مع الحديث الشريف القتال في سبيل الله
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
جاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قَوْلُهُ : ( سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شُجَاعَةً )
أَيْ لِيُذْكَرَ بَيْنَ النَّاسِ وَيُوصَفَ بِالشَّجَاعَةِ
( وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً )
أَيْ لِمَنْ يُقَاتِلُ لِأَجْلِهِ مِنْ أَهْلٍ أَوْ عَشِيرَةٍ أَوْ صَاحِبٍ
( وَيُقَاتِلُ رِيَاءً )
أَيْ لِيَرَى النَّاسُ مَنْزِلَتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
( مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )
قَالَ الْحَافِظُ : الْمُرَادُ بِكَلِمَةِ اللَّهِ دَعْوَةُ اللَّهِ إِلَى الْإِسْلَامِ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ كَانَ سَبَبُ قِتَالِهِ طَلَبَ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ فَقَطْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سَبَبًا مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَذْكُورَةِ أَخَلَّ بِذَلِكَ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُخِلَّ إِذَا حَصَلَ ضِمْنًا لَا أَصْلًا وَمَقْصُودًا , وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الطَّبَرِيُّ فَقَالَ : إِذَا كَانَ أَصْلُ الْبَاعِثِ هُوَ الْأَوَّلُ لَا يَضُرُّهُ مَا عَرَضَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ , وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ , لَكِنْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبُو أُمَامَةَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْت رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ ؟ قَالَ : " لَا شَيْءَ لَهُ " , فَأَعَادَهَا ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا شَيْءَ لَهُ , ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ " . وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَنْ قَصَدَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ فَلَا يُخَالِفُ الْمُرَجَّحَ أَوَّلًا , فَتَصِيرُ الْمَرَاتِبُ خَمْسًا : أَنْ يَقْصِدَ الشَّيْئَيْنِ مَعًا , أَوْ يَقْصِدَ أَحَدَهُمَا صِرْفًا , أَوْ يَقْصِدَ أَحَدَهُمَا وَيَحْصُلَ الْآخَرُ ضِمْنًا , فَالْمَحْذُورُ أَنْ يَقْصِدَ غَيْرَ الْإِعْلَاءِ , فَقَدْ يَحْصُلُ الْإِعْلَاءُ ضِمْنًا وَقَدْ لَا يَحْصُلُ , وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ مَرْتَبَتَانِ , وَهَذَا مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَدُونَهُ أَنْ يَقْصِدَهُمَا مَعًا فَهُوَ مَحْذُورٌ أَيْضًا عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ . وَالْمَطْلُوبُ أَنْ يَقْصِدَ الْإِعْلَاءَ صِرْفًا وَقَدْ يَحْصُلُ غَيْرُ الْإِعْلَاءِ . وَقَدْ لَا يَحْصُلُ , فَفِيهِ مَرْتَبَتَانِ أَيْضًا . قَالَ اِبْنُ أَبِي جَمْرَةَ : ذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْبَاعِثُ الْأَوَّلُ قَصْدَ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ مَا اِنْضَافَ إِلَيْهِ اِنْتَهَى . قَالَ الْحَافِظُ : وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ دُخُولَ غَيْرِ الْإِعْلَاءِ ضِمْنًا لَا يَقْدَحُ فِي الْإِعْلَاءِ إِذَا كَانَ الْإِعْلَاءُ هُوَ الْبَاعِثَ الْأَصْلِيَّ ؟ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَقْدَامِنَا لِنَغْنَمَ فَرَجَعْنَا وَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا فَقَالَ : " اللَّهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ إِلَى " الْحَدِيثَ , قَالَ : وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّ الْأَعْمَالَ إِنَّمَا تُحْتَسَبُ بِالنِّيَّةِ الصَّالِحَةِ , وَأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْمُجَاهِدِ يَخْتَصُّ بِمَنْ ذُكِرَ , وَفِيهِ ذَمُّ الْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا , وَعَلَى الْقِتَالِ لِحَظِّ النَّفْسِ فِي غَيْرِ الطَّاعَةِ اِنْتَهَى .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في أعمالنا كلها وأن يتقبل شهداءنا وأن يرزقنا قتال الكفار لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلا.