الجمعة، 25 صَفر 1446هـ| 2024/08/30م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مع الحديث الشريف الشركة في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم


نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


روى البخاري في صحيحه قال:


حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:


"أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا"


عندما فتح المسلمون خيبر لم يُجْلِ الرسولُ صلى الله عليه وسلم أهل خيبر عن أرضهم بل أقرهم عليها على أن يعملوا له فيها ولهم نصف الثمر.


وهذه المعاملة ليست إجارة، إذ الأجير يدفع له المؤجر مبلغاً محدداً من المال أجرة له, لكن إن كان العقد على أن يأخذ العامل نسبة معينة من الربح أو من الإنتاج فهو شريك وليس بأجير .....


والشركة هي عقد بين اثنين أو أكثر يتفقان على القيام بعمل مالي بقصد الربح.


وهي قائمة على الوكالة والأمانة.


والشراكة من العقود المباحة فقد جاء الإسلام والناس يتعاملون بها فأقرهم عليها فكان إقراره دليلاً على إباحتها وهي خمسة أنواع:


شركة العنان:


هي شركة بين اثنين يتعاقدان على أن يشارك كل منهما بماله وجهده في عمل تجاري, فيكونان على نفس المستوى من المسؤولية والصلاحيات, فعن علي رضي الله عنه: "الوضيعة على المال" وما دام المال من كليهما فكلاهما سيصيبه ما يطرأ على المال من خسارة.


وبما أنهما مشاركان في بدنيهما فيكون لهما نفس الصلاحيات في التصرف في الشركة على مستوى عقد الصفقات وإنفاق الأموال وكل ما يتعلق بإدارة الشركة
لذا سميت شركة العنان.


وهذا النوع من الشركة يجب أن يجعل رأس المال فيه نقوداً ....لأن النقود هي قيم الأموال وهي أثمان المبيعات ......فبها يعرف ويحدد رأس المال ومقدار الربح أوالخسارة فتحفظ الحقوق ويمنع الخلاف.


شركة الأبدان:


وهي أن يشترك اثنان أو أكثر بجهودهم فقط سواء الجسدية أو الفكرية دون أموالهم للقيام بعمل معين على أن يقسموا ما يحصلون عليه من ربح فيما بينهم حسب ما يتفقون عليه من نسب لحصص الأرباح.


ولا يشترط في الشركاء أن يكونوا أصحاب مهنة واحدة ولا أن يكونوا صناعاً, بل قد يكونون عمالا أو أطباء أو مهندسين أو سائقين أو من أي مهنة كانت.


ودليلها ما روى أبو داوود في سننه قال:


حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمَّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمَّارٌ بِشَيْءٍ".


شركة المضاربة:


وهي أن يشترك شخصان أحدهما بماله والآخر بجهده, على أن يعمل شريك الجهد (البدن) بمال شريكه في عمل تجاري, والربح بينهما حسب ما يتفقان عليه, أما الخسارة فعلى صاحب المال وحده, لقول علي رضي الله عنه: "الوضيعة على المال" . وتكون صلاحية إدارة العمل في هذه الشركة للمضارب, أي لمن يشارك ببدنه.


ودليلها : ما رواه الطبراني في المعجم الأوسط : عن ابن عباس قال : كان العباس بن عبد المطلب « إذا دفع مالا مضاربة اشترط على صاحبه: لا يسلك به بحرا، ولا ينزل به وادياً، ولا يشتري به ذات كبد رطبة، فإن فعل فهو ضامن، فرفع شرطه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجازه».


شركة الوجوه:


وهي أن يشترك بدنان بمال غيرهما, أي أن يدفع أحدٌ مالَه إلى اثنين أو أكثر مضاربة, فدليلها هو دليل شركة المضاربة.


وسبب تسميتها بشركة الوجوه مع أنها شكل من أشكال شركة المضاربة أنها تراعي وجاهة الشركاء أو بعضهم فتراعى وجاهة الشريك أو الشركاء حين تحديد نسب الأرباح بينهم.


والوجاهة المقصودة هنا هي المهارة في العمل أو حسن الإدارة أو بثقة تجار السوق بسداد الشريك لديون الشركة, فيأخذ أحد الشركاء نسبة أعلى من الربح بناء على مهارته أو حسن إدارته أو ثقة التجار به.


إلَّا أن الوجاهة لا تؤثر في الصلاحيات الشرعية في التصرف في الشركة فلجميع الشركاء بالجهد صلاحية التصرف في الشركة على حد سواء.


ومن المهم ملاحظة أن إدخال شريك بناء على وجاهته أي مكانته في المجتمع ودون أن يشارك بماله أو جهده ثم إعطاءه نسبة من الربح بناء على هذه المكانة ليس من شركة الوجوه الشرعية في شيء, بل هي شركة مخالفة للشرع , وما يأخذه ذلك الوجيه من حصة من الأرباح هو مال حرام لا يحل له أخذه إلا إذا شارك فعلا بماله أو بجهده.



شركة المفاوضة:


وهي أن يشترك الشريكان فيجمعان في عقدهما بين المضاربة والعنان والأبدان والوجوه.


ومثالها: أن يشترك مهندسان بجهدهما ومالهما فيكونان شركة عنان ويشاركا شخصا آخر بماله فقط فتكون شركة مضاربة, وأن يقوما بشراء بضاعة من السوق نسيئةً فتكون شركة أبدان بناء على ثقة التجار بهما فتكون شركة وجوه.


ودليله هو دليل الأنواع السالفة.


هذه هي أنواع الشركات في الإسلام التي كان الناس يتعاملون بها قبل الإسلام فأقرهم عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وضبطها بأحكام الإسلام.


ونلاحظ أن جميع هذه الشركات كان البدن هو محل العقد فيها, فالبدن أو الفرد هو عنصر أساسي في الشركة في الإسلام, فهي قائمة على الوكالة والأمانة ....فشريك المال يأتمن شريكه المضارب على أمواله ويوكله للعمل بها نيابة.


إننا في هذا العصر البعيد عن الإسلام لفي أشد الحاجة لمعرفة أحكام الشركات في الإسلام وشروطها وضوابطها لأننا نرى أنواعاً وأشكالاً من الشركات تُعرض علينا ونُدعى لها, فكيف سنعرف من منها موافق لشرعنا ومن يخالفه؟ لا بد لنا من تعلم أحكام ديننا وخاصة الاقتصادية منها لما تعرضت له هذه الأحكام من تغييب وتكفير وتضليل, لأن النظام الرأسمالي الغربي يحكم السوق عندنا ويسيطر على معاملاتنا الاقتصادية فيلبس علينا أحكام ديننا ....


اللهم عجل بإقامة دولة الإسلام لتعود أحكام دينك للتطبيق من جديد , فتحيى بها الأمة الإسلامية من جديد وتغيض أحكام الكفر ومفاهيمه من حياتنا.

 

أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع