مع الحديث الشريف السرقة والسلب والنهب
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَك فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ فَلْيُبْلِغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر:
قَوْله: (بِشْر)
هُوَ اِبْن الْمُفَضَّل، وَرِجَال الْإِسْنَاد كُلّهمْ بَصْرِيُّونَ.
قَوْله: (أَيّ يَوْم هَذَا)
قَالَ الْقُرْطُبِيّ: سُؤَاله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الثَّلَاثَة وَسُكُوته بَعْد كُلّ سُؤَال مِنْهَا كَانَ لِاسْتِحْضَارِ فُهُومهمْ وَلِيُقْبِلُوا عَلَيْهِ بِكُلِّيَّتِهِمْ، وَلِيَسْتَشْعِرُوا عَظَمَة مَا يُخْبِرهُمْ عَنْهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْد هَذَا: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ إِلَخْ، مُبَالَغَة فِي بَيَان تَحْرِيم هَذِهِ الْأَشْيَاء. اِنْتَهَى. وَمَنَاط التَّشْبِيه فِي قَوْله: "كَحُرْمَةِ يَوْمكُمْ" وَمَا بَعْده ظُهُوره عِنْد السَّامِعِينَ؛ لِأَنَّ تَحْرِيم الْبَلَد وَالشَّهْر وَالْيَوْم كَانَ ثَابِتًا فِي نُفُوسهمْ - مُقَرَّرًا عِنْدهمْ، بِخِلَافِ الْأَنْفُس وَالْأَمْوَال وَالْأَعْرَاض فَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة يَسْتَبِيحُونَهَا، فَطَرَأَ الشَّرْع عَلَيْهِمْ بِأَنَّ تَحْرِيم دَم الْمُسْلِم وَمَاله وَعِرْضه أَعْظَم مِنْ تَحْرِيم الْبَلَد وَالشَّهْر وَالْيَوْم، فَلَا يَرِد كَوْن الْمُشَبَّه بِهِ أَخَفْض رُتْبَة مِنْ الْمُشَبَّه؛ لِأَنَّ الْخِطَاب إِنَّمَا وَقَعَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا اِعْتَادَهُ الْمُخَاطَبُونَ قَبْل تَقْرِير الشَّرْع.
قَوْله: (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ إِلَخْ) هُوَ عَلَى حَذْف مُضَاف، أَيْ: سَفْك دِمَائِكُمْ وَأَخْذ أَمْوَالكُمْ وَثَلْب أَعْرَاضكُمْ. وَالْعِرْض بِكَسْرِ الْعَيْن مَوْضِع الْمَدْح وَالذَّمّ مِنْ الْإِنْسَان، سَوَاء كَانَ فِي نَفْسه أَوْ سَلَفه.
قَوْله: (لِيُبَلِّغ الشَّاهِد) أَيْ: الْحَاضِر فِي الْمَجْلِس
(الْغَائِب) أَيْ: الْغَائِب عَنْهُ، وَالْمُرَاد إِمَّا تَبْلِيغ الْقَوْل الْمَذْكُور أَوْ تَبْلِيغ جَمِيع الْأَحْكَام. وَقَوْله: "مِنْهُ" صِلَة لِأَفْعَل التَّفْضِيل، وَجَازَ الْفَصْل بَيْنهمَا لِأَنَّ فِي الظَّرْف سَعَة، وَلَيْسَ الْفَاصِل أَيْضًا أَجْنَبِيًّا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد - غَيْر مَا تَقَدَّمَ - الْحَثّ عَلَى تَبْلِيغ الْعِلْم، وَجَوَاز التَّحَمُّل قَبْل كَمَالِ الْأَهْلِيَّة، وَأَنَّ الْفَهْم لَيْسَ شَرْطًا فِي الْأَدَاء، وَأَنَّهُ قَدْ يَأْتِي فِي الْآخِر مَنْ يَكُون أَفْهَم مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ لَكِنْ بِقِلَّةٍ، وَفِيهِ الْخُطْبَة عَلَى مَوْضِع عَالٍ لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعه لِلنَّاسِ وَرُؤْيَتهمْ إِيَّاهُ.
أحبتنا الكرام:
في هذا الحديث بيان لحرص الإسلام على أنفس الناس وأموالهم وأعراضهم أن تنتهك أو يعتدى عليها، والإسلام لم يكتف بتحريم هذه الأشياء دون أن يبين كيفية حمايتها والدفاع عنها، بل وضع الحدود للسرقة والقتل والزنا والقذف، كما جعل عقوبات رادعة للسلب والنهب والجرح والضرب والتشهير وما إليها من اعتداءات على أنفس الناس وأموالهم وأعراضهم كما بين الجهة المكلفة بالحماية وتطبيق الحدود والعقوبات ...فقد كلف الدولة ممثلة بالخليفة بحماية دماء الناس وأموالهم وأعراضهم وتطبيق الحدود والعقوبات على كل من تسول له نفسه استباحتها أو الاعتداء عليها ....
ودائرة الأمن الداخلي هي المسؤولة عن السهر على حماية الرعية ومنع الاعتداء على أموال الرعية سواء بالسرقة أو السلب أو النهب، وكذلك منع الاعتداء على الأنفس بالضرب أو الجرح أو القتل، ومنع الاعتداء على الأعراض بالتشهير والقذف والزنا
وتقوم دائرة الأمن الداخلي بمنع هذه الجرائم بواسطة يقظتها وحراستها ودورياتها
ثم بتنفيذ أحكام القضاء على من يقومون بالتعدي على الأموال أو الأنفس أو الأعراض ووسيلتها في ذلك هي الشرطة.
فالشرطة في دولة الإسلام هي للسهر على حماية الناس وحراستهم، لا لإرهابهم وترويعهم والتجسس عليهم كما هي حال الشرطة في أنظمة الحكم الراهنة في بلاد المسلمين، حتى لقد بات الناس اليوم يشمئزون من اسم الشرطة ويتحاشون لقاءها أو حتى مصادفتها في أي مكان، فاللهم ربنا عجل لنا بعودة الخلافة، لتعود الشرطة مفخرة للأمة، يفخر بها الناس ويكنون لها بالغ الاحترام ويستبشرون برؤية أفرادها لما توحي به رؤيتهم من شعور بالأمن والاطمئنان، اللهم اجعل هذا اليوم قريباً يا سميع يا مجيب الدعاء.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.