مع الحديث الشريف من أصبح آمنا في سربه
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى الترمذي في سننه، قال: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَمَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي شُمَيْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا".
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَحِيزَتْ: جُمِعَتْ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ نَحْوَهُ، وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
قَوْلُهُ: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ): أَيْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ. (آمِنًا): أَيْ غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ عَدُوٍّ. (فِي سِرْبِهِ): لِمَشْهُورِ كَسْرِ السِّينِ أَيْ فِي نَفْسِهِ، وَقِيلَ: السِّرْبُ الْجَمَاعَةُ، فَالْمَعْنَى فِي أَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، وَقِيلَ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ فِي مَسْلَكِهِ وَطَرِيقِهِ، وَقِيلَ: بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ فِي بَيْتِهِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْقَارِي عَنْ بَعْضِ الشُّرَّاحِ. وَقَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رحمه الله: أَبَى بَعْضُهُمْ إِلَّا السَّرَبَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ: أَيْ فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ رِوَايَةَ، وَلَوْ سَلِمَ لَهُ قَوْلُهُ أَنْ يُطْلَقَ السَّرَبَ عَلَى كُلِّ بَيْتٍ، كَانَ قَوْلُهُ هَذَا حَرِيّا بِأَنْ يَكُونَ أَقْوَى الْأَقَاوِيلِ إِلَّا أَنَّ السَّرَبَ يُقَالُ لِلْبَيْتِ الَّذِي هُوَ فِي الْأَرْضِ. وَفِي الْقَامُوسِ: السَّرْبُ الطَّرِيقُ وَبِالْكَسْرِ الطَّرِيقُ وَالْبَالُ وَالْقَلْبُ وَالنَّفْسُ وَالْجَمَاعَةُ، وَبِالتَّحْرِيكِ جُحْرُ الْوَحْشِيِّ وَالْحَفِيرُ تَحْتَ الْأَرْضِ، اِنْتَهَى. فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ الْمُبَالَغَةَ فِي حُصُولِ الْأَمْنِ وَلَوْ فِي بَيْتٍ تَحْتَ الْأَرْضِ ضَيِّقٍ كَجُحْرِ الْوَحْشِ أَوْ التَّشْبِيهِ بِهِ فِي خَفَائِهِ وَعَدَمِ ضَيَاعِهِ.
(مُعَافًى): اِسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ بَابِ الْمُفَاعَلَةِ أَيْ صَحِيحًا سَالِمًا مِنْ الْعِلَلِ وَالْأَسْقَامِ . (فِي جَسَدِهِ): أَيْ بَدَنِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا
(عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ): أَيْ كِفَايَةُ قُوتِهِ مِنْ وَجْهِ الْحَلَالِ.
(فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ): بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنْ الْحِيَازَةِ وَهِيَ الْجَمْعُ وَالضَّمُّ
(لَهُ): الضَّمِيرُ عَائِدٌ لِمَنْ, رَابِطٌ لِلْجُمْلَةِ أَيْ جُمِعَتْ لَهُ (الدُّنْيَا)
وَزَادَ فِي الْمِشْكَاةِ بِحَذَافِيرِهَا. قَالَ الْقَارِي أَيْ بِتَمَامِهَا وَالْحَذَافِيرُ الْجَوَانِبُ، وَقِيلَ الْأَعَالِي وَاحِدُهَا حِذْفَارٌ أَوْ حُذْفُورٌ. وَالْمَعْنَى فَكَأَنَّمَا أُعْطِيَ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا اِنْتَهَى.
هذا الحديث الشريف من جوامع الكلم التي بينت لنا غاية ما يحتاجه الإنسان في هذه الحياة الدنيا من أساسيات لا تستقر حياته بدونها وهي:
الأمن الذي يعني الطمأنينة على النفس والمال والولد والعرض، وهذا يوفره المسكن المناسب الذي يقي الحر والقر وغائلة الدهر...فالمسكن المريح من أهم حاجات الإنسان التي يسعى للحصول عليها. وحق له ذلك.
الصحة البدنية والعقلية والنفسية التي تجعل صاحبها قادرا على خوض غمار الحياة ... وتجعل عقله قادرا على التفكر في معضلاتها...فيقبل على العمل نشيطا قويا ليكسب رزقه ورزق من يعول, ويقبل على العبادة بهمة ونشاط, فينال من الله بإذنه القبول ....ويحمل هم نفسه وأسرته بل وهم أمته كما كلفه به رب العالمين.
القوت: والقوت: ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام كما جاء في المعجم الوسيط. وكما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: بحسب امرئ لقيمات يقمن صلبه.
فحاجات الإنسان الأساسية هذه يجب توفرها لكل فرد حتى يستطيع العيش الكريم ويكون إنسانا صالحا قادرا على القيام بتكاليف الحياة ....
فهل هذه الأشياء متوفرة لكل إنسان في هذا العصر؟ ....إن نظرة واسعة إلى العالم ترينا الجياع والعراة والمرضى والخائفين يملئون الأرض من أفريقيا إلى آسيا إلى أوروبا وأمريكا فحتى هذه البلاد التي تدعي المحافظة على حقوق الإنسان ....فإن الفاقة والمرض والخوف وانعدام الأمن ينتشر بين شعوبها.
العالم بحاجة إلى نظام مسؤول ودولة حانية راعية تطبق أحكامه وترعى أفراده وتحميهم وتوفر لكل فرد فيهم الحاجات الأساسية من أمن وصحة وقوت ...وتمكنه من الحصول على الرفاهية والكماليات بقدر ما يستطيع...هذا النظام الذي يفتقده العالم ليس إلا نظام الإسلام، وهذه الدولة هي دولة الإسلام دولة الخلافة التي يفتقدها المسلمون بل تفتقدها الإنسانية ....فهلا غذذنا الخطى لإعادتها من جديد ليعود العالم ينعم بالكفاية والأمن من جديد؟
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.