سياسة السلطات الروسية السلبية تجاه العمال المهاجرين؟
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عمدة مدينة موسكو سيرجي سوبيانين في مقابلة مع صحيفة "كومسومولسكايا برافدا": "منذ بداية السنة تم طرد أكثر من 13 ألفا من المهاجرين غير الشرعيين الذين كانوا يعيشون في العاصمة الروسية. كما تم منع 42.8 ألفا من الأجانب الذين انتهكوا القوانين الروسية من دخول البلاد. وهذا أكثر بكثير مقارنة بالعام الماضي."
في بداية العام الحالي انتشرت في وسائل الإعلام الروسية معلومات حول المداهمات المتكررة لاكتشاف أماكن وجود المهاجرين غير الشرعيين في موسكو ومدن روسية أخرى. وقد رافق هذه المداهمات إذلال وعنف كما كان واضحا من مشاهدة مقاطع الفيديو. وهاجمت القوات الخاصة المسلحة مع كلابهم البوليسية مدججين بكل أنواع السلاح المهاجرين الذين جاءوا إلى البلاد من أجل لقمة العيش، وقادوهم في صفوف عبر شوارع المدن كما يُفعل بأسرى الحروب.
وأعقب هذه الأخبار هجمات من قبل الجماعات الإجرامية المحلية على أماكن إقامة العمال المهاجرين. وقد نشرت أشرطة فيديو على مواقع الإنترنت تصور الشتائم والاستهزاء والسخرية تجاه العمال المهاجرين. إضافة إلى ذلك فقد بدأت مجموعات من أصول سلافية بمطالبة التجار من المهاجرين بمستندات ووثائق مختلفة لبيع البضائع.
وتبع ذلك مشاهد من العنف ضد أناس من أصول غير سلافية. ويوضح مقطع فيديو كيف هاجم حشد من الناس من أصول سلافية شخصا من المارة غير سلافي وتم ضربه حتى فقد وعيه. كما بثت على مواقع الإنترنت مقاطع تظهر فيها هجمات بأدوات حادة واعتداء بالأسلحة النارية.
يتساءل الإنسان العاقل: ما هذا؟ لماذا مهاجمة الأجانب؟ ولماذا الحكومة صامتة؟
هذه السياسة تجاه التجار والعمال الأجانب التي تجري من قبل السلطات وبعض الأغبياء ليست سوى إرهاب من أجل تخويف وإذلال المهاجرين. إن السلطات الروسية والنظام فاسدان تماما وتعيشان على الرشوة والاحتيال. بطبيعة الحال فإن النخبة هي التي تتحكم بهذا الوضع ولا يحصل شيء في البلاد إلا بإذن منها. الاعتقال وعمليات الترحيل الجماعية لا يمكن أن تساعد السلطات في سياستها لحل المشكلة، فهم من أجل تحقيق أهدافهم والتأكد من نجاحهم يرون أنه يجب تخويف وإرهاب المهاجرين من أجل ألا يفكروا في العودة إلى روسيا، ويستخدمون في سياستهم تلك جميع الناس الفاشلين ومن ضمنهم مدمنو المخدرات والمجرمون. ((أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)).
إن روسيا هي بلد كبير وغني بالموارد الطبيعية وتستطيع أن تكون رائدة العالم في تطوير الصناعات وتحسين مستوى معيشة شعبها، ولكنها تفتقر للغاية والفكرة التي ترفع الناس من الفقر الأخلاقي ومن ثم الفقر المالي. إن بوتين الذي يحكم بلادا شاسعة مثل روسيا بما فيها من موارد طبيعية غنية قد حولها إلى المستوى الثاني بل ربما إلى المستوى الثالث على مستوى العالم من خلال سياساته الفاشلة وغير المجدية. فبعد وصول بوتين للسلطة ارتكب كثيرا من الأخطاء في المجال الاقتصادي حيث أوصل البلاد إلى مشاكل كارثية. فروسيا لا تعتبر بألمانيا التي هزمت في الحرب العالمية الثانية. فمنذ زمن طويل لا تستطيع السلطات الروسية الضغط على نظام كريموف المجرم في أوزبكستان من أجل طرد النفوذ الغربي في آسيا الوسطى. بل كل ما تستطيعه هو التجارة بالمواد الطبيعية كالنفط والغاز والاتجار بالأسلحة.
وأيضا فإن السلطات الروسية لا تستطيع أن تعطي الفكرة التي ترفع الناس إلى المستوى الفكري الذي يؤدي إلى تطوير الاقتصاد في البلاد. مباشرة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي بدأ نهب ثروات البلاد من قبل كل من لديه نفوذ قوي، وهكذا ظهر الأغنياء في روسيا، وتمت مصادرة ثروات الأغنياء المعارضين لسياسة بوتين بعد استلامه للسلطة بينما أتاح الفرصة للمؤيدين له. وتبنت الدولة سياسة السوق حيث لا يستطيع السوق إنتاج السلع التي تغطي الاحتياج العام لصالح البلاد.
وأصبح رجال الأعمال هم الرأسماليين في روسيا، كما منعت السلطات تطوير الصناعة والتكنولوجيا في مصانع الدولة، وسرقت الإعانات والمساعدات المخصصة لتطوير المصانع المملوكة للدولة بسبب جشع المسؤولين، كل ذلك أدى إلى تدهور كبير في اقتصاد البلد. وبالمقابل طورت ولا تزال الشركات الخاصة المصانع والتكنولوجيا لديهم. وبسبب عدم القدرة على المنافسة تفقد مؤسسات الدولة أموالها بينما تتطور الشركات الخاصة.
هناك حاجة إلى الأيدي العاملة عندما تكون هناك صناعة ومصانع، وبالتالي تحتاج البلاد إلى المهاجرين الأجانب من أجل المساعدة في تطوير البلاد كما حدث في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث تم إعادة بناء روسيا على حساب الموارد البشرية. ويوجد في روسيا مهاجرون وتجار وهم مستعدون للعمل بمبالغ بسيطة وفي أية وظيفة. وبطبيعة الحال فإن العواصم هي أكثر الأماكن التي تتوفر فيها جميع أنواع الأعمال، ويتوق الكل دائما إلى العمل هناك. وبسبب غزو المهاجرين انخفض مستوى المعيشة للسكان المحليين الذي كان متدنيا في الأصل. وبقي السكان المحليون بدون عمل أملا في وظائف في الدولة وبراتب أعلى. هذا الوضع سهل على السلطة استخدام تذمر وسخط السكان المحليين وتنفيذ التصفيات الجماعية.
السلطات الروسية تحاول إخفاء فشلها من خلال إلقاء اللوم على المهاجرين من جهة، ومن جهة ثانية فهي تحاول التخلص من المسلمين بحجة عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد. إن الجميع يعلم أن أعداد المسلمين في روسيا تتزايد يوما بعد يوم حتى بدون مساعدة المسلمين المهاجرين القادمين من آسيا الوسطى. لقد جاء معظم المهاجرين إلى روسيا بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في بلدانهم، إن ممارستهم شعائر الإسلام قد لفتت انتباه السكان المحليين فبدأوا تدريجيا باعتناق الإسلام، والنتيجة هي أننا نرى كيف تمتلئ الشوارع في صلاة العيد ليس في العاصمة بل وأيضا في المدن الأخرى.
إن السلطات الروسية تستغل المشاعر القومية في توجيه العصابات الإجرامية ضد المهاجرين. وهكذا تحدث الجرائم لأسباب قومية وتنتج آلاف الضحايا بين المهاجرين بسبب السياسة غير الإنسانية من قبل السلطات. إن قادة دول آسيا الوسطى يبدون قلقا بسيطا تجاه مصير شعوبهم في الخارج، ونستطيع القول إنهم مستسلمون لما يحدث. فعلى سبيل المثال أعلن وزير الخارجية الطاجيكي أنه في عام 2012 أحضرت 1055 جثة مواطن طاجيكي من الذين سافروا إلى روسيا بحثا عن لقمة العيش، ولكن الرد على هذه الجرائم كان بتوقيع الرئيس الطاجيكي اتفاقات إضافية مع الرئيس الروسي!
هذه الأساليب الإرهابية والعنف تجاه المهاجرين تثبت مرة أخرى سياسة السلطات الروسية غير الإنسانية. ففي هذه السياسة لا توجد قيم أخلاقية ولا إنسانية بل هي فقط مبنية على المصالح المادية ولو كانت على حساب آلاف الأرواح البريئة!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إلدر خمزين
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير