الأحد، 20 صَفر 1446هـ| 2024/08/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نظرة الإسلام للملكيات وأثرها في ضمان ثروة الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أرسل الله تعالى رسوله الكريم بشريعة عظيمة عالج مختلف جوانب الحياة، وأرست في الأرض نظام عدل حقق أعلى درجات الاستقرار في كافة مجالات الحياة، ومنها جانب الحياة الاقتصادية، وقد تميز هذا النظام بنظرات متميزة لمفاصل الحياة الاقتصادية، ومنها نظرته الخاصة للملكيات، والتي لا تشبه أي نظام من أنظمة البشر الظالمة.


وقد حدد الإسلام أنواع الملكيات وحدد المباشر لها والمتصرف بها، وجعل كل واحدة من هذه الملكيات محترمة مصونة، وأوقع أشد العقوبات في الدنيا والآخرة على كل من يتعدى على أي واحدة منها، وجعل هذه الملكيات ثلاثة أنواع:


الملكية الفردية: جعل الشرع حقَ التملك للفرد حقا شرعيا مصونا بالتوجيه والتشريع، وهذه الملكية تعني أن يكون للفرد سلطان على ما يملك، لكنها لا تعني أن الفرد حر في التصرف في ماله أو كيفية حيازته، إذ حدد الشرع للفرد أنواعَ الأموال التي يجوز له امتلاكها، ومنعه من أموال أخرى، وحدد له كذلك أسباب التملك التي بها يحوز الأموال، بخطوط عريضة ومعان عامة، قابلة لأن تنطبق على ما يستجد في الحياة من حوادث وأشياء، لأن هذه الأسباب لا تتغير ولا تتطور مع تغير الأنظمة في العالم، ثم حدد الإسلام للفرد كيفية التصرف بالمال سواء أكان هذا التصرف على وجه النفقة على النفس والأهل، أم كان هذا التصرف لتنمية الملك، فحدد له أسبابَ التنمية من خلال أحكام الزراعة والصناعة والتجارة.


الملكية العامة: وهي الأعيان التي جعل الشرع ملكيتها لجماعة المسلمين مشتركة بينهم لا يختص أحدهم بها، وتشمل المعدن العد الذي لا ينقطع مثل البترول والغاز والحديد والذهب والفحم الحجري وغير ذلك من المعادن، وتشمل كذلك المرافق العامة وكل ما تمنع طبيعته حيازة الأفراد له مثل البحار والأنهار والمضائق والخلجان، وكذلك المصانع والمؤسسات القائمة على هذه الأعيان، مثل المولدات الكهربائية القائمة على مساقط المياه العامة، وجعل الإسلام إدارة هذه الأموال بيد الدولة، إنتاجا وتسويقا وتسعيرا تنفقه على المصالح الحقيقية للأمة، فتنفق هذه الأموال على الفقراء والمساكين وعلى المساجد والمدارس والجامعات والمختبرات ومراكز الأبحاث، ومن هذه الأموال تَدفع الدولة تعويضات الحكام وأرزاق الجند ورواتب الموظفين، وكذلك تنفق هذه الأموال على الجهاد لبناء القوة التي تقهر أعداءنا وتحرر أرضنا بل وتحمل دعوتنا للعالم، قال تعالى وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ وقد منع الإسلام الأفراد والأسر حاكمة أو غير حاكمة أن يحوزوا هذه الملكية أو يتصرفوا بها لمصالحهم الخاصة حتى لو كان هذا الشخص المتصرف هو خليفة المسلمين.


ملكية الدولة: وهي الأموال التي تعلق فيها الحق لعامة المسلمين والتدبير فيها للخليفة، وذلك من خراج وجزية وغنائم وأنفال، والموارد الناتجة عن ملكيات الدولة وأراضيها ومصانعها، وتوضع الزكاة كذلك في بيت المال دون أن تخلط بغيرها على أن توزع على مصارفها الشرعية حصرا.


ونظرة فاحصة لمفهوم الملكيات في الإسلام، ترشدنا بشكل واضح، إلى أن الفكر الاقتصادي الإسلامي متميز عن غيره من أنظمة رأسمالية أو اشتراكية أو شيوعية، فقد صنف الإسلام الملكيات على غير ما وضعته تلك الأنظمة البشرية فالرأسمالية أطلقت للملكيات الفردية عنانها، والاشتراكية حصرتها في كل شيء لا ينتج، لكن الإسلام وازن في نظرته للملكية الفردية وللملكية العامة، فوازن في تشريعه بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، فقد أعطى للفرد حق التملك وحق تنمية الملك، وذلك بخلاف الاقتصاد الاشتراكي الذي منع الملكية الفردية فأحبط حوافز النفس البشرية، ففشل وتحطم، واندثر إلى غير رجعة، ثم إن الإسلام في نفس الوقت جعل لهذه الملكية الفردية ضوابطَ وأسباباً محددة للملك، فلم يطلق عنانها كما فعلت الرأسمالية، فمنع تكدس الثروات الهائلة بيد فئة قليلة من الناس، ومنع السبل التي مكنت الرأسماليين من أن يحوزوا ثروات الناس، ويعبثوا بأموالهم ويُلقوا بهم للتهلكة والكوارث.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع