على عكس هؤلاء القادة الذين يتطلعون إلى استخدام الإسلام لضمان استمرارية الهيمنة الأمريكية، وفيما يلي بعض المطالب التي ينبغي طرحها على أولئك الذين يطمحون إلى أن يصبحوا قادة لمصر، وذلك لوضعهم على المحك الإيديولوجي:-


1- يجب استبدال الشريعة بجميع أشكال القانون الجنائي والمدني، ويجب أن يخضع الاقتصاد والحكم والعلاقات الخارجية للشريعة الإسلامية.
2- يجب إغلاق جميع السفارات الأجنبية ولاسيما سفارات أمريكا وبريطانيا وفرنسا، والطلب من أفرادها مغادرة البلاد على الفور، ويجب قطع كافة القنوات الدبلوماسية مع هذه الدول.
3- يجب على الجيش المصري رفض مساعدات الولايات المتحدة العسكرية وقطع صلاته مع الجيش الأمريكي، وينبغي على جميع أفراد الجيش الأمريكي والقوى الغربية الأخرى الخروج من البلاد.
4- يجب على مصر أن تتخلى عن جميع أشكال المساعدات الاقتصادية المقدمة من المؤسسات الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسة الإقراض التابعة للاتحاد الأوروبي.
5- يجب استرداد مليارات الدولارات المغتصبة من قبل مبارك ومعاونيه، وصرفها وفقا لقواعد الشريعة الإسلامية لصالح الشعب المصري.
6- ينبغي على مصر منع تلك القوى الغربية التي هي في حالة حرب فعلية مع أي من المسلمين في العالم من استخدام قناة السويس.
7- يجب على مصر إلغاء معاهدة السلام مع دولة يهود وقطع جميع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ووقف بيع الغاز لدولة يهود والتعامل معها كعدو للمسلمين، وعلاوة على ذلك، ينبغي لمصر أن تتخذ جميع التدابير لتحرير فلسطين من الاحتلال.
8- يجب على مصر اتخاذ خطوات عملية لإزالة الحدود المصطنعة الاستعمارية مع السودان وليبيا وتوحيدها لتشكيل نواة دولة إسلامية واحدة تعم العالم الإسلامي كله.
9- يجب على مصر التعامل مع النصارى كذميين، وتقديم كل أشكال الحماية لهم للحفاظ عليهم وعلى ممتلكاتهم وثرواتهم وأعراضهم.


يجب طرح هذه المطالب كمعايير لقياس مدى صدق أولئك الذين يطمحون لقيادة مصر وإخلاصهم للإسلام، أما إن حادوا عن ذلك شبر واحد فهذا يعني أنّهم ليسوا جديرين بقيادتكم.


لقد قام أهل مصر بالتضحية، والكثير منهم ضحوا بدمهم الطاهر، وأصبحوا شهداء، وهم بحاجة إلى زيادة الجهود والتضحيات، والعمل بلا كلل أو ملل من أجل المطالبة بتحقيق المطالب أعلاه ((قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)) التوبة (24)


ألا فلنذكر تاريخ مصر الإسلامي العريق، وكيف وقف أهل مصر أبطالا في سبيل الله وثبتوا في وجه المحن العظيمة، دون الحيد عن الحق شبرا واحدا، وارفضوا تقديم تنازلات على حساب إسلامهم، قال تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )) محمد 7.


ألا أنّه ليس هناك حياة أفضل من الحياة في ظل النظام الإسلامي، والتي لا يمكن أن تكون إلا من خلال الخلافة الإسلامية، وعندئذ فقط ستكون طاعة الله سبحانه وتعالى كاملة.


((وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)) الأعراف 52

 


أبو هاشم البنجابي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع