المعلم الحادي والعشرون: أبواب الجنة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
قال الله تعالى: (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ). (الزمر73) وقال تعالى: (هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ). (ص50)
ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان أن أبواب الجنة ثمانية. ولكل أهل عمل باب من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل.
أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن عباس قال: "للجنة ثمانية أبواب: باب للمصلين، وباب للصائمين، وباب للحاجين، وباب للمعتمرين، وباب للمجاهدين، وباب للذاكرين، وباب للصابرين، وباب للشاكرين".
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وأبو يعلى، والطبراني، والحاكم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الجنة ثمانية أبواب سبعة مغلقة, وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه".
فللصائمين باب خاص يسمى باب الريان. روى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد".
وهناك باب يقال له باب الضحى روى الطبراني في المعجم الكبير عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن في الجنة بابا، يقال له: الضحى، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانوا يديمون على صلاة الضحى؟ هذا بابكم فادخلوه برحمة الله".
وقد يتفضل الله سبحانه وتعالى على بعض عباده الصادقين الباذلين أنفسهم في سبيل البر وأنواع الخير فيدعى من جميع الأبواب وذلك كأبي بكر الصديق الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : هل يدعى أحد منها كلها؟ قال صلى الله عليه وسلم : نعم وأرجو أن تكون منهم! ومعنى يدعى منها كلها أي ينادى من جميع هذه الأبواب وهو دعاء تنويه وإكرام. ثم يدخل من الباب الذي غلب عليه العمل. فمن أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من باب النفقة. روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة فقال أبو بكر رضي الله عنه: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال: نعم, وأرجو أن تكون منهم".
وهذه الأبواب الثمانية تفتح كلها لبعض أرباب الأعمال في الدنيا تكريما لهم:
أولا: روى مسلم في صحيحه, وابن ماجة والترمذي وأبو داود والنسائي والحاكم وأحمد والطبراني عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مسلم يتوضأ، فيحسن الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة، يدخل من أيها شاء".
ثانيا: وروى أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت!
ثالثا: وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس, ويصوم رمضان, ويخرج الزكاة, ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى أنها لتصطفق".
رابعا: وأخرج أحمد، وابن ماجة، والطبراني، والبيهقي في البعث عن عقبة بن عبد السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل".
خامسا: وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من كان له بنتان أو أختان أو عمتان أو خالتان وعالهن فتحت له ثمانية أبواب الجنة".
سادسا: وأخرج إسحاق بن راهويه في مسنده عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من مات يؤمن بالله واليوم الآخر قيل له: ادخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت".
سابعا: وأخرج الحاكم في تاريخه عن أنس قال: مات ابن لعثمان بن مظعون فحزن عليه حزنا شديدا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "يا عثمان, أما ترضى بأن للجنة ثمانية أبواب, وللنار سبعة, وأنت لا تنتهي إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدت ابنك قائما عنده آخذا بحجزتك يشفع لك عند ربك؟ قال: بلى قال المسلمون: يا رسول الله ولنا في فرطنا مثل ما لعثمان؟ قال: نعم, لمن صبر واحتسب". اللهم أدخلنا الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه.م والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.