الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم للذين آمنوا ح10 النداء السادس  (ج2) الأمر بالاستسلام الكامل لله تعالى، والنهي عن اتباع خطوات الشيطان  

بسم الله الرحمن الرحيم

 

(يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان  إنه لكم عدو مبين) (البقرة ٢٠٨)  .

 

الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، واجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

أيها المؤمنون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا، ومع النداء السادس نتناول فيه الآية الكريمة الثامنة بعد المائتين من سورة البقرة التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان  إنه لكم عدو مبين). نقول وبالله التوفيق:

 

في أيام شهر رمضان المبارك يبرز إلى الأذهان سؤال هو: هل يجوز أن يكون الصيام والصلاة لله تعالى، وتكون الحاكمية لغير الله سبحانه؟ للإجابة عن هذا السؤال نفتح كتاب الله لنتلو قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان  إنه لكم عدو مبين).

 

أيها المؤمنون:

 

فكلمة (السلم) الواردة هنا كما فسرها ابن عباس رضي الله عنهما، تعني الإسلام كاملا، والمقصود الإيمان بالإسلام كله دون استثناء، والعمل بشرعه كله دون غيره ورفض ما سواه. وكلمة (كافة) الواردة بعدها حال منها أي من (السلم) فتعني السلم كله، أي الإسلام كله. فالمراد من الآية الكريمة هو الأمر بالأخذ بتكاليف الإسلام جميعها: ما تميل إليه النفس منها، وما يخالف هواها. فالآية الكريمة تصرح بأن عدم الأخذ بالإسلام كاملا نوع من اتباع الشيطان، فالتفريط بشيء من ذلك المنهج سيكون فيه اتباع آلي لسبيل الشيطان، حيث لا يوجد أي خيار آخر. فإما اتباع لمنهج الرحمن، وإما اتباع لسبيل الشيطان. لذلك قال الله تعالى عقب ذلك: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان  إنه لكم عدو مبين). نفهم من ذلك إخوة الإيمان أنه لا يجوز للمسلم أن يأخذ بعض أحكام الإسلام ويترك بعضها، فأن يصوم المسلم ويصلي، ولا يزكي إن كان معه ما يستحق الزكاة لا يجوز، وأن يصلي ويصوم ويزكي، ولا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر لا يجوز، أي لا يجوز للمسلم أن يترك فرضا فرضه الله عليه، حتى ولو قام بجميع الفروض وترك فرضا واحدا كالحكم بما أنزل الله مثلا فهذا غير جائز، فالإسلام هو ما جاء وحيا من الله، أي ما جاء بالكتاب والسنة، وما أرشدا إليه من إجماع صحابة وقياس باجتهاد صحيح، ‎هذا وحده هو الإسلام، وما عداه كفر سواء أكان موافقا للإسلام أم كان لا يخالفه. والدليل على ذلك أن الله تعالى أمرنا أن نأخذ ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن نترك ما نهانا عنه، وأمرنا أيضا أن نحتكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي إلى ما جاء به. قال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا). فهو نص في وجوب أخذ ما جاء به الرسول، وترك ما نهى عنه.

 

أيها المؤمنون:

 

وإذا قرنت هذه الآية بقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم). وعرف أن "ما" في قوله: "ما آتاكم" وقوله: "‎وما نهاكم" للعموم ظهر جليا وجوب أخذ كل ما جاء به، وترك كل ما نهى عنه، وأنه عام في جميع ما أمر به، وجميع ما نهى عنه، والطلب في هذه الآية سواء طلب الفعل أو طلب الترك طلب جازم، يفيد الوجوب بدليل تهديد الله لمن يخالفه بالعذاب الأليم. والله تعالى يقول: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما). أي أن من دخل في الإسلام عليه أن يدخل فيه كله، فلا يبقي شرعا غيره، فالإسلام ناسخ لغيره من الشرائع لقوله تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه). أي: ناسخا له. والإبقاء على شيء من الشرائع السابقة، التي لم يقرها الإسلام يكون اتباعا لدين غير دين الإسلام، وهذا مرفوض وغير مقبول، بل إن صاحبه يكون يوم القيامة من الخاسرين. لقوله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين). على أن الله تعالى لم يكتف بذلك بل إنه نهى نهيا صريحا عن الأخذ من غير ما جاء به الوحي من الله، فنعى على الذين يريدون أن يتحاكموا لغير ما جاء به الرسول قال تعالى: (‎ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا).

 

أيها المؤمنون:

 

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن ‏العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا همومنا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا ‏وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا واجعله حجة لنا لا علينا اللهم آمين آمين يا رب العالمين

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محمد احمد النادي

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع