المعلم السادس والعشرون: حشر الخلائق جميعا يوم القيامة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
سمى الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بيوم الجمع؛ لأن الله يجمع العباد فيه جميعا قال تعالى: (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود). (هود 103) وقال: ( يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ). (التغابن 9) ويستوي في هذا الجمع الأولون والآخرون (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) (الواقعة 50)
وقدرة الله تعالى تحيط بالعباد فالله لا يعجزه شيء، وحيثما هلك العباد فإن الله قادر على الإتيان بهم، إن هلكوا في عنان السماء، أو غاروا في أعماق الأرض، وإن أكلتهم الطيور الجارحة أو الحيوانات المفترسة، أو أسماك البحار أو غيبوا في قبورهم في الأرض، كل ذلك عند الله سواء قال تعالى: (أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير). (البقرة 148 )
أيها المؤمنون:
وكما أن قدرة الله محيطة بعباده تأتي بهم حيثما كانوا، فكذلك علمه محيط بهم، فلا ينسى منهم أحدا: (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا لقد أحصاهم وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا). (مريم95) وقال تعالى: (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا). (الكهف 48)
أيها المؤمنون:
وهذه النصوص بعمومها تدل على حشر جميع الخلائق من الإنس والجن والملائكة، وحتى إن البهائم تحشر أيضا. قال تعالى: (وإذا الوحوش حشرت) (التكوير 5) وقال تعالى: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون). (الأنعام 38) وقال تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير). (الشورى 29)
روى إسحق بن راهويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا سيحشر يوم القيامة، ثم يقتص لبعضها من بعض حتى يقتص للجماء من ذات القرن، فعند ذلك (يقول الكافر: يا ليتني كنت ترابا). ثم يقول أبو هريرة: فاقرءوا إن شئتم: (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون).". (الأنعام 38)
أيها المؤمنون:
يحشر الله العباد يوم القيامة كما خلقهم، قال تعالى:( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين). (الأنبياء 104) أما الأرض التي يحشر العباد عليها في يوم القيامة فهي أرض أخرى غير هذه الأرض، قال تعالى: (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار). (إبراهيم48)
اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك, اللهم إنا نعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل أو نية أو اعتقاد! يا سميع يا عليم يامن تعلم ما في السموات وما في الأرض وما تخفي الصدور!
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.