الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مع الحديث الشريف من أدب التدريس

بسم الله الرحمن الرحيم

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم مع الحديث الشريف ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


عَنْ شَقِيقٍ قَالَ: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَابِ عَبْدِ اللَّهِ نَنْتَظِرُهُ فَمَرَّ بِنَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِيُّ فَقُلْنَا: أَعْلِمْهُ بِمَكَانِنَا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: إِنِّي أُخْبَرُ بِمَكَانِكُمْ فَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الْأَيَّامِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا" متفق عليه.


جاء في شرحِ النوويِّ بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ { قَوْلُهُ (السَّآمَة) بِالْمَدِّ: الْمَلَل.


وَقَوْلُه: (أُمِلَّكُمْ)، أَيْ: أُوقِعَكُمْ فِي الْمَلَلِ وَهُوَ الضَّجَر،


وَمَعْنَى (يَتَخَوَّلُنَا): يَتَعَاهَدُنَا، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَفْسِيرِهَا، قَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: يُصْلِحُنَا، وَقِيلَ: يُفَاجِئُنَا بِهَا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: يَدْلُلْنَا، وَقِيلَ: يَحْبِسُنَا كَمَا يَحْبِسُ الْإِنْسَانُ خَوَلَهُ، وَهُوَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ عِنْد جَمِيعِهِمْ إِلَّا أَبَا عَمْرٍو فَقَالَ: هِيَ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ يَطْلُبُ حَالَاتِهِمْ وَأَوْقَاتَ نَشَاطِهِمْ.


وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: الِاقْتِصَادُ فِي الْمَوْعِظَة، لِئَلَّا تَمَلَّهَا الْقُلُوبُ فَيَفُوتَ مَقْصُودُهَا}.


وذكر ابْنُ حَجَرٍ في فَتْحِهِ بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ {قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَادُ أَنَّهُ كَانَ يُرَاعِي الْأَوْقَاتَ فِي تَعْلِيمِهِمْ وَوَعْظِهِمْ وَلَا يَفْعَلُهُ كُلَّ يَوْمٍ خَشْيَةَ الْمَلَل، وَالتَّخَوُّلُ التَّعَهُّد، وَقِيلَ إِنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَسَّرَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَتَفَقَّدُ أَحْوَالَهُمْ الَّتِي يَحْصُلُ لَهُمْ فِيهَا النَّشَاطُ لِلْمَوْعِظَةِ فَيَعِظُهُمْ فِيهَا وَلَا يُكْثِرُ عَلَيْهِمْ لِئَلَّا يَمَلُّوا،


قَوْلُهُ (كَرَاهِيَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا) أَيْ أَنْ تَقَعَ مِنَّا السَّآمَةُ، وَأَنَّ السَّآمَةَ ضُمِّنَتْ مَعْنَى الْمَشَقَّة.


وَفِيهِ رِفْقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ وَحُسْنُ التَّوَصُّلِ إِلَى تَعْلِيمِهِمْ وَتَفْهِيمِهِمْ لِيَأْخُذُوا عَنْهُ بِنَشَاطٍ لَا عَنْ ضَجَرٍ وَلَا مَلَل، وَيُقْتَدَى بِهِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ التَّعْلِيمَ بِالتَّدْرِيجِ أَخَفُّ مُؤْنَةً وَأَدْعَى إِلَى الثَّبَاتِ مِنْ أَخْذِهِ بِالْكَدِّ وَالْمُغَالَبَة. وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِابْنِ مَسْعُودٍ لِمُتَابَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَمُحَافَظَتُهُ عَلَى ذَلِكَ}.


إنّ من أدَبِ التّدريسِ أنْ يتَخَوَّلَ المُدرِّسُ الناسَ بالدَّرْسِ حتى لا يَمَلَّهُم، فعليهِ الإِجمالُ في الخِطابِ بحيثُ يكونُ كلامُهُ يَسيراً جامِعاً بليغاً، فالإكثارُ من الكَلامِ يُوْرِثُ الْمَلَلَ، فوقَ أنّهُ مَظَنَّةُ السَّقْطِ والْخَلَلِ والْخَطَأ، عن ابنِ عبّاسٍ رضي اللهُ عنهما قال: «حَدِّثِ النّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَكْثَرْتَ فَثَلاثاً، ولا تَمَلَّ النّاسَ مِنْ هذا الْقُرْآنِ، ولا تَأْتِ الْقَوْمَ وَهُمْ فِيْ حَدِيثٍ فَتَقْطَعَ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُمْ فَتَمَلَّهُمْ، وَلَكِنْ أَنْصِتْ فَإِذا أَمَرُوكَ فَحَدِّثْهُمْ وَهُمْ يَشْتَهُونَهُ، وَإِيّاكَ وَالسَّجْعَ فِيْ الدُّعاءِ، فَإِنّيْ عَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ عليه الصلاة والسلام وَأَصْحابَهُ لا يَفْعَلُونَهُ»رواهُ البُخاريّ.


أحبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع