الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مع الحديث الشريف فيما سقت الأنهار والغيم العشور

بسم الله الرحمن الرحيم


نحييكم جميعا أيها في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

روى مسلم في صحيحه قال:


حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَعَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، كُلُّهُمْ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ.


أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فِيمَا سَقَتْ الْأنهار وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ".


جاء في شرح النووي على مسلم:


قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:


(فِيمَا سَقَتْ الْأنهار وَالْغَيْم الْعُشُور وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْف الْعُشْر)


ضَبَطْنَاهُ (الْعُشُور) بِضَمِّ الْعَيْن جَمْع عُشْر، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض: ضَبَطْنَاهُ عَنْ عَامَّة شُيُوخنَا بِفَتْحِ الْعَيْن جَمْع، وَهُوَ اِسْم لِلْمُخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ صَاحِب مَطَالِع الْأَنْوَار: أَكْثَر الشُّيُوخ يَقُولُونَهُ بِالضَّمِّ وَصَوَابه الْفَتْح، وَهَذَا الَّذِي اِدَّعَاهُ مِنْ الصَّوَاب لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَقَدْ اِعْتَرَفَ بِأَنَّ أَكْثَر الرُّوَاة رَوَوْهُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الصَّوَاب جَمْع عُشْر، وَقَدْ اِتَّفَقُوا عَلَى قَوْلهمْ: عُشُور أهل الذِّمَّة بِالضَّمِّ وَهُوَ الصَّوَاب جَمْع عُشْر، وَلَا فَرْق بَيْن اللَّفْظَيْنِ.


وَأَمَّا الْغَيْم - هُنَا فَبِفَتْحِ الْغَيْن الْمُعْجَمَة - وَهُوَ الْمَطَر، وَجَاءَ فِي غَيْر مُسْلِم (الْغَيْل) بِاللَّامِ، قَالَ أَبُو عُبَيْد: هُوَ مَا جَرَى مِنْ الْمِيَاه فِي الْأنهار، وَهُوَ سَيْل دُون السَّيْل الْكَبِير. وَقَالَ اِبْن السِّكِّيت: هُوَ الْمَاء الْجَارِي عَلَى الْأرض.


وَأَمَّا السَّانِيَة: فَهُوَ الْبَعِير الَّذِي يُسْقَى بِهِ الْمَاء مِنْ الْبِئْر، وَيُقَال لَهُ: النَّاضِح، يُقَال مِنْهُ: سَنَا يَسْنُو إِذَا أُسْقِيَ بِهِ.


وَفِي هَذَا الْحَدِيث وُجُوب الْعُشْر فِيمَا سُقِيَ بِمَاءِ السَّمَاء وَالْأنهار وَنَحْوهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مُؤْنَة كَثِيرَة، وَنِصْف الْعُشْر فِيمَا سُقِيَ بِالنَّوَاضِحِ وَغَيْرهَا مِمَّا فِيهِ مُؤْنَة كَثِيرَة، وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ. وَلَكِنْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي أَنَّهُ هَلْ تَجِب الزَّكَاة فِي كُلّ مَا أَخْرَجَتْ الْأرض مِنْ الثِّمَار وَالزُّرُوع وَالرَّيَاحِين وَغَيْرهَا إِلَّا الْحَشِيش وَالْحَطَب وَنَحْوهمَا؟ أَمْ يَخْتَصّ؟ فَعَمَّمَ أَبُو حَنِيفَة، وَخَصَّصَ الْجُمْهُور عَلَى اِخْتِلَاف لَهُمْ فِيمَا يَخْتَصّ بِهِ، وَهُوَ مَعْرُوف فِي كُتُب الْفِقْه.


لقد بين الحديث الشريف أحد الأحكام المتعلقة بالأرض .....وهو حكم دفع العشر أو نصف العشر على ناتج الأرض, فما هي الأرض التي يجب فيها دفع العشور
لقد وضع الإسلام للأرض أحكاما تبين حقها وواجبها, كما بين ما لمالك الأرض من حقوق فيها وما عليه من واجبات.


وللأرض في الإسلام رقبة ومنفعة فالرقبة هي أصل الأرض والمنفعة هي استعمالها سواء في الزراعة أو في غيرها.


وقد جعل الإسلام الأرض نوعين:


أرضاً عشرية وأرضاً خراجية.


فالعشرية هي التي أسلم أهلها عليها كإندونيسيا أو فتحت دون قتال كأرض بني النضير وكذلك فإن أرض جزيرة العرب عشرية رغم أنها فتحت عنوة.


والأرض العشرية رقبتها ومنفعتها ملك لمالكها.


والواجب في هذه الأرض هو العشر إن كانت تسقى بماء الأنهار أو المطر سقياً طبيعيا ويؤخذ من الناتج الفعلي للأرض.....أما إن كانت تسقى بالساقية سقياً اصطناعياً ففيها نصف العشر على الناتج الفعلي للأرض كما جاء في الحديث الشريف.


وهذا العشر مستمعينا الكرام هو زكاة ويوضع في بيت المال مع أموال الزكاة ولا يصرف إلا للأصناف الثمانية المذكورين في الآية الكريمة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) ...التوبة


أما إن انتقلت ملكية الأرض العشرية إلى غير مسلم فإنه لا يدفع العشر لأنه ليس من أهله لذا فإنه يدفع الخراج لأنه من أهله ولأن الأرض لا تخلو من وظيفة .....فإما العشر وإما الخراج.


أما الأرض الخراجية: فهي الأرض التي فتحت عنوة أو صلحاً.


فإن فتحت بالحرب عنوة كانت رقبة الأرض ملكاً للدولة الإسلامية.


وإن فتحت صلحاً وكان الصلح على أن الأرض لنا وأن نقر أهلها عليها مقابل خراج يدفعونه فإن رقبتها للدولة ويبقى الخراج عليها أبدياً حتى لو انتقلت ملكيتها إلى مسلمين بالشراء أو بإسلام أهلها عليها.


أما إن كان الصلح على أن الأرض لهم وأن تبقى في أيديهم مقابل خراج معلوم يضرب عليهم فهذا الخراج يكون بمثابة الجزية ....ويسقط بإسلامهم أو ببيعهم الأرض إلى مسلم فتصبح الأرض عشرية ....أما إن بيعت لكافر فإن الخراج يبقى عليها ولا يسقط لأن الكافر من أهل الخراج والجزية.


وما يجب في الأرض الخراجية هو الخراج ويقدر من قبل الدولة على صاحب الأرض بحسب إنتاج الأرض التقديري عادة لا الإنتاج الفعلي, على أن يقدر على الأرض بقدر احتمالها فلا يظلم صاحب الأرض ولا بيت المال.


ومن الجدير ذكره أن الأرض الخراجية الأبدية إن ملكها المسلم وجب عليه فيها العشر إضافة إلى الخراج.


هذه أيها الإخوة الكرام بعض أحكام الأرض في الإسلام ....أسأل الله العلي القدير أن يعجل بدولة الخلافة الراشدة الثانية لتعيد وضع هذه الأحكام موضع التطبيق كما كانت في عهد الإسلام الزاهر ..........اللهم آمين


أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع