بَعدَ إِعلانِها خلافةً على منهاجِ النُبوة الحلقة السابعة اللغةُ العربيةُ لغةً رسميةً لِلدولة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
فهيَ اللغةُ الرسميةُ لِلتخاطبِ محلياً ودولياً، وهي لغةُ التثقيفِ والتعليمِ والإعلام، ويُرجعُ إلى نصوصِها ومدلولاتِها في حاِل حصلَ خِلافٌ على نصٍّ من نصوصِ المعاهداتِ والاتفاقياتِ بين الدولةِ وغيرِها من الدول.
وهذا واجبٌ شرعيٌ، لأنها لغةُ القرآنِ والسنة، ولا يتمُ الاجتهادُ في نصوصِهما ومعرفةُ الأحكامِ منهما إلا باللغةِ العربية.
ناهيك عن أن إعجازَ القرآنِ جاءَ بها، وإعجازُهُ جزءٌ من العقيدةِ الإسلاميةِ. وأنّ الصلاةَ، وهيَ ركنٌ من أركانِ الإسلامِ، لا تُقْبَلُ ولا تكونُ مُجزئةً إلا بقراءةِ القرآنِ، والقرآنُ لا يكونُ قرآناً إلا بِاللغةِ العربية.
وأما تعلّمُ لغاتٍ أخرى غير العربيةِ فهو فرضٌ على الكفايةِ، تقومُ بهِ الدولةُ قَدرَ ما يسدُّ حاجتِها، بناءً على القاعدةِ الشرعيةِ: "ما لا يتمُّ الواجبُ إلا بهِ فهو واجبٌ"، لِرعايةِ الشئونِ وحملِ الدعوة.
إنَّ الثقافةَ الإسلاميةَ هي ما جاءت به العقيدةُ - أي النصوصُ الشرعيةُ: آيات وأحاديث-، وما كانت العقيدةُ الإسلاميةُ سبباً في بحثِه: مثل علومُ اللغةِ العربيةِ. وبهذا اعتُبِرتْ اللغةُ العربيةُ عنصراً أساسياً من عناصِرِ الثقافةِ الإسلاميةِ. إذ أنه لا يمكن فَهمُ ما جاءتْ به العقيدةُ من آياتٍ وأحاديثَ إلا باللغةِ العربية. وكان لا بدَّ مِن مزجِ الطاقةِ العربيةِ بالطاقةِ الإسلاميةِ لتتّحِدَ اللغةُ العربيةُ بالإسلامِ كما أرادها اللهُ. ولما فيهما من القدرةِ على التأثيرِ والتوسعِ والانتشارِ.
أما قدرةُ اللغةِ العربيةِ على التأثيرِ فذلك لِسعةِ ما فيها من المفرداتِ التي تمكِّنُ من تصويرِ الواقِعِ تصويراً دقيقاً في المقابلِ بحيثُ يُجسِّدُ الحادِثَ أو الواقِعَ له كأنَّهُ يراهُ على حقيقتهِ. فحينَ وُضِعَ في اللغةِ - على سبيلِ المثال- سبعينَ اسماً للأسد، فقد كانت هذه الأسماءُ تصوِّرُ الأسدَ في كلِ حالةٍ هو فيها وليستَ ألفاظاً مُترادفة. إن هذه القدرةَ على تصويرِ الوقائعِ والأحداثِ لها أبلغُ الأثرِ في المقابل.
أما التوسعُ فإنّ ما احتوتهُ اللغةُ العربيةُ مِن قواعِدَ في النحتِ والاشتقاقِ والتعريبِ والتشبيهِ، يجعلها تتسِعُ لما يَستجِدُّ من أشياءَ ووقائِعَ وأحداث. فتلكَ اللغةَ العظيمةَ الطيّعةَ تخاطِبُ عقلَ الإنسانِ وتدعوهُ للتفكيرِ حتى يَصِلَ بتفكيرهِ هذا إلى الإيمانِ بهذهِ النصوصِ، وقابليتِها لمعالجةِ كافَّةِ مشاكِله، فإمكانيةُ التوسّعِ في الإسلام إنما تعني إمكانيةَ معالجتِهِ لكافّةِ المشاكلِ التي تُجابِهُ الإنسانَ في الحياةِ الدنيا. وأما الانتشارُ فإنها لاقترانِها بالإسلامِ وكونِها لغةَ القرآنِ لا يُقرأ إلا بِها، من البديهي أن تَنْتَشِرَ في كل قُطرٍ يَصِلُ إليه الإسلامُ.
لذلك كانَ لِزاماً أن تكون لغةُ الدولةِ الرسميةِ هي اللغةَ العربية، لما تحمِلُهُ مِن طاقة، وما وصلَ المسلمونَ إلى ما فيهِ من الانحدارِ إلا مِن سوءِ فهمَ الإسلامِ، مِن إهمالِ اللغةِ العربية. فقد تمَّ فصلُ الطاقةِ العربيةِ عن الطاقةِ الإسلاميةِ بعدَ القرنِ السابعِ الهجري، وأُبعِدتْ اللغةُ العربيةُ عن انفرادِها بتصريفِ شئونِ الحكمِ والدولة. فكان هذا مؤذناً بانحطاطِهم بِضعف فهمِهم للإسلام، وجمودِ الإسلامِ وعجزهِ عن مجاراةِ شئونِ العصرِ لأنّهُ أدى إلى إغلاقِ بابِ الاجتهاد، وقالَ فُقهاءُ ذلك العصرِ ما تركَ الأوائلُ مقالةً لقائل.هذا ما ستكسِبُهُ الأمةُ عِندَ عودةِ الخلافةِ "اللغةُ العربيةُ لغةً رسميةً للدولة"، وتحمِلُها الدولة في فتوحاتِها مع دعوتِها إلى الإِسلام.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف