مع الحديث الشريف "باب وجوب محبة رسول الله أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين ونفي الإيمان عمن لم يحبه"
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف"في" باب وجوب محبة رسول الله أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين ونفي الإيمان عمن لم يحبه".
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ".
أيها الأحبة الكرام:
قال ابن إسحاق: اجتمع رهط من قريش، فيهم أبو سفيان بن حرب؛ فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي. قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمدٍ محمدا.
كما أخرج ابن إسحاق أيضا: عن سعد بن أبي وقاص قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، فلما نعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين.
قالت: أرونيه حتى أنظر إليه.
قال: فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل.
أيها المسلمون:
لقد رفض زيد بن الدثنّة مجرد فكرة الإساءة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ولقد فزعت المرأة من بني دينار لمظنة عدم رجوع الرسول صلى الله عليه وسلم مع الجيش، رغم إصابة أبيها وأخيها وزوجها، فمتى تفزع الأمة لتطبيق أحكام ربها؟ ألا تعلم أنها تغضب ربها ورسوله؟ ألا تعلم أنها أساءت إلى رسولها صلى الله عليه وسلم أكثر من تسعين عاما بتطبيقها لأحكام وضعية من عند بشر؟ أين محبتها إذن لرسولها الكريم؟ أم أن المحبة فقط في سطور الكتب وفي الخطابة والكلام؟
أيها المسلمون:
ما لم تترجم هذه المحبة إلى سلوك وأعمال فلا معنى للمحبة، فالمحبة هي الطاعة، فطاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هي المثال الحي والصادق لمحبته، "قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ"، فالذي يحب الرسول يقتدي به في كل أمر، لا في الصلاة فقط، فلا يبيح الربا ولا يقترض من صندوق النقد الدولي، ولا يبيح الخمور فيزيد من الضرائب عليها بدلا من منعها، ولا يبيح ما حرّمه رسوله عليه، فيقتدي فيه في الصلاة ويعصيه في المعاملات وفي الحكم، ولا يقسم على أن يطبق نظاما ديمقراطيا من صنع بشر، رضيت به أمريكا وقامت عليه، فأي طاعة هذه؟ إنها فعلا الطاعة، ولكنها الطاعة لأمريكا لا لله تعالى. نسأل الله العفو والعافية، والنجاة والإخلاص في أقوالنا وأعمالنا.
أحبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم