﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ترسخت الثورة السورية وأصبحت أمل الأمة في الخلاص من قبضة الاستعمار بعد أن رفعت شعارات تليق بهذه الأمة وتاريخها وحضارتها، وأصبحت تُضرب بها الأمثال بدل البحث في التاريخ.
والفضل في ذلك يرجع إلى الله تعالى ثم إلى الشعب السوري والمجاهدين الأبطال.
ذلك الشعب الذي تحمل وما زال يتحمل ما لا تتحمله الجبال، ولا سمعنا في التاريخ أن عدوا فعل بعدوه ما فعله النظام السوري في شعبه.
شعب لم يتلوث عقله بالأفكار الغربية مثلما هو الحال في تونس ومصر مثلا بفعل المنظمات غير الحكومية.
لا شك في أن إسقاط النظام السوري بإذن الله عمل جبار وخطوة كبيرة في طريق النهوض بالأمة، حيث إن المجاهدين لا يقاومون النظام السوري فقط وإنما يقاومون الغرب والشرق اللذين يمدان هذا النظام بكل وسائل القوة ويحافظان عليه من السقوط قبل إيجاد العميل البديل وعسى أن يركع الشعب السوري ومعه الثوار ثم يدخلوا في متاهات المفاوضات والخطط الغربية لتُضاف خيبة الثورة السورية - لا قدّر الله - إلى خيبة سابقاتها التونسية والمصرية واليمنية والليبية.
الثورة السورية معركة حقيقية وجدية، معركة بين العلمانية والإسلام ولا حل وسطًا بينهما.
إلاّ أن الأهم والأخطر هو ما بعد إسقاط النظام، فإذا لم تتوحد الفصائل فيما بينها وتتفق على نظام الحكم الذي سيوضع مكان النظام الحالي، فالخطر سيكون ماحقا للثورة والثوار وتضحيات الشعب السوري وعلى أمل الأمة المنعقد على هذه الثورة، ومن هذه الأخطار:
- التقاتل على السلطة بين الفصائل
- فتح الباب للتدخل الأجنبي والإقليمي لقطف الثمرة
- ضياع كل التضحيات
- الوصول إلى الحكم بدون نظام محدد مفصّل مؤصّل من الإسلام تمشيا مع مطالب الشعب السوري وشعارات ثورته يفتح الباب للأحكام الوضعية والعقلية الواقعية.
يقول سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: ﴿واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا﴾ وهي آية تعني الكثير لمن تدبرها، قال ابن مسعود: حبل الله هو القرآن.
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذا القرآن هو حبل الله المتين» رواه الأحوص عن عبد الله.
ويقول القرطبي في تفسير هذه الآية: "إن الفرقة هلكة والجماعة نجاة ولا تفرقوا متابعين للهوى والأغراض المختلفة وكونوا في دين الله إخوانا فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع، فإن ذلك ليس اختلافا، إذ الاختلاف ما يتعذّر معه الائتلاف والجمع وما زال الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث وهم مع ذلك متآلفون".
نسأل الله أن يوحد كلمة الثوار ويؤلف بين قلوبهم ويرشدهم إلى الحق والتوافق على برنامج حكم يستند إلى الإسلام ويليق بالشعارات التي رفعتها الثورة السورية "هي لله"، "قائدنا للأبد سيدنا محمد".
ونسأل الله أن يكون المولود للثورة السورية - بعد هذا المخاض العسير - بهيَّ الطلعة، خلافة على منهاج النبوة.
فهي أمل الأمة في وضع حدّ لدماء المسلمين التي تسيل منذ زمن بعيد، وضع حدّ لاستعمارها ومآسيها ومعاناتها وفقرها وإهانتها وهوانها على بقية الأمم وقبل كل هذا رفع الإثم بالتحاكم لأنظمة الكفر ووضع حدّ للرأسمالية وتجبرها وشرورها وفسادها وفتح الباب لرحمة الإسلام.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أخوكم محمد بوعزيزي