مع الحديث الشريف باب تعجيل الإفطار
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في "باب تعجيل الإفطار"
حدثنا عبدُ الله بنُ يوسفَ أخبرنا مالكٌ عن أبي حازمٍ عن سهلِ بنِ سعدٍ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يزال الناسُ بخيرٍ ما عَجَّلوا الفِطْر".
إن ممّا يطلبه الحديثُ تعجيلَ الإفطارِ للصائم، فهذه سنةٌ إذا تحقَّقَ غُروبُ الشمسِ، يقول الله تعالى: "وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر" سورة البقرة الآيةُ 187، ويقول عليه الصلاة والسلام: "لا تزال أمتي على سنتي، ما لم تنتظرْ بفِطرِها النجومَ". وهناك أحاديثُ أخرى تبينُ أيضا، أن التبكيرَ بالإفطارِ من سنةِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم.
إلا أن العادةَ قد جرت في عصرِنا الراهن، بأن نتناول طعام الإفطار، إذا أذن المؤذن لصلاة المغرب، كما أن العادةَ جرت أيضا بأنْ يُؤَخَّرَ رَفْعُ أذانِ المغربِ قليلاً عَقِبَ غِيابِ الشمس، وهذا يجعلُ الصائمين يؤخرون الإفطارَ عن موعدِهِ، فهذا التأخيرُ مُخالفٌ للسنة النبوية، فعلى الصائمين أن يتثبتوا من المدةِ التي يُؤخِّر فيها المؤذنون أذانَ المغربِ فيتلافَوْها تحقيقاً لأمرِ رسولِ الله صلى اللهُ عليه وسلم بتعجيلِ الفطرِ، ولو أدى ذلك بهم إلى أن يفطروا قبلَ رَفْعِ الأَذانِ، بشرطِ أن يتحقَّقوا من غِيابِ الشمسِ. فالسنة النبوية أحقُّ وأولى بالإتباع مما جرت به عادة الناس في أيامنا هذه.
ويدلُّنا الحديثُ الشريفُ أيضاً على ضرورةِ التزامِ أمرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، الذي بَلَّغَنا إياهُ عن اللهِ تعالى، فليس لأحدٍ أنْ يقولَ: زيادةُ الخيرِ خيرٌ، فيؤخِّرَ الفطْرَ، لأنَّ الخيرَ لا يعلمُهُ إلاّ اللهُ سبحانه وتعالى، فنمسِكُ عن الطعام والشرابِ حينَ تبيُّنِ الخيطِ الأبيضِ من الخيطِ الأسودِ من الفجرِ كما أمرَ الله تعالى، ونُفطِرُ بدخولِ الليلِ، بغِيابِ الشمسِ. وننفِّذُ أمرَ اللهِ سبحانَه وتعالى على وجهِهِ الذي أرادَه اللهُ، ولا نجعلُ لعقولِناً مدخلاً سوى فهمِ النصّ.
وهنا أيضاً لا بدَّ من التنبُّهِ إلى ضرورةِ دخولٍ جزءٍ يسيرٍ من الليل، تحقيقاً لأمرِ اللهِ سبحانه: (ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ) فإن الليلَ هو غايةُ الصيامِ، ولا بدَّ من دخولِ جزءٍ من الغايةِ في الْمُغَيَّا لتحقيق الأمر، كما هو مُقَرَّرٌ في علمِ الأصولِ، كمثلِ دخولِ المرافقِ في غَسلِ اليدينِ في الوضوء، لوجود حرف الغاية المكانية (إلى) في قوله تعالى: (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)، لكنَّ الغايةَ في الآيةِ موضعِ حديثِنا غايةٌ زمانية، وهي دخولُ بعضِ الليلِ ثم الإفطار.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.