مع الحديث الشريف الأجرة على الأعمال والمنافع المحرمة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لعن الله آكل الربا
روى ابن ماجة قال: - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدِيهِ وَكَاتِبَهُ".
في هذا الحديث بيان لحرمة التعامل بالربا فالتحريم لم يقتصر على آكل الربا بل شمل الطرف الآخر من المعاملة ....وهو دافع الربا ومن يشهد على هذه المعاملة المحرمة بل ومن يكتبها ......رغم أن الكاتب قد لا يكون طرفاً في المعاملة ...أي قد لا يكون أحد طرفي المعاملة آكل الربا أو مؤكله بل قد يكون أجيرا أو موظفاً .....ومع هذا شمله اللعن الذي هو الطرد من رحمة الله. فلا ينجو الأجير من إثم الربا بحجة أنه ليس صاحب مصلحة .....كلا بل إن الإجارة على العمل المحرم محرمة هي أيضاً. والموظف أو الأجير الذي يشارك فيها آثم مهما كان العمل الذي قام به، سواء أكان كتابة العقد أو إيصال المال أو استلامه أو استقبال المراجعين أو أي عمل متعلق بالمعاملة الربوية فهو معرض للعنة الله، ولو كان عمله جزئيا ورآه الأجير بسيطا أو بسطه له صاحب عمله ........
فليحذر الذين يعملون في مؤسسات تتعامل بالربا كالبنوك والشركات فإن عملهم هذا حرام ما دام يتعلق بالربا ....وليتركوه حالا ويبحثو عن عمل آخر ليس فيه تعرض لنقمة الله وسخطه ... فالأعمال المباحة كثيرة ومتنوعة وما عليه إلا أن يبحث ويتحرى الحلال ....وحتى إن لم يجد عملا فليصبر على البطالة إلى أن يأتيه الفرج ولا يوقع نفسه بالمعصية بحجة عدم توفر فرص كثيرة للعمل .....فالرزق مصدره الله تعالى وليس العمل...بل العمل هو سبب من الأسباب التي يتحصل فيها الرزق ....وقد يحصل منها الرزق وقد لا يحصل ....إذ الرزق بيد الله يهبه لمن يشاء وبقدر ما يشاء ....لا مانع ولا معقب لحكمه وهو الرزاق الكريم.
وكما أن الأعمال المحرمة تحرم الإجارة عليها فكذلك المنافع المحرمة تحرم الإجارة عليها فتحرم الإجارة على الميتة والخمرة والخنزير وأي صنف آخر من المحرمات.
لما رواه أبو داوود في سننه قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَاهُمْ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَافِقِيِّ أَنَّهُمَا سَمِعَا ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ".
فالحديث فيه دلالة على تحريم الخمر وتحريم العمل بها كالإجارة على عصرها أو نقلها أو تسويقها أو اسقائها للزبائن أو أي معاملة تتعلق بها.
وقد يقول قائل أن مثل هذه المعاملات لا يستطيع الإنسان التحرز منها لأنها عامة وطامة .....والتحريم يحتاج إلى أن يتبع بالمنع والمحاسبة والعقوبة لمن لم يرتدع ........
وأقول أن هذا بسبب النظام الوضعي المطبق علينا من قبل حكام رويبضات طائعين للغرب عاصين لله .....أما لو كان لنا دولة راعية وحاكما حانا رشيدا لما وجدنا تلك الأعمال رائجة ولا تلك المعاملات متاحة, وإذن لأعفينا ضعاف النفوس من الوقوع في إثم استحلال حرمات الله, وإغواء البسطاء للمشاركة في تلك الأعمال المقيتة.
فلنحذر إخوتي الكرام من العمل في أي عمل محرم أو في أي منفعة محرمة لأنها ما كانت لتزيد في رزقنا شيئا, اللهم إلا إنقاصاً للمال وذهابا لبركته بل وَمَحْقَهُ ....
هذا في الدنيا, أما في الآخرة فغضب ولعن من الله شديد ....اللهم إنا نعوذ بك من سخطك وغضبك ونسألك العافية من كل إثم والسلامة من كل بر, ولا حول ولا قوة إلا بك.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.