خبر وتعليق على العلماء أن يجتمعوا على كلمة واحدة لمحاربة الفكر التكفيري
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
تحت العنوان أعلاه أوردت جريدة "الشرق الأوسط" على موقعها الإلكتروني خبرا جاء فيه: أكد الدكتور عبد الكريم الخصاونة مفتي ديار الأردن، أن «العالم العربي الآن يعاني من مشكلة الإرهاب الخطيرة التي لم تستثنِ بلدا من البلدان ولا شعبا من الشعوب.. وأن دعوة الأزهر لعقد مؤتمر عن (الإرهاب والتطرف) جاءت لتعالج هذا المرض الخبيث الذي أصاب الأمة وينتشر انتشار الأمراض المعدية، لذلك كان لا بد من تضافر الجهود من أجل أن يجتمع العلماء في الأزهر، ليظهروا الخطر الذي تتعرض له الأمة من هذا المرض المترامي الأطراف، ورسم الخطة التي يسير عليها كل العالم، خاصة العلماء أصحاب الفكر في بلدانهم»، لافتا إلى أنه على علماء الأمة أن يتصدوا للفكر المتطرف بمعالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ويحثوا المتطرفين على العودة إلى الفكر الإسلامي الصحيح.
وأضاف الشيخ الخصاونة خلال تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، في القاهرة، على هامش مشاركته في فعاليات مؤتمر الأزهر «الإرهاب والتطرف»، الذي عُقد أخيرا بمصر، أن «التطرف فكر منحرف؛ فهم يفكرون ويكفرون ثم يفجرون ويقتلون، والإسلام حارب التطرف، لأنه ليس من الإسلام بشيء، لمغالاته في كل الأمور وبه جهل وظلم»، لافتا إلى أن «المتطرفين يقتلون الأبرياء ويشوهون صورة الإسلام السمحة البيضاء النقية.. الصورة التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم في اليسر واللين واللطف، والله تعالي وصف نبيه الكريم، فقال: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).. فالمتطرفون نُزِعت منهم الرحمة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تنزع الرحمة إلا من شقي)».
التعليق:
إن كان المتطرفون على حد تعبير الشيخ الخصاونة ليس في قلوبهم رحمة، فإن حكام المسلمين كذلك ليس في قلوبهم رحمة ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، وإن كان المتطرفون يفجرون ويقتلون، فإن حكام المسلمين أيضا يفجرون ويقتلون ويسفكون دماء المسلمين التي عصمها الله تعالى إلا بحقها، بغير وجه حق، بل إنهم يسفكون دماء المسلمين ظلما وجورا وعدوانا، ابتغاء مرضاة الغرب الكافر، والمحافظة على كراسي حكمهم المعوجة قوائمها، وإن كان المتطرفون يقتلون الأبرياء ويشوهون صورة الإسلام السمحة البيضاء النقية، فإن حكام المسلمين يحاربون الإسلام، ويقتلون حملته، ويعتقلونهم ويعذبونهم ويزجون بهم في غيابات السجون، وإن كان المتطرفون يقومون بكل ما يقوموا به، تأويلا منهم بغية إقامة دولة الإسلام وتحكيم شرع الله، فإن حكام المسلمين يحكمون بغير ما أنزل الله سبحانه وتعالى، ويبذلون أقصى طاقتهم لمنع إقامة دولة الإسلام، وبالتالي منع تحكيم شرع الله تبارك وتعالى.
لذلك ألم يكن من واجب علماء المسلمين يا شيخ خصاونة أن يعقدوا مؤتمرا ليظهروا الخطر الذي تتعرض له الأمة من عدم تحكيم شرع الله في واقع حياتهم؟ ألم يكن من واجبك أن تدعو إلى تضافر الجهود من أجل أن يجتمع العلماء في الأزهر، ليطالبوا الحكام بتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى، أو أن يعلنوا انضمامهم لصفوف العاملين لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ورسم الخطة التي يسير عليها كل المسلمين في العالم، خاصة العلماء أصحاب الفكر في بلدانهم من أجل إقامة الخلافة التي أمرنا الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بإقامتها؟ ألم تعلم يا سماحة المفتي أن التصدي للفكر المتطرف ومعالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي أدت إلى وجوده، والعودة إلى الفكر الإسلامي الصحيح، إنما تكون بإيجاد الأرضية الخصبة لذلك، وهي أن يكون الفكر الإسلامي الصحيح موجودا ومطبقا عمليا في واقع حياة المسلمين ومجتمعهم، وأن هذا لا يكون إلا إذا كانت دولة الإسلام الخلافة على منهاج النبوة قائمة؟
إن الرحمة التي أرسل الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، لا تعني ما تفترونه من بقاء الناس على كفرهم وشركهم وإلحادهم، وكل يغني على ليلاه، وإنما تعني إدخال الناس في دين الله وخضوعهم لأحكامه، أو إخضاع من بقي على كفره منهم لأحكام الإسلام ليروا عدله وسماحته فيدخلوا في دين الله أفواجا، ولا أخالك ممن يخفى عليهم قول ربعي بن عامر رضي الله عنه الذي صور رحمة الإسلام لرستم في عدة عبارات حيث قال: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله".
إلى مفتي الأردن، وإلى كل العلماء الذين ينضحون من نفس الإناء الذي ينضح منه، أقول: أيها العلماء اعلموا أن كل يوم، بل كل لحظة تمضي من أعماركم تقربكم من المثول بين يدي الواحد الديان تبارك وتعالى، وأنه محاسبكم على أقوالكم وأفعالكم، وعلى موالاتكم لحكام المسلمين الخونة، وتزيين سوء أعمالهم. فإما أن تحسنوا فيما بقي من أعماركم، فيغفر الله لكم ما مضى من أعمالكم، إما أن تحسنوا خاتمتكم بنفض أيديكم من الحكام ولفظهم لفظ النواة، ومن ثم العمل مع العاملين للإطاحة بهم وإسقاط أنظمتهم، وإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وإما أن يصدق فيكم قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أنكم دعاة على أبواب جهنم، عن حذيفة بن اليمان قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَكُونُ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: «هُمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا».
أخيرا إن أعظم الناس غبناً يوم القيامة من باع آخرته بدنيا غيره، فلا تبيعَنَّ أيها المفتي آخرتك بدنيا ملك الأردن العميل سليل العملاء، ولا تبيعُنَّ يا علماء المسلمين آخرتكم بدنيا حكامكم العملاء، واشتروا آخرتكم بطاعة ربكم في دنياكم.
ألا قد بلغت اللهم فاشهد
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد عبد الملك