السبت، 28 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الحكم الجماعي في ميزان الاسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لم تعرف المجتمعات على مر التاريخ مجتمعا بقيادة جماعية أي بعدة رؤوس أو برأسين حيث يكون أفراد القادة الجماعية متساوون في الإرادة وفي اتخاذ القرار.


وعندما أرسل الله نبيه موسى عليه السلام وأرسل معه أخاه هارون عليه السلام، كان هاروناً وزيراً لموسى أو معاوناً والقرار لموسى عليه السلام، وقديماً قال أحد الحكماء:


وهل يستقيمُ الناسُ إلا بسيد       يرى لهم الرأي السديد فتتبع


ولقد مر على الناس فترات حكم فيها مستبدون ولم يفكروا بأن يقولوا بقيادة جماعية، بل العقلاء منهم كانوا يسعون لإصلاح أو تغيير واقعهم إما باستبدال القيادة المستبدة وإما بوضع التشريعات التي تحول دون استبداد القائد من أمثال مجلس شعب يراقب ويحاسب أو محكمة عليا تحاسب القائد وتنزعه من حكمه إن لزم الأمر.


وفي العصر الحديث ظهرت فكرة القيادة الجماعية كردة فعل على استبداد الحكام، وليست كفكرة ناضجة تم دراستها بعمق حتى توصل إلى هذه الفكرة وضوابطها والآلية العملية التي تجسدها، فوقع الناس في شرور هذه الفكرة وتلوثوا بفسادها، وقد يستغرب الكثير هذا الوصف لهذه الفكرة، وعند إنعام النظر لا نجد في الواقع قيادة جماعية ولا يمكن أن توجد لاستحالة ذلك في الواقع، وإنما يوجد إطلاق مصطلح على واقع لا ينطبق عليه.


وعندما نريد أن نزن هذه الفكرة بميزان الحق الذي ينطبق على الواقع، ماذا نجد؟


فإننا سنجد أن أي قيادة إن تعددت أو تفردت لا بد لها من آراء يراد إمضاؤها لرعاية مصالح المقودين تُوجب اتخاذ القرار وإمضائه.


فهناك أمران لا يجوز أن يختلطا، موضوع الرأي وموضوع القرار، فالرأي قد يكون من القائد وقد يكون من غيره فردا كان أو جماعة، فأخذ الرأي في المسألة لا يعني أن الخبير هو صاحب القرار وأنه هو الحاكم، وإن أُخذ الرأي من الجماعة على شكل مجلس شعب أو مجلس تأسيسي لا يعني أن المجلس هو الحاكم بل هو جهة تشريعية فقط لا غير وإننا نسمع من السياسيين والمفكرين صباح مساء بوجوب فصل السلطات التشريعية عن التنفيذية عن القضائية، وبذلك يبقى رأس الدولة هو صاحب القرار وله مباشرة الحكم ورعاية الشؤون وإنزال التشريعات على الوقائع، وعندما يقال بأن الحاكم مقيد بموافقة مجلس الشعب على القرار أو بمنعه من اتخاذ قرار في أمر معين لا يعني ذلك نزعاً لصلاحية الحكم منه أو لمشاركته في الحكم بل يعني أن هناك معايير وضمانات تشريعية نصت على الرجوع للأمة للأخذ برأيها، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما نزل عند رأي المسلمين في أحد بالقتال بخارج المدينة، لا يعني أن الحكم جماعي.


وفي أنظمة الحكم الوضعية يرجع الحاكم إلى المجالس الشعبية لإعطاء الشرعية لقراره وحكمه فهو صاحب القرار .


إذن هناك فرق بين أخذ الرأي والتشريع وبين الحكم واتخاذ القرار من صاحب القرار.


فصاحب الحكم (الرئيس) هو صاحب الصلاحية بغض النظر عن مصدر التشريع هل هو من الناس أو من عند الله، فصاحب القرار في أمريكا هو الرئيس الأمريكي وصاحب القرار في بريطانيا هو رئيس الوزراء وصاحب القرار في دولة الإسلام هو الخليفة مع اختلاف مصادر التشريع .


فالقيادة في حقيقتها فردية وليست جماعية كما يقولون.


ومن جانب آخر نجد أن اختلاف الرأي في البشر أمر حتمي، وهنا نقف أمام مُعضلة، وهي، من صاحب الصلاحية لاتخاذ القرار وإمضاء الرأي؟


فإن قلنا زيدٌ منهم فهذا يعني القيادة فردية وعلى الآخرين الطاعة، وإن قيل للجماعة وهذا يعني الاستحالة لتعدد الآراء وتساوي الأشخاص في الرأي فلا بد إذن من مرجح وهذا المرجح هو الرئيس أو الغالبية بزيادة واحد فيكون الواحد هو المرجح وبذلك تصبح القيادة فردية وليست جماعية.


ولا أدل على فساد القيادة الجماعية وشرورها من حق نقض الفيتو الذي تتمتع به القيادة الفعلية لمجلس الأمن ممثلة في الدول الكبرى وذلك بنقض كل قرار يعارض مصلحة إحدى دوله صاحبة الفيتو، مهما كان القرار في صالح الشعوب، فلنرجع إلى القرارات التي صدرت تدين إسرائيل وممارساتها وارتكابها للجرائم وما يحدث الآن من جرائم ووقوف مجلس الأمن والمجتمع الدولي وقادته عاجزين عن اتخاذ أي قرار أمام الفيتو الأمريكي أو الصيني أو الروسي.


مما يؤكد يقيناً ما ذهبنا إليه من فساد القيادة الجماعية وعدم وجودها على أرض الواقع.

 

والأمثلة على ذلك كثيرة منها أيضاً الرباعية الدولية وقراراتها والجامعة العربية وقراراتها وسيرتها السوداء.


وبالعودة إلى مقولة القيادة الجماعية ننظر فيما يعرض على الناس على أنه مثال للقيادة الجماعية الناجحة والمُخلّصَة لهم من الأزمات والتي تحول دون وقوع الناس في الاستبداد والظلم والجور.


1ـ المثال الأول: الجمعيات أو المجالس التأسيسية والتي تمثل جميع فئات المجتمع على اختلاف عقائدهم فعند النظر فيها نجد ما يلي :


أـ اجتماع المسلم مع الشيوعي مع الرأسمالي الليبرالي ومع غيرهم من وطنيين وقوميين، فماذا يكون التشريع الناتج الذي هو مادة القيادة؟


فلن يكون الإسلام قطعاً إذا اعتبرت العقائد الأخرى ولن يكون اشتراكياً إذا اعتبرنا الإسلام عند التشريع والرأسمالية ولن يكون رأسمالي كذلك.


وبذلك يكون التشريع فاسد لا أساس يجري عليه أو يفسره حتى يفهم .


ب- ستكون المصالح هي التي تدفع الجميع لقبول التشريع فتكون المحاصصة المدمرة للمجتمع والممزقة له والعراق اصدق مثال على ذلك وكذلك لبنان .


ج ـ إن هذه الهيئات مؤقتة لصياغة الدساتير ثم تُحل، ويحل محلها العمل بالدستور إذن هي ليست قيادة عملية وليست دائمية وإنما هي لجنة خبراء كلفت بمهمة صياغة الدستور والقوانين وغابت إلى غير رجعة وبذلك لا ينطبق عليها قول القيادة الجماعية.


أما مجلس الشعب فهو ليس من القيادة الجماعية وإنما هو سلطة تشريعية لا علاقة لها في السلطة التنفيذية التي هي الحكومة بقيادة رئيسها فهذا المجلس يمثل جهة التشريع في الأنظمة الوضعية وليس الحكم كما أن الإسلام حدد جهة التشريع لله والحكم للخليفة.


2ـ مثال آخر: النظام الجمهوري ليس قيادة جماعية:


النظام الجمهوري الرئاسي يتولى فيه رئيس الدولة صلاحيات الرئيس وصلاحيات رئيس الوزراء، فلا يكون معه رئيس وزراء وإنما يكون معه وزراء مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفي شكله البرلماني يكون فيه رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء وتكون صلاحيات الحكم فيه لمجلس الوزراء وليست لرئيس الجمهورية مثل فرنسا.


وعند النظر في النظام الجمهوري نجد أنه من القيادة الفردية وليس قيادة جماعية من ناحيتين:


الناحية الأولى: إن رئيس الجمهورية هو الذي يملك الحكم واتخاذ القرارات والمجالس الشعبية تملك التشريع، والتشريع ليس قيادة في إنفاذ القرارات بل يذهب الرئيس لأبعد من ذلك بأن يضع الاستراتيجيات ويرسم السياسات لحكومته، والبرلمان لا يملك سوى التصويت أو عدم التصويت .


الناحية الثانية: وجود أحزاب متنافسة متعددة من يفوز بالغالبية هو الذي يرشح رئيسه ليكون قائداً للدولة، وأعضاء حزبه في البرلمان هم الذين ينْجحون كل ما يعرضه على البرلمان من قوانين وقرارات وسياسات والآخرون لا وزن لهم في إمضاء القرارات والسياسات ولا في قيادة البلاد، والأمثلة على ذلك كثيرة فيما هو مشاهد من سياسات الدول الكبرى وغيرها .

 

من الذي قاد أمريكا إلى حرب العراق وأفغانستان؟


ومن الذي أمضى سياسات بوش الابن وأوباما، ومن سبقهم من الرؤساء؟


3ـ ومثال ثالث: الملكية الدستورية ليست من القيادة الجماعية:


إن النظام الملكي هو من القيادة الفردية المطلقة، وقد مارست الملكيات الحكم بحق التفويض الإلهي الذي جعل الملك يملك ويحكم ومنه تصدر التشريعات والقرارات وذاته فوق المحاسبة لا يُسأل عما يفعل، له قدسية ترفع من صفته البشرية ليكون أشبه بالآلهة، وليس لأحد رأي أمام رأيه ولا فيمن يخلفه في الحكم فكانت صورة بشعة من الاستبدادية التي عرفها التاريخ .


وكانت وراء الثورات على الملكيات والتخلص منها، إلا أن عقلية الحل الوسط أتت بما يعرف بالملكية الدستورية أمثال النموذج البريطاني الذي يكون فيه الملك يملك ولا يحكم فهو مجرد رمز للبلاد، وصلاحيات الحكم لرئيس الوزراء وللمجلس الوزاري، وبهذا يُصبح مضمون الملكية هو نفس مضمون الجمهورية، وينطبق عليها القول بأنها من القيادات الفردية للحزب الحاكم ورئيسه المخول بصلاحيات القيادة واتخاذ القرارات .


4ـ ومثال آخر الحكومة الائتلافية ليست من القيادة الجماعية :


وذلك عندما يعجز حزب واحد أو قوة بعينها من أخذ الغالبية المطلقة التي تمكنها من الحكم تنطلق هذه الجهة إلى البحث عن شركاء في الحكم لتتمكن من تشكيل الحكومة، فتجري مفاوضات للوصول إلى حلول توافقية وتقاسم للسلطة ومحاصصة في الحقائب الوزارية، فيعطى الشريك حقيبة وزارية أو أكثر مقابل قيادة الحزب للحكومة والدولة، وبذلك تعود قيادة فردية كما في غيرها، ولكن بشكل أسوأ وأضعف.


فالضعف آت من جهة أن الائتلاف ينعكس على قدرة الرئيس في اتخاذ القرار، ويصبح قراره مرهون بموافقة أحد شركائه في الحكم الذين تتحكم في موافقتهم المصلحة الفئوية الضيقة، مما يؤدي إلى عجزه عن اتخاذ القرار واضطراب سياسته أو إلى انهيار حكومته في حال تخلي احد شركائه عنه وانسحابه من الحكومة، لأن الحكومة تظهر بعدة رؤوس ومن أمثلة ذلك حكومة إسرائيل الحالية، وحكومات الكويت المنهارة، وغيرها من الحكومات الائتلافية .


وللخروج من ذلك تجري انتخابات مبكرة لعل أحد الأحزاب يفوز بالغالبية التي تمكنه من التفرد بالحكم .


والذي هو أشر من ذلك هو لجوء الشركاء في الحكم إلى المؤامرات والدسائس وجر البلاد إلى الكوارث عندما تتعارض مصالح الشركاء ويعجزون عن تحقيق أطماعهم كما هو حاصل في حكومة العراق وفي لبنان.


فلا أشر ولا أشأم من هذه حكومة على أهلها.


5ـ وأيضا مثال: العمل الجبهوي هو من أفسد الأعمال وأخطرها لظهور القيادة الجماعية وتشتت القرارات، وهي قيادة مرحلية مؤقتة تصلح لمرحلة معينة ولا تصلح لقيادة الناس قيادة دائمية تحقق مصالح الشعوب، بل إن أطرافها الذين هم من مشارب وعقائد مختلفة ولهم رؤى مختلفة يتفقون على عمل محدد لهم مصلحة مشتركة فيه ولا يوجد اتفاق على ما بعد هذه المرحلة، ومن أمثلة ذلك الجهاد في أفغانستان فالجميع متفق إخراج الاتحاد السوفييتي من البلاد، وعندما انقضت المرحلة تحول إخوان الأمس إلى أعداء وتغيرت تحالفاتهم فمنهم من حالف شيوعي ومنهم من حالف عميل في مواجهة أخيه.


وكذلك جبهة الإنقاذ في الجزائر اتفقوا على خوض الانتخابات سوية وعندما انقضت مرحلة الانتخابات بانقلاب الدولة عليهم، تشتت الجبهة واختلفت المواقف، من مُشارك للدولة في حكمها إلى مقاتل لها مستبيحٌ لدماء من يقف معها، وكذلك سائر جبهات المعارضة التي تتشكل من أحزاب عدة .


وخلاصة القول إن العمل من خلال جبهة، هو عمل فاسد وخطير والرابطة التي تربط أصحابها المصلحة الفئوية فقط وهي من أفسد الروابط وأخطرها وهي مؤقتة لا تصلح للبلاد والعباد بل هي خَزّانة شرور .


فما الذي يجمع الشيوعي والمسلم والوطني والقومي في جبهة معارضة؟ إلا المصلحة التي تتبعها المؤامرة.


ونستطيع أن نستنتج من كل ما سبق أن القيادة الجماعية غير موجودة على أرض الواقع وإن وجدت فهي أفسد القيادات وأخطرها.


القيادة في الإسلام فردية:


القيادة في الإسلام فردية جاءت بها النصوص الصريحة والتطبيق العملي للصحابة رضوان الله عليهم في خير القرون.


والقيادة الجماعية مخالفة للشرع مناقضة للنصوص القطعية وسأكتفي ببعض النصوص لكثرة النصوص الواردة في جعل الإمارة لواحد بالتحديد وتأمر بعدم السماح بوجود أميرين في آن واحد.


أولاً الأدلة الآمرة بالطاعة :


قال تعالى:((يا أيُها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)).


ففي النص وجوب الطاعة للقائد أي ولي الأمر صاحب الصلاحية، والطاعة لا تكون فيما اتفق عليه لأن الجميع ينقادون وفق قناعاتهم، وإنما تظهر الطاعة عند اختلاف الآراء وجب تنازل الجميع عن آرائهم والانقياد لصاحب الصلاحية وهو الخليفة لوحده .


قال صلى الله عليه وسلم: "اسمع وأطع و إن تأمّر عليك عبدٌ حبشي كأن رأسهُ زبيبةٌ".


وهذا أمر بالطاعة يفيد العموم، أمير العامة وأمير الجند وأمير السفر وأمير الحزب.


قال صلى الله عليه وسلم: "إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمّروا عليهم أحدهم".


وهذا نص صريح في القيادة الفردية.


قال صلى الله عليه وسلم: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".


وفي هذا النص فوائد عديدة منها الأمر بقتل الخليفة الثاني للمحافظة على القيادة الفردية المتمثلة في خليفة واحد، وحرمة تعدد الخلفاء لأمر رسول الله بقتل الخليفة الأخر وهو مسلم معصوم الدم ومبايع على كتاب الله وسنة رسوله أي على تطبيق الشرع وهو أيضاً مبايع من أتباع يرون أحقيته بالحكم فيأمر بقتله وقتلهم إن أخذوا على يده وهذا أمر عظيم يدل على عظم وحدة المسلمين بخليفة واحد وحرمة تعدد الأمراء.


ويعزز ذلك حديث رسول الله إذ يقول: "من جاءكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف وفي رواية فاقتلوه ".


والدليل من الإجماع، ما قام به الصحابة من مبايعة خليفة واحد رغم الخلاف الحاد بينهم على من هو الخليفة في السقيفة، أو في زمن عثمان وعلي ولم نسمع ولم نرى مبايعة خليفتين كحل يحقن الدماء ويرفع الخلاف على مر عصور الخلافة.


وهنا أريد أن أذكّر بخطبة أبي بكر رضي الله عنه في السقيفة والتي أخرجها البيهقي عندما قال القائل من الأنصار: يا معشر المهاجرين منا أميرٌ ومنكم أمير .


فخطب أبو بكر رضي الله عنه قائلاً: هيهات هيهات أن يجتمع سيفان في غمد واحد فإنه لا يحل أن يكون للمسلمين أميران، فإنه مهما يكن ذلك تتفرق جماعتهم ويختلف حكمهم وأمرهم ويتنازعوا فيما بينهم، هنالك تُترك السنة وتظهر البدعة وتعظم الفتنة، وليس لأحد عند ذلك صلاح.


ومن هنا نقول إننا لا نريد دولة حديثة عصرية متحررة من كل القيم تجعل التشريع للبشر تخفي وجهها القبيح تحت مسميات تبدو لأول وهلة بأنها جميلة ووراءها ما وراءها، بل نُريد دولة قديمة أنشأها محمد صلى الله عليه وسلم وقادها خلفاءه الراشدون من بعده.


اللهم عجل لنا بها واجعلنا من جنودها وشهودها والعاملين المخلصين لها.

 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

الشيخ سعيد رضوان - أبو عماد

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع