الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق ما تريده أميركا هو تأجيج الأزمة الأوكرانية

بسم الله الرحمن الرحيم


الخبر:


أوردت وسائل الإعلام يوم الجمعة 26 كانون الأول/ ديسمبر خبراً يفيد بأن المؤسسة الأوكرانية لنقل المسافرين براً (UkrTransInspectsiya) أرسلت رسائل إلى شركات النقل وأصحاب محطات حافلات نقل الركاب تطلب فيها وقف بيع التذاكر ونقل المسافرين على الطرق التي تصل أوكرانيا بجمهورية القرم المتمتعة بالحكم الذاتي اعتباراً من 26 كانون الأول/ ديسمبر، وذلك بالنظر إلى ازدياد تأزم الأوضاع في القرم.


والأسوأ من هذا هو أن هذه الأوامر قد جاءت مباشرة عقب قرار الإدارة العامة الأوكرانية للنقل بالقطارات (UkrZaliznitsya) وقف جميع خدمات نقل المسافرين والبضائع بين أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.

 

التعليق:


يجب ألا ينظر إلى هذه الأحداث بمعزل عن التطورات التي شهدتها الأزمة الأوكرانية خلال الأسابيع الفائتة. فقد تمت الموافقة في 2 كانون الأول/ ديسمبر على الحكومة الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء آرسيني ياتسينيوك. وهي تضم 3 وزراء أجانب تخرجوا من جامعات الولايات المتحدة. كما كان أحدهم، هو ناتالي آن جاريسكو، قد عمل في وزارة الخارجية الأميركية في بدايات عقد التسعينات من القرن الماضي.


وفي 18 كانون الأول/ ديسمبر وقع رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما المرسوم رقم H.R. 5859 "قانون دعم تحرر أوكرانيا لسنة 2014"، الذي ينص على تقديم الدعم التقني والعسكري لأوكرانيا، وتوسيع نطاق العقوبات المفروضة على روسيا ليشمل الميدان العسكري ومجال الطاقة.


كما كانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند قد صرحت قبل ذلك بيوم واحد فقط بأن الإدارة الأميركية تنتظر من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومن الجهات الدولية المانحة الأخرى أيضاً، القيام بزيادة المساعدات المالية المقدمة لأوكرانيا.


كذلك وقع باراك أوباما يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر قراراً بفرض عقوبات جديدة تشمل تجميد أموال الأشخاص العاديين والشركات التي ستعمل في القرم.


وفي 23 كانون الأول/ ديسمبر صوت البرلمان الأوكراني بالأغلبية الدستورية لصالح إلغاء وضع "عدم الانحياز" الذي كانت تنتهجه البلاد. ومن المعروف أن هذا الإلغاء يتصل على نحو وثيق بنيّة التقدم بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وعلى الرغم من أن أمين عام الحلف، جينس ستولتينبيرغ، لم يكن متحمساً لهذا الإلغاء، حيث صرح بأنه يتوجب على أوكرانيا أولاً إدخال إصلاحات وحلّ النزاعات المناطقية القائمة فيها، وأن الحلف لن يقوم بهذه العملية بذاته، كان ردّ فعل المؤسسة الروسية الرسمية متردداً.


كما بدأت أوكرانيا في 24 كانون الأول/ ديسمبر بقطع الكهرباء عن العديد من المدن والمناطق في القرم.


وأخيراً، قيل في 26 - 28 كانون الأول/ ديسمبر أنه سيتم قطع جميع خطوط المواصلات مع القرم، سواء منها خطوط الحافلات أو القطارات.


والأنكى هو ما نشرته بعض وسائل الإعلام في 26 كانون الأول/ ديسمبر عن قرار شركة الخدمات المالية فيزا وقف تزويد البنوك الروسية العاملة في القرم بخدماتها، وذلك امتثالاً من الشركة للعقوبات آنفة الذكر.


وفوق ما سبق، جاء قيام السلطات الأوكرانية بقطع إمدادات الكهرباء وخدمات المواصلات مع القرم، خصوصاً في ظروف الشتاء القاسية حالياً؛ ما من شأنه أن يؤذي ويؤلم السلطات الجديدة في القرم، التي كانت قد وعدت سكان شبه الجزيرة بحياة ملؤها الرخاء بعد الانضمام إلى الاتحاد الروسي.


زد على ذلك، أن استخدام القوة لفتح ممر بري على طول الساحل الشمالي لبحر اللازوف، الذي جرى الحديث عنه خلال الصيف والخريف، أصبح أمراً مستحيلاً. إذ إن الاقتصاد الروسي، في ظل العقوبات التي يفرضها الغرب على روسيا وانخفاض أسعار النفط، لن يكون في مقدوره تحمّل نتائج غزو عسكري روسي مكشوف وواسع للأراضي الأوكرانية.


لكن ما يجب ألا يغيب عن الذهن أن اتخاذ هذه الخطوات، التي تتسم بالتصميم والتحدّي، من جانب الحكومة الأوكرانية، وفي ظل هذه الأوضاع المتأزمة أصلاً، ما كان له أن يحصل لولا الموافقة المسبقة للمسؤولين الأميركيين عليها ومباركتهم إياها.


وعليه، فإن من الواضح أن الولايات المتحدة ترمي من وراء هذه الخطوات إلى تصعيد الأزمة الأوكرانية، وذلك أن مصالح أميركا الاستراتيجية تقضي بخلق حالة من عدم الاستقرار طويل الأمد على حدود منافسيها: أوروبا وروسيا. ولقد طبقت الولايات المتحدة هذه الاستراتيجية، ولا زالت، منذ مجيء فيكتور يوشينكو إلى السلطة مع بداية 2005.


نعم، ربما تكون الولايات المتحدة قد حققت هدفها من هذه الأزمة، ألا وهو إضعاف أوروبا وروسيا. وربما كانت تريد من وراء هذه الأعمال إنهاء هذه الأزمة بإجبار روسيا على العودة والوفاء بالتزاماتها الدولية والتزاماتها تجاه أوكرانيا. لكن هذا الأمر لا يبدو سهل المنال.


أما بالنسبة لأوكرانيا ذاتها، فإن مصيبتها تكمن في الوضع الذي هي عليه. إذ ليست لديها القدرات المالية، ولا الإرادة السياسية، وهذا هو الأهم، لوضع وانتهاج سياسة مستقلة في الدفاع عن سيادتها ووحدة ترابها الوطني. فآثرت الركون إلى القوى الخارجية والاعتماد عليها، وعلى رأسها الولايات المتحدة، الأمر الذي جعل حاضرها ومستقبلها في مهب الريح، حتى غدت منطلَق جميع الأزمات في هذه الأيام. وهذا هو السبب في انهيار وتفكك الكثير من الدول في العالم في عصرنا، وهو عينه سبب أزمتها الحالية: بحثها عن قوى خارجية تعتمد عليها طوال فترة وجودها السابقة وعدم رغبتها في الاعتماد على قدراتها وقواها الذاتية.


ومن ناحية الولايات المتحدة، فإنها لا تهمها أوكرانيا ولا الشعب الأوكراني. بل على العكس تماماً، لا يعنيها شعب أوكرانيا ولا سيادتها ولا مواردها ولا إمكاناتها المستقبلية إلا بقدر ما تكون هذه كلها أدوات ووسائل لتنفيذ استراتيجيتها الرامية لإضعاف أوروبا وروسيا.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فضل أمزاييف
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكرانيا

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع