هل يكفي النحيب؟!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كان الحكم الجائر، الظالم، غير المسبوق، وغير المبرر تجاه الفتيات الحرائر الأربعة عشر بالسجن أحدَ عشر عاما القشة التي قصمت ظهر البعير.
فقد بدأ البعض ممن لم نكن نسمع لهم صوتا، ولا شجبا ولا حتى استنكارا، يظهر الألم والتحرج، تخرج من جوفه الآهات ونسمع منه الأنات، رغم أن جوفه لم يكن يصدر منه منذ فترة طويلة سوى الترهات، والبذاءات، والكلام المملول الذي اعتاد على ترداده سدنة الانقلاب، لقد نطق الدكتور مخيون رئيس حزب النور بعد صدور هذا الحكم الجائر قائلا: "إن ما تتعرض له فتيات ونساء مصر الآن لم يحدث في عهد مبارك ولا عبد الناصر ولا حتى في الجاهلية الأولى".
لقد اكتشف أخيرا السيد الدكتور على ماذا نحن قادمون في ظل الانقلاب الذي أيده سيادته بشروط تافهة لم يتحقق منها شيء، فلا مجلس الشورى العزيز على قلبه ظل على حاله، ولا دستوره الملفَّق بقي حيا، بل لم يستطع أن يدافع عن مادته التي لا تسمن ولا تغني من جوع! وكأن السيد نادر بكار قد تناغم مع تغريدة رئيسه في الحزب فكتب مقالا قصيرا معلقا فيه على هذا الحكم تحت عنوان "بأي ذنب سجنت" متسائلا: "أي جرم ارتكبته فتيات في الخامسة عشر؟ ذلك الذي يزج بهن في غياهب السجون سنوات تقارب أعمارهن طولا".
الغريب أن السيد بكار ألقى باللوم على قاضي الدنيا كما أسماه، وأغفل من يقف وراءه ويحثه ويحرِّضه على إصدار مثل تلك الأحكام الظالمة الجائرة المجحفة، إنهم أولئك الذين دعمهم هو وحزبه ووقف بجوارهم وساندهم في انقلابهم.
فهو يقول "لا نستجدى منك عطفا أو رحمة يا قاضي الدنيا، فلسنا نجادلك عن مجرمات باغيات، بل عن حرائر شريفات، وإن اختلفنا معهن في الرأي والتوجه، لكني أخوفك بالجبار قاضي السماوات والأرض، أخوفك بالقهار قاضي اليوم الآخر، أخوفك بمن اطلع على ضميرك ويعلم سرك وأخفى، بالذي لا يظلم مثقال ذرة ويحصي عليك أنفاسك ويعلم خواطرك".
فهلا خوّفت يا بكار بهذا الكلام السديد البليغ من يقف وراءه ويمده في طغيانه؟! هلا ذكرت الفريق السيسي بعاقبة جُرمه وإعانته وتحريضه على القتل والاعتقال والتخويف؟! هلا وجّهت نصحك وجهته الصحيحة لتنجو بفعلتك التي فعلت أنت وحزبك يوم ادعيتم أنكم وقفتم وقفتكم تلك لتحافظوا على الشباب، فإذا بكم شركاء في القتل والحرق والاعتقال؟!
وعلى الجانب الآخر نرى نائب رئيس الدعوة السلفية الشيخ ياسر برهامي يحوقل أمام هذا الحكم الصارخ في ظلمه، ويصر على الاستمرار في موقفه المهادن بل والداعم لنظام قمعي فاشي قائلا: "لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبنا الله ونعم الوكيل، فما زال خيارنا عدم الصدام مع مؤسسات الدولة، والحرص على وجود الدولة وليس هدمها، فعليكم بالدعوة إلى الله، والنصح والبيان".
فهل هذا ما أمرك به ربك؟! وهل هذا ما تحث عليه الشباب؟! أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يا شيخ؟ ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا هابت أمتي أن يقولوا للظالم : أنت ظالم! فقد تُوُدِّع منهم» [رواه الإمام أحمد]، أو قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمَّهم الله بعقاب منه» [رواه أبو داود والترمذي]، أو قوله صلى الله عليه وسلم: «من رأى سلطانًا جائرًا مستحلاً لحُرَم الله ناكثًا لعهد الله مخالفًا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل أو بقول كان على الله أن يدخله مدخله»؟ فأي حرص هذا الذي أنت حريص عليه؟! وأي خيار هذا الذي اتخذته؟! وأي دولة تلك التي تحرص عليها؟! أهي دولة ترعى شئون الناس بأحكام الإسلام وتقوم بحاجاتهم، لذا فأنت حريص على بقائها؟! أم هي الدولة القمعية المجرمة التي نعرفها منذ عقود، والتي تضرب بأحكام الله عرض الحائط؟! تقتل الناس بدم بارد! وتسجن الحرائر! وتنتهك الحرمات وترهب وتروع الناس! ويعج فيها السوء والفساد في كل جانب!! أهكذا تكون ردة الفعل ممن يفترض فيهم أنهم أصحاب الرأي الذين تشرئب لهم الأعناق؟!
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقفن أحدكم موقفًا يُقتل فيه رجل ظلمًا! فإن اللعنة تنزل على كل من حضر حين لم يدفعوا عنه، ولا يقفن أحدكم موقفًا يُضرب فيه رجل ظلمًا! فإن اللعنة تنزل على من حضره حين لم يدفعوا عنه».[المعجم الكبير للطبراني]،
فهل يكفي نحيبكم هذا يا من تقفون موقفا يُقتل فيه الناس وتُسجن فيه حرائركم؟ ألا تخشون أن تتنزل عليكم اللعنات من رب الأرباب المنتقم الجبار؟! أين نخوتكم أيها الرجال؟! إن بقيت لديكم نخوة؟ ألم تدركوا بعدُ الإثمَ العظيم الذي تقعون فيه بسكوتكم على عدم تطبيق شرع الله؟! والوزر الكبير الذي تحتملونه بعدم العمل لإقامة الخلافة الإسلامية، التي تحفظ دماء المسلمين وتصون أعراضهم وتحمي بيضتهم؟! وكيف لكم أن تدركوا ذلك وقد شاركتم من قبل في وضع دستور متهافت أوهمتم الناس بأنه دستور إسلامي؟! واليوم تشاركون كشاهدي زور على دستور أشد كفرًا وأنكى من سلفه! فلتعودوا إلى رشدكم ولتكونوا حيث يريدكم ربكم! بين الأمة ومعها تعملون مع المخلصين الذين يريدون استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الإسلامية، من خلال ترسم طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففيه وحده الفلاح والنجاح.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر