الثلاثاء، 22 صَفر 1446هـ| 2024/08/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم ح1 عظمة القرآن الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، واجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: سنكون معكم على مدار إحدى وتسعين حلقة، بعدد نداءات القرآن الكريم، نقبل وإياكم فيها على مأدبة الله جل في علاه، لنعلم مضمونها، ونعمل بمقتضاها، وذلك امتثالا لأمر الله، واهتداء بهدي رسول الله. روى الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم".


أيها المؤمنون:


قال تعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقر‌آن العظيم). (الحجر 87) أجل القرآن عظيم، فمن أين أتت عظمة القرآن يا ترى؟ للإجابة عن هذا السؤال نقول: عظمة القرآن من عظمة منزله وهو الله تبارك وتعالى. وعظمة القرآن من عظمة من تلقاه من الله وهو جبريل عليه السلام. وعظمة القرآن من عظمة النبي الذي أنزل عليه وهو محمد صلى الله عليه وسلم. وعظمة القرآن من عظمة الأمة التي حملته رسالة هداية للعالمين، وهي أمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس لتخرجهم من الظلمات إلى النور. عظمة القرآن من عظمة الشهر الذي نزل فيه وهو شهر رمضان المبارك. عظمة القرآن من عظمة الليلة التي أنزل فيها، وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. عظمة القرآن من عظمة اللغة التي نزل بها وهي اللغة العربية، لغة الضاد، لغة أهل البلاغة والفصاحة والبيان، لغة القرآن، لغة عباد الرحمن، لغة أهل الجنان! وكيف لا يكون هذا القرآن عظيما، وهو تنزيل العزيز الر‌حيم؟ كيف لا يكون هذا القرآن عظيما، وهو تنزيل من الله العزيز الحكيم؟ كيف لا يكون هذا القرآن عظيما، وهو تنزيل من الله العزيز العليم؟ كيف لا يكون هذا القرآن عظيما، وهو تنزيل من ر‌ب العالمين؟ كيف لا يكون هذا القرآن عظيما، وهو تنزيل من الر‌حمن الر‌حيم؟ كيف لا يكون هذا القرآن عظيما، وهو تنزيل من حكيم حميد؟ كيف لا يكون هذا القرآن عظيما، وهو تنزيل ممن خلق الأر‌ض والسماوات العلى؟


أيها المؤمنون:


يقول صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في معرض تفسيره للآية الثانية من سورة العنكبوت: (أحسب الناس أن يتر‌كوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون). "إن الإيمان ليس كلمة تقال، إنما هو حقيقة ذات تكاليف، وأمانة ذات أعباء، وجهاد يحتاج إلى صبر، وجهد يحتاج إلى احتمال. فلا يكفي أن يقول الناس: آمنا. وهم لا يتركون لهذه الدعوى، حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم. كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الرخيصة العالقة به - وهذا هو أصل كلمة (يفتنون) اللغوي وله دلالته وظله وإيحاؤه - وكذلك تصنع الفتنة بالقلوب". انتهى الاقتباس


أيها المؤمنون:


يفخر المؤمن بعبوديته لربه عز وجل وانتسابه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويحمد الله تبارك وتعالى على آلائه العظيمة ونعمه الكثيرة، ولسان حاله يقول: اللهم لك الحمد بالقرآن، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالأهل والمال والولد، ولك الحمد بالمعافاة! اللهم لك الحمد بأنك أنت الله وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك! ورحم الله من قال:

 

ومما زادني فخرا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا

 


أيها المؤمنون: يا من آمنتم بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبالقرآن دستورا، وبمحمد نبيا ورسولا. إن الله جل في عليائه يناديكم بهذا النداء القريب إلى قلوبكم، والمحبب إلى نفوسكم! يناديكم بقوله: (يا أيها الذين آمنوا). ما أروعه من نداء! إنه يذكركم بإيمانكم بالله ربكم، وبكل ما تؤمنون به تبعا لهذا الإيمان. يذكركم بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، والقضاء والقدر خيرهما وشرهما من الله تعالى. يذكركم بالإيمان باليوم الآخر وما فيه من البعث والنشور والثواب والعقاب والحساب والعذاب. يذكركم بالإيمان بالجنة ونعيمها، والنار وجحيمها. يذكركم بكل أركان الإيمان تذكيرا يدفعكم إلى طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه! فما هو موقفكم يا ترى حين تسمعون هذا النداء، من رب الأرض والسماء؟ كأني بلسان حالكم يقول مجيبا نداء الله: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله لديك! لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك!


هذه الاستجابة السريعة لأمر الله سبحانه وتعالى هي سمة من أبرز سمات المؤمنين الصادقين، المفلحين الفائزين برضوان الله رب العالمين القائل في محكم كتابه وهو أصدق القائلين: (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ور‌سوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله ور‌سوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ). (النور52)


الاستجابة لأمر الله سبحانه فيها الحياة، وفيها النجاة من عذاب الله، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا للـه وللر‌سول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن اللـه يحول بين المر‌ء وقلبه وأنه إليه تحشر‌ون واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن اللـه شديد العقاب). (الأنفال 25) وقال تعالى: (استجيبوا لر‌بكم من قبل أن يأتي يوم لا مر‌د له من اللـه ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير). (الشورى 47)

 


أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن ‏العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وهمومنا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا ‏وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا واجعله حجة لنا لا علينا اللهم آمين آمين يا رب العالمين.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 


محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع