خبر وتعليق يأمرون المرأة بأن تستأسد لتنجو من الفقر!!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
أعلن الاتحاد الأفريقي تبنيه لفكرة تمكين المرأة في ختام دورته الـ24 المنعقدة في أديس أبابا (العاصمة الإثيوبية) نهاية الشهر الماضي، وقد حملت الدورة شعار "2015 عام تمكين المرأة والتنمية، نحو تحقيق أجندة 2063 لإفريقيا." ثم توالى عقد الورش التي تنادي بضرورة تعزيز مشاركة المرأة وتمثيلها في هياكل صناعة القرار في إفريقيا والربط بين تمكين المرأة وتحقيق أهداف الألفية بالقضاء على الفقر.
التعليق:
أصدر البنك الدولي في نهاية العام الماضي دليلاً مرجعيًا استهدف كافة أشكال العنف ضد المرأة وتعرض للعلاقة بين العنف وانعدام المساواة بين الجنسين وتعثر التنمية الاجتماعية والاقتصادية والإخفاق في تحقيق الأهداف المتفق عليها دوليًا، خاصة الأهداف الإنمائية المعنية بمكافحة الفقر. وذكر التقرير أن من أكثر أشكال عدم المساواة ظلمًا زواج الأطفال وختان الإناث وجرائم الشرف والعنف المنزلي والاغتصاب والحرمان الاقتصادي. وقد استدل التقرير بالتكلفة الباهظة لمعالجة إصابات العنف الأسري واستشهد بتقارير عن تكلفة علاج ضحايا العنف الأسري في أمريكا التي تؤكد على "أن تكلفة الرعاية الصحية للنساء اللاتي تعرضن للإيذاء البدني تزيد بنسبة 42 في المائة عن مستواها للنساء اللاتي لم يتعرضن للإيذاء. وتقدر دراسة حديثة أن إجمالي التكلفة الاقتصادية لا يقل عن 5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، أي أكثر من ضعف ما تنفقه الحكومات على التعليم الابتدائي". كذلك "أكد التقرير الدولي أيضاً على أن تعنيف المرأة يحول دون مشاركة المرأة والفتاة بنفس قدر الرجل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويبقيها إلى الأبد في دائرة الفقر. وربط البنك الدولي بين العنف ضد المرأة الذي يؤدي لمعاناة رهيبة للضحية وبين التكلفة الاقتصادية الباهظة التي تؤثر سلبًا على الأسرة والمجتمع والاقتصاد وتحاصر المرأة في دائرة الفقر كما أنها تخلق تحديات جسيمة للدول النامية حيث تؤثر على الإنتاجية وتؤدي لتبديد الدخل والإنفاق على الخدمات." (موقع البنك الدولي 2014/12/3)
ترتكز المبادرة الدولية على جملة من الإجراءات المعقدة والمتداخلة ولكن أبرزها المزج بين المناداة بتمكين المرأة عبر تحقيق مساواة كاملة في توزيع الأراضي وفرص العمل ووضع إطار قانوني ومؤسسي يستجيب "للنوع الاجتماعي"، وتعزيز مشاركة المرأة وتمثيلها، وبين تمكينها اقتصاديًا عبر مشاريع الـ micro-finance أو التمويل الأصغر وهو عبارة عن (قروض صغيرة ومشاريع محدودة لتعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة). وقد بدأت الهيئات الدولية في تطبيع الفكرة منذ مدة وتناولت بعض الأقلام المؤيدة نجاحات فردية لبعض النساء في الزراعة والمشاريع الإستثمارية وغضت الطرف عن الفقر والغلاء والبؤس الذي يعيشه الملايين في القارة المظلمة. ووضعوا الإنجازات الفردية تحت المجهر وحاولوا التعتيم على تسونامي الفساد ونهب الثروات وتبديد المال العام والبون الشاسع بين الأثرياء والفقراء. تعاموا عن المشكلات الآنية وركزوا فقط على تضخيم المشاريع الصغيرة وإبراز بعض النجاحات لبرامج القروض الصغيرة وكأن هذه المكاسب المحدودة تعالج ويلات القارة المنكبة المنهوبة.
هذه الدراسات الدولية المنمّقة التي يحتفي بها الساسة التابعون للغرب لا تعني للمهمشين أي شيء ولكن تثير فضول كل من يطلع عليها.. ماذا يريد البنك الدولي وأتباعه من المرأة الإفريقية المغلوبة على أمرها، بعد أن كبلوا البلاد بالديون والنظريات العقيمة؟! وأي تمكين هذا الذي ستناله المرأة المعيلة التي لا تجد من يتولى شؤونها بل تنفق على زوج مريض ينتظر الموت وتعيل أطفالا يحلمون بقوارب الموت للخلاص من حياة آبائهم وأجدادهم؟!.. وأي تمكين تناله فتاة تعيش في مناطق الحروب والنزاعات وغاية أملها في الحياة ماء نظيف ومراحيض صحية داخل المنزل بدلاً من رحلة الشقاء اليومي وتعرض الذئاب البشرية لها؟!.. أي تمكين لنسوة يعشن بين المعادن والكنوز ولا يرين من خيرات بلادهن حتى الفتات؟! ثم هل تطعم المرأة أطفالها تمكينًا وتكسوهم مساواة؟!!
وكأن البنك الدولي ومن يأتمرون بأمره ويسيرون خلفه لم يكفهم فشل سياساتهم فرموا التهمة على الرجل الإفريقي ثم خلعوه ليتوجوا المرأة مكانه ويضعوا على كتفها المنهك حمل انتشال القارة من أزماتها. يا له من تناقض، يزعمون أن المرأة هي الضحية الأولى لمشكلات القارة فهي التي تعاني من الفقر والمرض وانعدام الأمن والأمان، ثم يكلفونها بتنمية قارة تحتكر المراكز العشر الأخيرة في قائمة أسوأ دولة تعيش فيها الأمهات.. ويسمونه تمكيناً!!
يقول تعالى: ﴿قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّـهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّـهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هدى محمد (أم يحيى)