الثلاثاء، 22 صَفر 1446هـ| 2024/08/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم ح2 النهي عن استخدام مصطلحات الكفار التي لها مدلول يتعارض مع الإسلام ج1

بسم الله الرحمن الرحيم


النهي عن استخدام مصطلحات الكفار التي لها مدلول يتعارض مع الإسلام


(يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ر‌اعنا وقولوا انظر‌نا واسمعوا وللكافر‌ين عذاب أليم) (البقرة 104).


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، واجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا، ومع النداء الأول نتناول فيه الآية الكريمة الرابعة بعد المائة من سورة البقرة التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ر‌اعنا وقولوا انظر‌نا واسمعوا وللكافر‌ين عذاب أليم ). نقول وبالله التوفيق: نهى الله عباده المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن قول كلمة راعنا، وأمرهم أن يقولوا بدلا منها: انظرنا.


أيها المؤمنون:


القرآن يفسر بعضه بعضا كما يقولون، لذا فقد بين الله تعالى في الآية السادسة والأربعين من سورة النساء الحكمة من هذا النهي وهي أن يهود أعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين يحرفون الكلم عن مواضعه، كما بين أغراضهم الخبيثة من هذا التحريف وهي الطعن في دين الإسلام. قال تعالى: (من الذين هادوا يحر‌فون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير‌ مسمع ور‌اعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظر‌نا لكان خير‌ا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفر‌هم فلا يؤمنون إلا قليلا). (النساء )


يقول صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: "يمضي هذا الدرس في كشف دسائس اليهود وكيدهم للإسلام والمسلمين وتحذير الجماعة المسلمة من ألاعيبهم وحيلهم، وما تكنه نفوسهم للمسلمين من الحقد والشر، وما يبيتون لهم من الكيد والضر ونهى الجماعة المسلمة عن التشبه بهؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب في قول أو فعل ويكشف للمسلمين عن الأسباب الحقيقية الدفينة التي تكمن وراء أقوال اليهود وأفعالهم، وكيدهم ودسائسهم، وألاعيبهم وفتنهم التي يطلقونها في الصف الإسلامي.


أيها المؤمنون:


يتجه الخطاب في مطلع هذا الدرس إلى (الذين آمنوا). يناديهم بالصفة التي تميزهم، والتي تربطهم بربهم ونبيهم، والتي تستجيش في نفوسهم الاستجابة والتلبية. وبهذه الصفة ينهاهم أن يقولوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (راعنا). - من الرعاية والنظر - وأن يقولوا بدلا منها مرادفها في اللغة العربية: (انظرنا)... ويأمرهم بالسمع بمعنى الطاعة، ويحذرهم من مصير الكافرين وهو العذاب الأليم: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولواراعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم).


وتذكر الروايات أن السبب في ذلك النهي عن كلمة "راعنا" .. أن سفهاء اليهود كانوا يميلون ألسنتهم في نطق هذا اللفظ، وهم يوجهونه للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤدي معنى آخر مشتقا من الرعونة. فقد كانوا يخشون أن يشتموا النبي صلى الله عليه وسلم مواجهة، فيحتالون على سبه صلوات الله وسلامه عليه عن هذا الطريق الملتوي، الذي لا يسلكه إلا صغار السفهاء! ومن ثم جاء النهي للمؤمنين عن اللفظ الذي يتخذه اليهود ذريعة، وأمروا أن يستبدلوا به مرادفه في المعنى، الذي لا يملك السفهاء تحريفه وإمالته؛ كي يفوتوا على اليهود غرضهم الصغير السفيه!


واستخدام مثل هذه الوسيلة من اليهود يشي بمدى غيظهم وحقدهم، كما يشي بسوء الأدب، وخسة الوسيلة، وانحطاط السلوك. والنهي الوارد بهذه المناسبة يوحي برعاية الله لنبيه وللجماعة المسلمة، ودفاعه سبحانه عن أوليائه، بإزاء كل كيد وكل قصد شرير من أعدائهم الماكرين". (انتهى الاقتباس).


أيها المؤمنون:


ما أشبه الليلة بالبارحة، والتاريخ يعيد نفسه، وها هم أعداء الله ورسوله يكيدون للإسلام والمسلمين، يريدون سلخهم عن عقيدتهم، وإبعادهم وحرفهم عن أحكام دينهم، فيروجون أفكارهم الخبيثة في أوساط المسلمين، مستعينين ببعض الشخصيات الموالية لهم من المسلمين الذين اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا، يسوقون لنا أفكار الغرب مرة على أنها أفكار إسلامية، ومرة ثانية على أنها تتوافق مع أفكار الإسلام، ومرة ثالثة على أنها لا تتعارض ولا تتناقض مع أفكار الإسلام.


ولم يقف الأمر بهم عند هذا الحد، بل وصل إلى أبعد من ذلك، فصاروا ينادون بل ويطالبون بتحكيم شرع غير شرع الله جل في علاه. يقولون ذلك إرضاء لأعدائنا من الكفرة والمشركين طمعا في مناصب دنيوية!


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن ‏العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا همومنا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا ‏وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا واجعله حجة لنا لا علينا اللهم آمين آمين يا رب العالمين.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 


محمد احمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع