الأحد، 20 صَفر 1446هـ| 2024/08/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

تدويل قضايا الأمة الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن تدويل أية قضية سياسية يعني خروجها من أيدي أصحابها، وبالتالي إلى أيدي الدولة العملاقة وباقي الدول الكبرى لحلها وتصفيتها وفق أهواء هذه الدول ومصالحها.


ولذلك نرى أن أول ما تسعى إليه الدول المؤثرة في السياسة الدولية هو جرِّ أية قضية ترى بها مصلحة لها إلى خارج نطاقها الوطني أو الإقليمي، أي إلى تدويلها.


• وهذه لمحة تاريخية عن العرف الدولي والقانون الدولي :


* العرف الدولي:


هو مجموعة القواعد التي نشأت جراء العلاقات بين المجموعات البشرية في حالة الحرب والسلم، فصارت جراء إتباع المجموعات لها أمداً طويلاً، أعراف دولية.


استقرت هذه المجموعة من القواعد لدى الدول، وصارت الدول تعتبر نفسها ملتزمة بهذه الأعراف التزاماً طوعياً، وصارت أشبه بالقانون، وهذا الالتزام التزام معنوي وليس التزاماً مادياً، وكانت المجموعات البشرية تتبعه طوعياً، وخوفاً من الرأي العام، ومن لا يتبعه يتعرض لنقمة الرأي العام، ويُعَيَّر في ذلك.


* أما القانــون الـدولــي :


نشأ القانــون الـدولــي ووجد ضد الدولة الإسلامية حين كانت تتمثل في الدولة العثمانية. وذلك أن الدولة العثمانية بوصفها دولة إسلامية قامت بغزو أوروبا وأعلنت الجهاد على النصارى في أوروبا، وأخذت تفتح بلادهم بلداً بلدا، وأثارت الرعب في جميع النصارى. فأخذت الدول الأوروبية في القرن السادس عشر تتجمع لتكون عائلة واحدة تستطيع أن تقف في وجه الدولة الإسلامية. وعملت هذه الدول التي يجمعها الدين النصراني على تكوين العائلة النصرانية من مجموعة الدول الأوروبية. فوضعوا قواعد تنظم العلاقات فيما بينهم فكان ذلك أول نشئ لما يسمى بالقانون الدولي.


فأساس نشأة القانون الدولي هو أن الدول الأوروبية النصرانية في أوروبا تجمعت على أساس الرابطة النصرانية من اجل الوقوف في وجه الدولة الإسلامية، فادى ذلك إلى نشئ ما يسمى بالأسرة الدولية النصرانية. لكن هذه القواعد والقوانين لم تستطع جمع دول أوروبا بسبب تسلط الكنيسة ووجود نظام الإقطاع الذي ظل حائلاً دون قوة الدولة إلى أن حصلت الثورات ضد الكنيسة ونظام الإقطاع، حتى زال نظام الإقطاع وزال سلطان الكنيسة على العلاقات السياسية داخلياً وخارجياً فادى ذلك إلى وجود دول أوروبية قوية لكنها لم تستطع الوقوف في وجه الدولة الإسلامية.

 

في منتصف القرن السابع عشر سنة 1648م عقدت الدول الأوروبية مؤتمر وستفاليا، وفي هذا المؤتمر وضعت القواعد الثابتة لتنظيم العلاقات بين الدول النصرانية ونظمت أسرة الدول النصرانية في مقابل الدولة الإسلامية.


وبقيت محرمة على الدولة الإسلامية حتى النصف الثاني من القرن التاسع عشر حيث كانت توصف الدولة الإسلامية بالرجل المريض وحينئذ طلبت الدولة العثمانية الدخول إلى الأسرة الدولية فرفض طلبها وبعد الإلحاح اُشترط عليها شروط قاسية منها عدم تحكيم الإسلام في علاقاتها الدولية، وإدخال بعض القوانين الأوروبية ثم تطورت بعد ذلك هذه الأسرة إلى عصبة الأمم ثم إلى هيئة الأمم المتحدة.

 

* التــدويـــل :


* تعريفه :


- مصطلح التدويل يستخدم عادة من اجل الحماية الدولية المتعددة الأطراف لإقليم من الأرض أو مناطق مائية أو قنوات، ويتم بموجب اتفاقات دولية.


- أي هو وضع دولة أو إقليم تحت الإدارة المشتركة أو الحماية لدولتين أو لمجموعة مختلفة من الدول ضمن نظام دولي كبير وبالتالي يتم ترحيل النزاعات الداخلية في دولة ما إلى النظام الدولي.


* وقد أصبح تدويل القضايا من ابرز السبل للبحث عن حل للقضايا في هيئة الأمم المتحدة أو مجلس الأمن، فبدل أن يكون الصراع على النفوذ مباشرة أصبح الصراع من خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة، والدول ذات التأثير هي الدول ذات حق النقض (الفيتو) وهي الدول الخمس الكبرى أمريكا ،بريطانيا، فرنسا، روسيا، والصين وغالباً ما تكون الضحية الدول في العالم الثالث.


* فلذلك حرصت الدول الكبرى على الترويج لمفهوم التدويل للقضايا السياسية ليس من أجل السلم والسلام العالميين كما تدعي الدول الكبرى بل لبقاء الدول وخصوصاً في بلاد المسلمين تحت سيطرة هذه الدول.


* ولا يخفى ان الذراع المهم هو مجلس الأمن الدولي فهو يمثل إرادة الدول الكبرى وخصوصاً أمريكا بصفة قانونية وافقت عليها دول العالم. وله مطلق الصلاحيات في التدخل في شؤون الدول وسيادتها واتخاذ الإجراءات بحقها ومن بينها فرض الحصار أو الضربات العسكرية.


* فلذلك فإن تدويل أي قضية لا يعني أيجاد حل لها بل هو انتهاك لسيادة تلك الدولة وضياع قضيتها بين أيدي الكبار حسب مصالحهم ويؤدي تدويل الأزمة إلى الخضوع لأجندات الدول الكبرى بل قد يصل إلى الاحتلال المباشر كالعراق.

 

* مخاطر التدويل :


1. تدخل الدول الكبرى ذات المصالح في بلاد المسلمين وإعادة الدولة التي تم تدويل قضيتها إلى ما يشبه الاستعمار بل إلى الاستعمار الحقيقي وتقسيم البلاد والعباد مثل فلسطين وعد بلفور والسودان والعراق حيث الاحتلال العسكري والسياسي.


2. فرض شكل الدولة والدستور الذي تريده الدول الكبرى أو الدولة ذات العلاقة مثل أمريكا في العراق على الدول بشكل مباشر من جهة وعلى المفكرين والسياسيين من جهة أخرى.


3. وضع قوانين وشروط على الدولة تمنعها من أن تنهض أو تتقدم بل تصبح تابعة للدول الكبرى في كل شؤونها داخليا وخارجياً وتجعلها تحت الوصاية والمراقبة المستمرة بالاتفاقيات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية بحيث تصبح هذه الدولة عاجزة عن الانعتاق من سيطرة الدول الكبرى.


4. العبث بالدولة داخلياً من باب حماية الحريات الفكرية والسياسية والحريات الشخصية وحماية المنظمات الحقوقية والإنسانية والفكرية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني التي عادتاً ما تكون أداة من أدوات الكفر في بلاد المسلمين، وكذلك ما يسمى حماية حقوق الأقليات في بلاد المسلمين بحث تجعل هذه الدولة تحت رحمة الدول الكبرى وتجعل هذه الحريات والحقوق سيف مسلط على رقبة هذه الدولة.


5. استغلال البلاد والعباد من خلال ربط هذه الدولة باتفاقيات سياسية واقتصادية.


6. الخطر الأكبر هو تمركز الدول الكبرى في قلب العالم الإسلامي للحيلولة دون توحده أو قيام نهضة به ودون عودة الخلافة.

 

* كيف يتم التدويل لقضية معينة :


إن الدول الكبرى عادتاً تكون بحاجة لمبررات معينة حتى تستطيع تدويل القضايا أي رفعها إلى الأمم المتحدة أو مجلس فتقوم هذه الدول بالتالي :


1. الضغوط الدبلوماسية على الدولة ذات النزاع المثار، أو القضية الخلافية لنقل الملفات الداخلية إلى مجلس الأمن.


2. تقوم بالضغط عن طريق منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني لجعل القضايا الخاصة بحقوق المواطنين تحظى باهتمام دولي.


3. تستخدم الإعلام ودوره في الترويج لقضية ما من حيث تكبيرها وتسليط الضوء عليها والبهرجة الإعلامية لتنال الاهتمامات الدولية.


فلذلك بعد أن يكون الصراع قد اشتد إلى ذروته وأزهقت الأرواح وسالت الدماء وانتهكت الإعراض ودمرت البيوت والممتلكات وعمت الفوضى وهجر الناس من مدنهم وقراهم إلى المجهول أو إلى دولة مجاورة وعادة ما يكون يتربص بهؤلاء تجار الدماء والحروب لشراء الذمم واصطناع العملاء، بعد ذلك كله يأتي دور مجلس الأمن والأمم المتحدة وكأنهم البلسم الشافي لجراحات الأمة، وبما أن مجلس الأمن والأمم المتحدة أداة من أدوات الدول الكبرى بل أمريكا عدوة الإسلام والمسلمين فيصيغ هذا المجلس القرار تلو القرار بحق الدولة المستهدفة وبالذات في بلادنا بغض النظر عن حقيقة الأمر كما ربط العراق بتصنيع أسلحة الدمار الشامل أو انه على علاقة بتنظيمات تعدها أمريكا إرهابية فقامت أمريكا بافتعال الأزمة واحتلت العراق وهذه الدولة المارقة ليست بحاجة إلى مبررات إلا لتأخذ العالم الغربي إلى جانبها.

 

* واجب الأمة الإسلامية تجاه تدويل قضاياها :


1. إن تدويل قضايا الأمة هو ربط لقضايانا بغيرنا وهو خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين وهو انتحار سياسي عندما نسلم رقبتنا إلى جلادينا، فالدعوة إلى تدويل قضايا الأمة حرام شرعاً.


فلذلك لا بد أن تدرك الأمة حرمة الدعوة لتدويل قضاياها مهما لحقنا من أذى ،فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يمر على آل ياسر ويقول لهم صبراً آل ياسر فان موعدكم الجنة ونحن نقول للأمة الإسلامية إن مع العسر يسر إن مع العسر يسرا فيجب على الأمة العمل على تغيير هذا الواقع وطرق أبواب أبناء الأمة من أهل الحل والعقد لإقامة الدولة الإسلامية لا طرق أبواب مجلس الأمن أو هيئة الأمم المتحدة أو بريطانيا أو أمريكا فإنهم هم العدو فيجب إن نحذرهم.


وطرق أبواب الجيوش الإسلامية لحملها على القيام بواجباتها تجاه قضايا الأمة وهم أبناء هذه الأمة فيهم الخير الكثير.


2. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين) وقال(لا تستضيؤ بنار المشركين).


فهل نهرب من النار إلى النار زمن حاكم طاغية إلى حكام طغاة باسم الشرعية الدولية والقانون الدولي، فاللجوء إلى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن كاللجوء إلى السراب الخادع فلذلك يجب نبذها وفضح واقعها وبيان زيفها.


3. إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن إحدى أدوات الظلم والشر والطغيان فيجب على الأمة الإسلامية امة الرسالة صاحبة العقيدة السياسية أن تعمل على إنقاذ العالم مع إنقاذ نفسها وان تضطلع بمهمة تحرير العالم من الرأسمالية وأدواتها. والأمة الإسلامية وجدت من اجل هدى البشرية والارتقاء بالإنسان من حيث هو إنسان قال تعالى: ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) ولا يكون ذلك إلا بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة التي بشرنا بها الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال: ( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ الله ُأَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيّاً ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ، ثُمَّ سَكَتَ ).


و خصوصاً بعدما استفاقت الأمة من كبوتها وبدأ سقوط الأنظمة الجبرية.

 



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد العموش- أبو انس

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع